زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

الكشف عن السر

بدأنا الاستعداد للكشف عن السر، وشكلت البعثة برئاستي وعضوية د. طارق العوضي ومصطفى الحكش (أثريين)، وكذلك د. أيمن حامد (جيولوجي) ورئيس الحفائر؛ وأول الاستعدادات كانت تغطية حجرة الدفن تماماً لكي نحمي المناظر من الأتربة التي سوف تتم إزالتها من داخل السرداب. وقد فطن الجيولوجي أيمن حامد إلى أنه من الضروري أن يتم تدعيم السقف بأسياخ حديدية، ويتم التدعيم بالتدريج. وبعد ذلك فطنا إلى عمل «ديكوفيل» من داخل المقبرة تجر على قضبان حديدية، حتى يتم عن طريق هذه العربات نقل الرديم من الداخل إلى خارج السرداب، وبعد ذلك يمكن للعمال حمل الرديم لمسافة 98 متراً داخل المقبرة إلى الخارج مباشرة.
أنا أعتبر هذا العمل من أهم الأعمال التي قمت بها وأشرفت عليها، وبخاصة لأن الأعمال الكبيرة كان يقوم بها الأجانب فقط، ولكن الذين كانوا يقومون بالعمل الفعلي هم المصريون تحت إشراف الأجانب. ولذلك عندما عُيّنت أميناً عاماً للمجلس الأعلى للآثار أطلقت المبادرة التي تقول: «يجب أن نكون علماء في آثارنا قبل أن يكون الأجانب علماء فيها».
وبدأنا في إزالة الرديم والأحجار من الداخل، وعندما وصلنا إلى مسافة 222 قدماً عثرنا على بعض الآثار من أحجار عليها اسم الملك سيتي الأول، بالإضافة إلى تمثال أوشابتي - وتعني المجيبة - وهي تماثيل كانت توضع داخل المقبرة لكي تجيب عن الأسئلة التي توجه إلى المتوفى في العالم الآخر. وقد وصلنا إلى مسافة نحو 80 متراً وعثرنا على نموذج مركب من الفيانس، وبعد ذلك وصلنا إلى مسافة 100 متر عند المنطقة التي وصل إليها العمال التابعون للشيخ علي، وبدلاً من أن يستمروا في الحفر في الاتجاه الصحيح وجدنا أنهم دخلوا في منطقة أخرى جبلية يحفرون فيها، ولكن بدأنا العمل في الاتجاه الصحيح حتى قابلنا خمس درجات سلم، وجدنا أمامها أخشاب من الممكن أن تكون استخدمت في نقل الأحجار. وبعد ذلك وجدنا أن النفق لا يحتاج إلى التدعيم بالحديد، لأن النفق أصبح منحوتا في الصخر وقد تكون هذه مفاجأة. وبعد ذلك وجدنا نصاً هيراطيقياً (أحد خطوط الكتابة المصرية القديمة) يقول: «مع النفق وعليه». ثم عثرنا على بوابات، بالإضافة إلى أن الحائط الشرقي وجدنا أنه معد للطريقة الشبكية لعمل المناظر بعد ذلك. وعندما حفرنا أمام السلالم الخمسة وجدنا أن عددها زاد إلى 54 سلمة. وبعد ذلك استكملنا الحفر حتى وصلنا إلى مجموعة سلالم أخرى وصل عددها إلى 34 سلمة، حتى وصل إلى مسافة 174.5 متر. والمفاجأة أن النفق أصبح مسدوداً تماماً، ولا يوجد شيء آخر خلفه، وكنت سعيداً جداً لأننا كشفنا السر الذي شغل بال علماء الآثار. وفي هذا المكان وجدنا المنطقة التي توقف العمال فيها عن الحفر؛ حيث يبدو أنهم كانوا يعملون إلى أن جاء أحد ينادي ويقول: «مات الملك»، وبلا شك أن موت الملك يجعلهم يتوقفون عن الحفر تماماً. ومن المعروف أن الملك سيتي الأول حكم أقل من 12 سنة، ولذلك لم يسعفه الوقت لبناء مقبرة داخل مقبرة لأن الشغل الشاغل لدى الفراعنة هو إخفاء حجرة الدفن، ولذلك أعتقد أن ابنه الملك رمسيس الثاني توجد مقبرته أيضاً في الوادي قد فعل ما لم يستطع أبوه أن يفعله، وأن هناك مقبرة داخل مقبرة الملك رمسيس الثاني كاملة ولم تُحفر حتى الآن، وأعتقد أن هذه المقبرة بها سر آخر لم يُكشف بعد.