حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

السعودية المفترى عليها

المملكة العربية السعودية تتعرض في القديم والحديث لحملات إعلامية ممنهجة ومركزة مهما كان الخط الذي تسلكه، ومهما كان المنهج الذي ترتأيه، ومهما غيرت فيه وعدلت وطورت وبدلت، ومهما كانت صدقية مواقفها تجاه القضايا الإقليمية والعربية والإسلامية، ومهما بذلت وأعطت وقدمت وساهمت، فالسعودية تتصدر قائمة داعمي القضية الفلسطينية مادياً ومعنوياً وفي كل المحافل الدولية، وتتصدر أيضاً قائمة الدول الأكثر انتقاداً لمواقفها ودعمها، وفي هذا السياق يقول الباحث والكاتب الصحافي الصديق الدكتور محمد السعيدي في إحدى تغريداته مؤخراً «لا يخدعوك ويقولوا إنهم يهاجمونك باسم الإسلام، فلا أعرف دولة في العالم تطبق الإسلام في داخلها وتنشره خارج أرضه وتعتني بقضايا المسلمين في عهد كل ملوكها مثل السعودية، ومن قال غير ذلك فإنما قاله بطراً للحق وغمطاً للناس».
والمثال الصارخ على تعرض المملكة لحملات إعلامية ممنهجة حتى لو انحازت للحق البيِّن ضد ظلمٍ بيِّن، هو موقفها التاريخي الصعب من احتلال نظام صدام حسين للكويت، فهو عدوان صريح وسياستها إزاء هذا العدوان القاضي بضرورة التحالف الدولي لتخليص الكويت من هذا الاحتلال موقف يسنده الشرع والمنطق والقوانين الدولية، وهو بالإضافة لغايته الكبيرة في إنهاء احتلال باطل يُعتبر إجراءً وقائياً حتمياً لوقف زحف احتلالي محتمل بقوة ليس للسعودية فقط بل وبقية دول الخليج العربي الغنية بالموارد الطبيعية، ومع ذلك كان هناك عدد من المواقف العربية على المستويين الشعبي والرسمي بين تأييد لصدام بالسر أو العلن، أو مواقف رخوة انطلقت من ضمير رخو، ولا تسل عن الحملات الإعلامية الهوجاء المؤيدة لصدام الديكتاتور الظالم، والمهاجمة للسعودية التي تتعرض لتهديد وعدوان حقيقيين.
والدليل الفاقع على عدم موضوعية بعض الحملات الإعلامية ضد المملكة والتي تكيل بمكيالين، أنهم حين يسمعون عن شائعات عن تواصل بين مسؤولين سعوديين ومسؤولين إسرائيليين يسلقون الحكومة السعودية بألسنة حدادٍ أشحةٍ على الخير، ويكيلونها بالعمالة والارتهان للخارج، وإذا حصل نفس التواصل حقيقة وليس شائعات بين مسؤولين من دول أخرى حليفة لهم أوجدوا لهذه الدول مبررات معلبة كالموازنات والبراغماتية، وقل ذات الشيء عن مقدار التزام الحكومة السعودية بمرجعية الإسلام، ففي العهود التي كانت أوثق صلة بالمرجعية الإسلامية كان رواد الحملة الإعلامية الممنهجة ضد السعودية يتهمونها باستغلال الدين وتوظيفه في السياسة، وحين أعلنت الحكومة عن سلسلة من الانفتاحات في الترفيه والسياحة اتهمها رواد ذات الإعلامية الممنهجة بالانفلات عن مرجعيتها. يقول الدكتور محمد السعيدي موجهاً كلامه للمواطن السعودي «لا يخدعوك ويقولوا إنهم غيارى على الدين بسبب ما استجد في بلادنا مما يسميه البعض انفتاحاً فهم كاذبون، ودليل ذلك مواقفهم من بلادنا قبل ذلك الانفتاح، هل كانوا يحمدون ما نحن فيه؟ الجواب: لا، فألسنتهم سليطة على بلادنا قبل الانفتاح وبعده، فمحركهم الغيرة منا لا الغيرة علينا».