زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

خيانة المرأة عند الفراعنة

قبل أن أتحدث عن خيانة المرأة في العصر الفرعوني، أود أن أشير إلى أن الأدب المصري القديم قد أورد بعض القصص التي تشير إلى هذا الموضوع، وهذا من دون شك لا يقلل من قيمة المرأة الفرعونية، خصوصاً أن الفراعنة بشر مثلنا، ولذلك سوف أتحدث أولاً وأقول إن الفراعنة أعطوا للمرأة حقوقاً لم تحصل عليها أي سيدة في العالم القديم. وإن علاقة الحب والمودة كانت أساساً للزواج. وقد تحدثنا عن صورة المرأة الفرعونية في الأدب المصري القديم، ووجدنا أنها قد وصلت إلى درجة عالية من التقدير، خصوصاً لأن أسطورة إيزيس وأوزيريس كانت اللبنة الأولى في بناء المجتمع المصري القديم، ويتضح أنه لولا إيزيس لما كان هناك هذا النهر العظيم الذي أصبح مقدساً لدى الفراعنة، لأن مياهه هي دموع إيزيس عندما بكت على قتل أخيها وزوجها أوزيريس، وفي الوقت نفسه لولاها لما كانت هناك دولة عظيمة، لأنها أنجبت الولد الذي استطاع أن يهزم الشر بعد أن ربته إيزيس في الأحراش، ولذلك أصبح كل ملك هو حورس المنتصر العظيم.
أما عن الحب في حياة المرأة، فسوف نعرف أن الفراعنة كان لديهم أدب الغزل، ففي أحد أشعار الغزل التي يرويها المحبوب لمحبوبته يقول: «إنه حب آختي حبيبتي على ذلك الشاطئ يفصل بيني وبينها مجرى ماء وتمساح يرقد على الشاطئ الرملي، ولكني عندما أنزل أسبح في الفيضان وقلبي جسور... المياه قد أصبحت كاليابسة من تحت أقدامي، إنه هو الذي يبث فيّ كل هذه القوة»... «ليتني كنت خادماً لكي أكون قريباً منها... ليتني كنت الخاتم الذي في أصبعها».
وعن أجمل تصور للخيانة عند الفراعنة، سوف نرى خيانة المرأة لزوجها من خلال قصة الأخوين التي تنفّر من الخيانة وتصورها لتكون درساً وعبرة، أي إن المجتمع لم يُقرّ الخيانة، ودوّن هذه القصة التي تصور أسرة مصرية تتكون من أخوين يعيشان معاً؛ الأكبر متزوج، بينما الصغير ما زال أعزب، وكان يساعد أخاه الأكبر في كل الأعمال. وتصور لنا القصة إعجاب الزوجة بالأخ الأصغر وانتهازها فرصة عودته منفرداً إلى البيت لأخذ البذور لاستكمال بذر الحبوب في الأرض، فأغلقت أبواب البيت وراودته عن نفسه، ولما أدرك الأخ سوء مقصدها، قال لها إن «أخي الأكبر هو رب نعمتي وقد أحسن تربيتي؛ فهل أخونه في زوجته؟»، فأضمرت له الكيد في قلبها، وعندما عاد زوجها في المساء ادّعت أن أخاه الأصغر راودها عن نفسها، وعندما عرف الزوج بذلك قرر قتل أخيه عندما يعود في المساء من الحقل بالماشية، وعندما اقترب الأخ الأصغر من البيت أحس بالخيانة، ففر هارباً، ولكن أخاه أدركه... وتتدخل هنا الآلهة لبيان صدق الأخ الأصغر والمكيدة التي دبرت له، وينتقم الزوج من زوجته شر انتقام. ومن القصص اللطيفة أيضاً عن خيانة المرأة أن أحد الكهنة طلب من الملك أن يرافقه لأنه سوف يرى شيئاً عجيباً، ولما ذهب معه الملك وقف الكاهن أما البحيرة وقال للملك: «انظر... زوجتي تخونني وهي تستحم الآن مع حبيبها»، وفي هذه اللحظة قام الكاهن بصنع تمساح من الشمع ووضعه في الماء فأصبح تمساحاً ضخماً وهجم على الزوجة وحبيبها وافترسهما.
ويتضح من هذه القصص أن هناك قصصاً للخيانة عند الفراعنة.