المقاطعة ليست انتقاماً
> أصدر مهرجان القاهرة قبل يومين بياناً قال فيه إن لجنته العليا عقدت اجتماعاً طارئاً لبحث ما أثير في الإعلام من أن اختيار المخرج كلود ليلوش، الذي سيتم الاحتفاء بسينماه في الدورة المقبلة من المهرجان (تنعقد ما بين 20 و30 نوفمبر (تشرين الثاني) إنما هو تطبيع ثقافي كون المخرج صرّح بمواقف مؤيدة لإسرائيل.
> ربما فعل وربما لم يفعل. وإذا فعل فمن حقه كونه يعبر عن رأيه ولا نستطيع الحجر عليه ورفضه ورفع اللافتات لهذا السبب. طبعاً كون القاهرة عاصمة تشبه القلب بالنسبة للعالم العربي فإن المسألة حسّاسة، لكن عليها أن تكون بادئ ذي بدء عادلة.
> على الاختيار ألا يكون سياسياً إلا إذا ما كان الرجل لديه بالفعل ما يُخشى منه. علاقة استثنائية أو تأييد أعمى يرفعه بمناسبة أو دون مناسبة. المقاطعة ليست انتقاماً من أي شخص، عبّر ذات يوم عن حبه لبلد ما. في الخمسينات والستينات والسبعينات كان معظم المثقفين الغربيين مع إسرائيل في حروبها. كانوا ينظرون إليها كبلد يدافع عن حقه في الوجود - فقط.
> اليوم غير الأمس والأمور تكشفت فأبدت ما كان مستتراً. المثقفون باتوا يدركون أن إسرائيل لم تحتل أرضاً بلا شعب، ما ادعت، وأن عليها مسؤوليات حيال الشعب الذي كان ولا يزال يعيش فيها. وهناك حركة مقاطعة ناشطة تقوم على هذه الحقائق وحدها.
> لكن من الخطأ اعتبار أن صاحب كل كلمة قيلت في الغرب عبر فيها عن حبه أو تأييده لإسرائيل هو عدو. على العكس ليحضر وليشاهد بنفسه وليستمع وليحاضر وليعود معززاً كما جاء. لربح جولاتنا الثقافية والفنية في عالم اليوم، علينا أن نرتفع للمناسبة وأن يكون جدالنا حضارياً وثقافتنا عالية وإدراكنا موثق وغير متشنج.
> دعوه يأتي وقابلوه بتلك الروح الحضارية والثقافية فلعله يعود إلى بلاده برؤية جديدة. هذا متوقف علينا وليس عليه. متوقف على إشعاره بأننا منفتحون وعادلون. لو نفّذنا مقاطعة لبدا هو المظلوم ولابتسمت إسرائيل لنفسها كونها لا تتوقع منا سوى ذلك.
المشهد
https://aawsat.com/home/article/1431161/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF
المشهد
المشهد
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة