مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

تذكرة للواهمين حول السعودية

تقف الدولة السعودية اليوم أمام عاصفة هوجاء من الهجوم الإعلامي، والتوظيف السياسي الفجّ، لحادثة موت الصحافي السعودي جمال خاشقجي، بسبب رعونة من موظفين، تم القبض عليهم وبدأ التحقيق معهم، واضح أنه لم يكن هدفهم الأصلي قتل الرجل.
بالنسبة للحملات العالمية المغرضة ضد السعودية، باستغلال قصة جمال، يقال هل تريدون معرفة ماذا جرى؟ ومن يتحمله؟ ومن سيحاسب؟
تمّ ذلك... أم ثمة غاية أخرى مطلوبة من السعودية؟!
هذه تذكرة للواهمين...
عمر الدولة السعودية بكل أطوارها «الحديثة» قارب 300 عام، حيث كان إطلاق شارة البداية للمشروع السعودي الكبير في الجزيرة العربية عام 1744م، وتمددت تلك الإمبراطورية إلى أقاصي الشرق والغرب والشمال والجنوب في بلاد العرب.
فبعد عدة حملات عثمانية مخفقة، من خلال ولاتها على العراق أو مصر، كانت الحملة الأشرس بقيادة جنرال الشرق الأخطر، إبراهيم باشا، وبعد وفاة سعود العظيم، لتسقط الدرعية بعد ملحمة صمود عام 1818، لكن لم يمض على الأمر سوى 4 سنوات تقريبا لتعاود الدولة الظهور بمعجزة وجبروت على يد المؤسس الثاني الإمام تركي بن عبد الله، وهو والد جد الملك المؤسس الثالث عبد العزيز.
وبعد فتن داخلية ومؤامرات خارجية، هوت الدولة الثانية، لكن لسنوات معدودة، ثم سطعت الشمس السعودية من مفرق اليمامة في كبد الجزيرة العربية، وصاح بشير الصباح من على أسوار قلعة الرياض، صبيحة يوم من أيام 1902. وظلت الدولة السعودية الثالثة من يومها صامدة متطورة، تكسرت على متونها رشقات الأعداء ونزغات الخونة من الداخل.
مرّ 6 ملوك من أنجال المؤسس للدولة الثالثة، عاصروا منذ حياة والدهم وبعد توليهم الحكم كل تحديات القرن العشرين، من الحربين العالميتين الأولى والثانية، ثم مؤامرات الحرب الباردة وانقلاباتها بين المعسكرين الشرقي والغربي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وأبحروا ببلدهم وشعبهم إلى برّ الأمان.
وبعد ذلك، في العام 1990 تبخّرت الكويت من الخريطة، وابتلعها جيش صدام العراقي، فرفضت السعودية الأمر، وأعادت الكويت رغم ضجيج «الإخوان» واليسار والقومجية العرب، واليسار العالمي كله.
لتهبّ بعدها فتنة «الصحوة» من جماعة الفقيه والمسعري والحوالي والعودة وغيرهم؛ لإشعال الفتنة في السعودية، فتكسرت نصال هؤلاء على صخرة الدولة السعودية.
وكان آخر تلك الفتن، تحريض ما سمي بالربيع العربي، الذي أودى بحكام وتلاعب بدول عربية، فأسقطت السعودية تلك المؤامرة، ودافعت عن البحرين ومصر بشراسة وصلابة، من مؤامرات أطراف، بعضهم من أحباب جمال.
هذا الفصل من ابتزاز السعودية بقصة جمال خاشقجي... مثل ما سبقه... مهما عوت رياح العاصفة.