مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

نعم... نعم... نعم

هو شاب صغير أعرفه من خلال والده، وسألته عن دراسته فقال إنني ولله الحمد قد تخرجت، والتحقت كمتدرب ومراسل في إحدى المؤسسات الصحافية، ولكنني أعاني بعض الشيء من تسلط رئيسي ومتطلباته الكثيرة التي يكلفني بها، خصوصاً ما يتعلق بالاستبيانات الميدانية للجماهير.
قلت له: إن هذا شيء رائع وما المشكلة في ذلك، قال: إنني بالأمس وقفت على ناصية الشارع (الفلاني) الذي يعج بالناس ممسكاً بقلمي وورقتي، وكلما حاولت إيقاف أحدهم لأخذ رأيه بالموضوع الذي كلفت به، كان يصدني ويمضي في طريقه ولا يلقي لي بالاً.
قلت له: عندي لك فكرة أتمنى أن تجربها، فاعتدل في جلسته و«فرصع» عينيه وقال: ما هي؟! سألته: هل لديك صديق تثق به وتجاوب معك؟! قال: ما أكثرهم.
قلت: إذاً دعه يأتي معك حاملاً آلة تصوير تلتقط الوقائع حتى لو كانت لا تعمل، وأنت أمسك بميكرفون تسجيل يعمل، واستوقف الناس وسترى النتيجة.
وبعد يومين اتصل بي فرحاً يشكرني على اقتراحي قائلاً: إن الكل تهافتوا عليّ يجيبون عن استطلاعتي، وكل واحد منهم يصلح هندامه ويبتسم للكاميرا، وبعد أن انتهيت فرغت الإجابات كتابياً، ولأول مرة وجدت إشادة من رئيسي، مع مكافأة لم أتوقعها.
قلت له: إنني طلبت منك أن تفعل ذلك لكي أثبت لك فقط أن (النرجسية) متغلغلة في جينات البشر، رغم أنهم لا يعترفون بذلك.

**
الحمد لله أن المرأة في بلادنا أصبحت تثبت جدارتها في كل مجالات العمل، وللدلالة على ذلك ها هي أمينة صندوق في أحد المرافق عندما وقفت تلقي تقريرها أو شرحها قائلة:
قبل أن أقدم لكم تقريري هذا عن أمانة الصندوق، أريد أن أوضح لكم أن الأرقام (الدقيقة) التي استخدمتها فيه، إنما هي أرقام (تقريبية) فقط.
هل فهمتم حاجة؟!...... ولا أنا.
**
يقولون: إن القبلة هي طريقة جيدة لتذكرك بأن رأسين خير من رأس واحد.
وأنا أرد عليهم قائلاً: على شرط ألا يكون أحد الرأسين مزكوماً ويعاطس في وجه الرأس الآخر.
**
لو أن كل إنسان لا يتكلم إلاّ إذا كان يعرف حقيقة ما يتكلم به، لساد الكون كله سكون عميق.
ولن تسمعوا وقتها سوى صوتي الوحيد وهو يردد: نعم، نعم، نعم.