مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الحب من أول نظرة

كم أنا معجب بألمعية ذلك الحاكم الذي أقدم على فكرة جهنمية لم يسبقه إليها أي حاكم في العالم، لا ماضياً ولا حاضراً، وهو براخاد هيبوك، ولا أعرف كيف كتبته - ولا أدري هل هو صحيح أم غلط - وأرجوكم صححوني، فأغلاطي لو تركتها على عواهنها لسدت عين الشمس، إلا ما شاء الله.
هذا الحاكم الذي يقال له براخاد كان متربعاً على عرش سيام - أي تايلند - في عام 1925. وتفتقت عبقريته وهو بكامل سلطته عن أن يستميل شركتين للتأمين، ويتفق معهما على دفع أقساط معينة لهما طالما أنه ظل محتفظاً بالحكم، وإذا ما أبعد عن الحكم لسبب أو آخر، تدفع له الشركتان تعويضاً؛ مقدار ما كان يتقاضاه عندما كان حاكماً، وذلك طوال حياته، من مخصصات هو وعائلته طالما كانوا على الوجود.
ووافقت الشركتان لأن العرض كان مغرياً جداً، والتزم هو بالعقد، وأخذ يدفع بانتظام الأقساط المترتبة عليه لهما من دون أي تأخير، وكانت هذه أكبر صفقة في تاريخ هاتين الشريكتين، واستمر على هذا المنوال لمدة عشر سنوات. وفي عام 1935، حصل انقلاب عليه، ومن حسن حظه أنهم لم يقتلوه أو يسجنوه، وإنما سفّروه أو نفوه، مع قطع كل رواتبه ومستحقاته.
وذهب هو مع عائلته إلى أجمل جزيرة في المحيط الهادي، واضطرت الشركتان - حسب العقد – إلى أن تدفعا له شهرياً ما كان يتلقاه وهو رئيس، وهذا يعادل عشرة أضعاف ما كان يدفعه لهما كتأمين، ولم يأخذه (هادم اللذات) إلى القبر إلا عام 1941.
وما كادت الشركتان تتنفسان الصعداء بموته حتى أسرعتا بقطع المخصصات، وإذا بالأبناء كأنهم (نقطة غليص) نشبوا بحلوقهم، ووكلوا مؤسسة محاماة كبيرة طالبتهما باحترام العقد الذي ينص على دفع تلك المخصصات لأبنائه وأحفاده وسلالته طالما أنها لم تنقطع، والمأساة أن الشركتين انصاعتا مرغمتين، ويقال إنهما بعد عدة أعوام أعلنتا إفلاسهما.
***
ذهبت بمعية رجل مشهور إلى إحدى المآدب، وقابلنا أحد الضيوف الذي تفاجأ برؤية الرجل، ومن شدّة فرحه صاح قائلاً: مش معقول، أنت (فلان)، والله لم أتوقع إطلاقاً أن أقابلك كما أنت، بشحمك ولحمك.
فرد عليه سريعاً: صدقت، إنني لا أتركهما نهائياً.
وللمعلومية فوزن رجل الأعمال تقريباً هو 150 كيلوغراماً، ثلاثة أرباعها هي شحم ولحم.
***
هل تعرفون ماذا يعني (الحب من أول نظرة)؟! أنا أقول لكم: إنه يعني ولا يزيد على تشخيص طبيب لمريض بناء على مصافحته، هذا إلا إذا كان المريض مصاباً بـ(الجدري)، ووجهه ممتلئ بالحفر والمطبّات كبعض الشوارع.