مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

عقيدة «فيسبوك» وجماعة السيليكون

ما هو الجامع بين مارك زوكربيرغ، مؤسس «فيسبوك»، وجاك دورسي، مؤسس «تويتر»، مثلاً؟
أشياء كثيرة، فهما شابان، مغرمان بالتكنولوجيا، ثريان بشكل مخيف طبعاً، وشهيران، ويكرهان الملابس الرسمية، وشابان «كول»، لكن هناك ما هو أهم، فكلاهما من صناع «وادي السيليكون» معقل صناعة البرمجيات والديجيتال و«السوشيال ميديا» في كاليفورنيا.
هذا المعقل، الذي يطلق عليه البعض «حكومة العالم الخفية» نظراً لحجم وشمول وعمق التأثير الذي تحدثه تطبيقات ومنصات هذه الشركات على شعوب العالم كلها وحالة الوئام أو الخصام بالدنيا قاطبة.
هذا المعقل باعتراف أحد أربابه الكبار، زوكربيرغ، هو «مكان يساري للغاية» كما جاء في شهادته الشهيرة أمام الكونغرس الأميركي قبل فترة.
لذلك لم يكن الخبر الذي نشرته الصحافة عن تسلط «فيسبوك» بل زوكربيرغ شخصياً على قيادي في الشركة بسبب تأييده للرئيس ترمب غريباً.
في واحدة من أكثر القصص الصادمة التي نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، قبل 10 أيام، أن مارك زوكربيرغ مؤسس «فيسبوك»، قد ضغط على بالمر لوكي مؤسس شركة «أوكيولوس»، أحد المسؤولين التنفيذيين الكبار بالشركة لوقف دعمه لترمب أثناء الحملات الانتخابية في عام 2016.
والهدف عند «فلسفة» هؤلاء الصناع لهذا العالم التواصلي الجديد، يتجاوز مجرد تكديس الثروات ورفع قيمة الشركة بالبورصة، من خلال «تسمين» وتكثير عدد المشتركين، لتصبح الغاية، أو قل هنا العقيدة، هي «تغيير العالم». في فبراير (شباط) من عام 2015 حضر مارك زوكربيرغ ندوة في «وول ستريت» وأثناء حضوره سأله أحد المحللين عن السبب الذي قد يدفع المستثمرين للاهتمام بدخول سوق العمل في البلاد الأفريقية.
وكانت إجابة زوكربيرغ مدهشة، قال: «لو كان هدف الشركة الحصول على المال، كنا سنركز كل جهودنا على رفع حجم الإعلانات للمستخدمين في أميركا وغيرها من الدول المتقدمة».
جاء في مقالة لمارك نيلر، وهو صحافي ألماني، هذا الوصف المثير، وهو أن زوكربيرغ أقام شركته الهائلة على فكرة «إعلاء الفرد والتقليل من المؤسسة».
ويضيف نيلر، نظر خبراء «فيسبوك» لمنصتهم العالمية هذه على أنها المنتدى الذي استطاعت من خلاله شعوب الدول الديكتاتورية الكفاح من أجل الديمقراطية والحرية. وشعارهم الأثير هو «الأشخاص يثقون بأشخاص مثلهم، وليس في المؤسسات».
نحن إذن تجاه نموذج ثوري بلباس البيزنس، أو (لم لا؟) باستخدام البيزنس نفسه، ولغة الأسهم والبورصات والاندماجات، لكن تظل في العمق بذرة صلبة، هي من يرسم المبدأ الحاكم.
هل «التوحد» الذي عانى منه معظم نجوم هذه الصناعة، كما قال بيتر ثيل وهو من أوائل الممولين لـ«فيسبوك»، في حديث لصحيفة «نيو يوركر»، يفسر أيضاً البعد الشخصي في هوس هؤلاء بتقديس العالم الافتراضي الجديد؟
ربما...

[email protected]