إذا صدقت الشكوك حول وجود بُعد «سياسي - قومي» وراء إطاحة كارلوس غصن، الرجل القوي وراء تحالف «رينو - نيسان – ميتسوبيشي» لصناعة السيارات. وأثبتت الأيام أن مجموعة «نيسان» اتخذت خطوة «عزل» منقذها ورئيسها السابق لأسباب تتصل برفضها مخطط رجل الأعمال الفرنسي البرازيلي - اللبناني الأصل لدمج «نيسان» بـ«رينو» دمجاً كلياً ونهائياً، فإنها لن تكون أول مرة تتعرّض فيها الشركات، أو المجموعات الثلاث، في «التحالف» - المهدد الآن بالانفراط - لعواصف السياسة.
شركة «رينو»، هي الأقدم بين الشركات الثلاث؛ إذ أسست عام 1899، وعلى أيدي الإخوة لوي ومارسيل وفرنان رينو، وكان لوي العقل المفكر والمصمم الناجح، بينما تولى شقيقاه الجانب الإداري من الشركة التي أسست فعلياً بعد أقل من سنة واحدة من إنتاجها أولى مركباتها (نهاية عام 1898) وهي رينو «فواتوريت» بقوة حصان واحد.
نجحت الشركة العائلية، وتعددت طرازاتها/ وتطورت تقنياتها وابتكاراتها، وباشرت تصنيع الشاحنات، كما صنعت دبابات للجيش إبان الحرب العالمية الأولى. ثم في حقبة ما بين الحربين العالميتين توسعت في مجالات أخرى من الإنتاج، منها الجرارات الزراعية.
لكن الشركة رفضت إنتاج دبابات لقوات الاحتلال الألماني بُعيد سقوط فرنسا عام 1940، مع العلم أنه وُجهت تهمة التعامل مع النازيين للوي رينو، وتوفي عام 1944 قبل محاكمته. بعدها، أممت الشركة وامتلكتها الحكومة الفرنسية قبل أن تعاد خصخصتها.
أما بما يخص شركة «نيسان»، فإنها أسست في مرحلتين. إذ أسس ماسوجيرو هاشيموتو مصنع «كايشينشا» للسيارات في طوكيو عام 1911، وحمل طراز شركته الأول عام 1914 اسم «دات»، وهي الأحرف الأولى من أسماء 3 مساهمين، هم: «كينجيرو» دن، و«روكورو» أوياما، و«مايتارو» تاكيوتشي. وبمن اسم «دات» ولد لاحقاً اسم «داتسون». لاحقاً، في مدينة أوساكا أسست شركة «جيتسويو جيدوشا»، وفي عام 1926 اندمجت «دات» مع «جيتسويو جيدوشا»، وأنتجت الشركة الوليدة «دات جيدوشا» عام 1931 أول سيارة تحت اسم «داتسون».
بعد ذلك عام 1928 أسس يوشيسوكي آيكاوا شركة قابضة تحت اسم «نيهون سانغيو» عرفت اختصاراً فيما بعد بـ«نيسان»، وضمت شركتي «توباتا» و«هيتاشي». ولاحقاً عام 1931 ارتبطت «دات جيدوشا» بشركة «توباتا»... وهكذا ظهرت عام 1933 فعلياً شركة «نيسان» للسيارات التي غدا مقرها في ميناء يوكوهاما قرب طوكيو.
«ميتسوبيشي»، من جهتها، تاريخها كشركة عريق جداً. إذ يعود لعام 1870 عندما أسسها ياتارو إيواساكي في طوكيو كشركة بحرية. ثم صارت مجموعة تجارية وصناعية ضخمة، تعدّدت منتجاتها وخدماتها وتجارتها. وكان بين فروعها الصناعات الثقيلة، ومنها الطائرات والمعدات على أنواعها، مع أن قسم «ميتسوبيشي» للسيارات في شركة «ميتسوبيشي» للصناعات الثقيلة لم يؤسس إلا عام 1970. ولقد اشتهرت من منتجاتها طائرات الـ«زيرو» الحربية إبان الحرب العالمية الثانية.
الحرب العالمية الثانية التي خسرها اليابانيون، غيّرت كل المعطيات السياسية والاقتصادية في اليابان. وكان من إجراءات سلطات الاحتلال الأميركية، تفتيت المجموعات الصناعية والتجارية الكبرى في البلاد، لكن كما أدت السياسة إلى ضرب «نيسان» وتفتيت مجموعة «ميتسوبيشي»، جاءت الحرب الكورية لتقدم للصناعة اليابانية خشبة خلاص.
لقد كانت تلك الحرب (1950 – 1953) أول مواجهة عسكرية كبرى بعد انتصار الحلفاء على المحور. ومعها ظهر الاستقطاب العالمي الجديد بين العالمين الرأسمالي والشيوعي. ومن ثم، في سبيل مواجهة تنامي الخطر الشيوعي، ولا سيما، صحوة العملاق الصيني، كان من مصلحة الغرب الرأسمالي استنهاض اليابان من جديد، لكي تشارك في مواجهة «الخطر الجديد» المتمثل بالصين الشعبية والاتحاد السوفياتي.
وبالفعل، عادت الروح إلى صناعة السيارات اليابانية، وبحلول نهاية عقد الخمسينات كانت الشركات اليابانية الصانعة تعود إلى التصدير عالمياً.
وحالياً، تحتل الشركات اليابانية الصانعة مكانة مرموقة، وأكبرها: «تويوتا»، و«نيسان»، و«هوندا»، و«ميتسوبيشي»، و«مازدا»، و«سوبارو»، و«سوزوكي»، و«دايهاتسو»، وإيسوز»، و«هينو». في حين تضم مجموعة «تويوتا» كلاً من: «تويوتا»، و«هينو»، و«دايهاتسو»، ترتبط «نيسان» بـ«تحالف» مع «ميتسوبيشي»، له ذراع أوروبية كبيرة متمثلة بمجموعة «رينو» الفرنسية.
8:17 دقيقة
شركات «التحالف الثلاثي» التي دفعت غير مرة ضريبة السياسة والحروب
https://aawsat.com/home/article/1485686/%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D9%8A%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%AF%D9%81%D8%B9%D8%AA-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D8%B6%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8
شركات «التحالف الثلاثي» التي دفعت غير مرة ضريبة السياسة والحروب
شركات «التحالف الثلاثي» التي دفعت غير مرة ضريبة السياسة والحروب
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة