زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

الورد في الطائف

عندما حاولت أن أشتري زجاجة عطر صغيرة سألت عن كيفية صناعة الورد، ولذلك فهناك مصانع للورد، وفي الطائف بالذات يوجد أهم وأقدم مصنع للورد. لذلك يُقام مهرجان للورد بالطائف كل عام يعرض فيه أنواع الورد ويقام هذا المهرجان لمدة خمسة عشر يوماً وتشارك فيه كثير من الدول العربية، ويقام مهرجان من فرقة المجرور، وهي فرقة للفنون الشعبية.
أقيم أول مهرجان للورد منذ ست سنوات ويحضره الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ويستقبله المواطنون بالورود ويتضح حب الناس لهذا الرجل المتواضع الذي يتحدث لكل الناس ويعمل من أجل الناس، وهذا هو سبب عشق المواطنين للأمير سلطان. وقد اصطحبني عبد الله الدوس من الهيئة لزيارة مصنع الورد وهناك قابلت بسام أحمد عوض الله الذي بدأ يشرح لي عملية تصفية الورد في مصنع راشد القرشي، وكان أهم ما قاله بسام هو أن هذا المصنع هو أقدم وأهم مصنع في السعودية، وأهم شيء نفتخر به هو أن الأمير سلطان يشتري من هنا كل الهدايا التي يرسلها للأصدقاء.
وقد بدأ هذا المصنع بطريقة يدوية، وبعد ذلك تم تطويره بأحدث الأجهزة ولنا أن نتصور أن الزجاجة الصغيرة جداً في حجم الإصبع هي نتاج رائحة 15 ألف وردة، لذلك فإن هذا هو العطر الخالص دون أي إضافات ويعتبر أغلى وأفضل عطر في العالم حيث يصل سعره إلى 150 دولاراً، وأصبح هذا المصنع مزاراً سياحياً مهماً حتى إنهم وضعوا فيلم فيديو يعرض على كل الزائرين ويشرح بالتفصيل كيفية صناعة الورد.
يتم جني الورد في الربيع، وخصوصاً أن بالطائف مزارع فيها كل أنواع الورد ويتم جني الزهور المتفتحة وتوضع في أكياس مبللة حتى لا يذبل الورد وبعد ذلك ينقل إلى المصنع ويتم عد 225 وردة حتى يصل العدد في بعض الأحيان إلى مليون وردة ويضاف ماء ويتم تخزينه. ثم يتم استعمال مواقد الغاز لمدة 50 دقيقة، ثم البخار وتتم عملية التكثيف وتصفيتها في قوارير زجاجية، وقال المرافق إن 12 ألفاً و500 وردة تعطي 15 ملليغراماً من العطر فقط.
وتتم مراحل التصنيع يدوياً وبعد ذلك تم تطوير المصنع وأقيم معمل حديث. والمصنع الحديث لا يحتاج إلى أيدٍ عاملة إلا في وضع الورد فقط، ولذلك فإن الإنتاج الآن يتم آلياً، والمهم هو ضبط درجة الغليان. وهذا المعمل يتسع لـ300 ألف وردة وينتج العطر الجبلي لأن ورد الطائف يعتبر أعلى وأجود ورد في العالم كله. وقارورات العطر تصدر إلى كثير من دول الخليج.
وقد أعجبتني الطريقة التي يدار بها هذا المصنع وقد لاحظت أن السيد بسام يشرح بعشق لهذا العمل الجميل وهو سعيد جداً بالماكينات الجديدة التي تتطلب فقط تنظيف الورد وضبط درجة معينة من الغليان وبعد ذلك ينتج أغلى وأهم عطر. وهذا يدفعني للتساؤل لماذا لا تتم عملية التسويق عالمياً، وأعتقد أن هذا النوع من العطر ممكن أن يجد سوقاً مهمة جداً في أوروبا وأميركا، بل والعالم كله، وهنا أعتقد أن هيئة السياحة قد تساعد على انتشار هذا العطر، ورغم أنه من إنتاج القطاع الخاص فإن العطر سوف يظهر في العالم كله باسم المملكة العربية السعودية.