مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

المرأة السعودية... بين خبرين

خلال أيام نُشر خبران يتعلقان بالمرأة السعودية، الأول طارت به الصحافة الغربية كلَّ مطير، والثاني مرَّ خفيفاً لطيفاً لم يتحلق حوله البكاؤون الغربيون.
فتاة تحمل الجنسية السعودية، غاضبة، لسبب غامض، تعيش بين دولة الكويت ومدينة حايل السعودية، تصل إلى دولة تايلاند، تقول إنها مقهورة معنفة من أهلها، وتغرّد على «تويتر» بجموح لافت، تصبح حديث الميديا الغربية، تتبارى المنظمات والدول لمنحها اللجوء، السلطات التايلاندية من طرفها قالت إنها استمعت لرواية الفتاة «رهف» ولم تقتنع بها، وصارت هذه الفتاة موضع اهتمام أمثال محررة «واشنطن بوست»، كارين عطية، مشرفة مقالات جمال خاشقجي!
القصة الثانية هي أن مجلس الشورى السعودي، حسم الأربعاء السالف، ملف زواج القاصرات، مع إعلان موافقة المجلس بالأغلبية على الضوابط المنظمة لزواج القاصرات، من خلال قصر عقد النكاح لمن هم دون 18 عاماً (ذكراً أو أنثى) على المحكمة المختصة، ومنع عقد النكاح تماماً لمن لم يتم 15 عاماً، وهو ما يعد انفراجة كبيرة في ملف زواج القاصرات.
على هذا الخبر علّق خالد الفاخري، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، لصحيفة «الشرق الأوسط» بأن هذه الضوابط: «تتوافق مع اتفاقية حقوق الطفل الموقعة عليها السعودية، ومع نظام حماية الطفل الصادر في البلاد».
السؤال: لماذا غصّت الصحف والفضائيات الغربية بخبر فتاة تايلاند «رهف» ولم تحفل بخبر «ضبط» سن الزواج للقاصرات في السعودية؟
إذا كانت «كل» قضايا المرأة السعودية، تهم الصحافة الغربية والمنظمات الأهلية، والناشطات أمثال العظيمة كارين عطية، فالمنطق أن يتم التركيز على خبر ضبط سن الزواج للقاصرات أكثر من خبر رهف، ولا نقول يهمل خبر رهف «السبايسي»، لكن ما يهم «المجموع» أكبر من حادثة «فردية» لم تكشف كل تفاصيلها، عن فتاة واحدة وحيدة فريدة!
حكاية هروب الفتيات، وتسليط الضوء عليهن، كان عفوياً في حالة أو بعض حالات، خاصة قبل هذا العهد، سببه ظلم من ذكر متسلط، لكن تواتر الأمر، في ظل هذا الانفتاح الكبير الذي نراه في ملف المرأة، يثير الشبهة بكون الأمر مجرد أداة للتهويش السياسي والإعلامي على السعودية.
كان ملف قيادة المرأة للسيارة في السعودية، وسيلة لهجاء السعودية لدى الميديا الغربية ومنظماتها الأهلية، الآن هذا السلاح فقد قيمته، بسبب القرار التاريخي من القيادة السعودية الحالية، وببساطة تم هذا الأمر، ليس بحثاً عن رضا الغربيين، بل إحقاق لحق طبيعي من حقوق المرأة.
ستظل هذه المعارك، لكن يجب ألا يكون هذا «الفجور» الإعلامي مانعاً للمضي قدما في استكمال منح المرأة السعودية كل حقوقها الطبيعية.