مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الروبوت القاتل

أسلافنا قالوا قديماً: الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك.
وهذه المقولة تداولوها عندما كانوا يقطعون الفيافي والقفار على ظهور الإبل، ويبنون بيوتهم بالطين أو يغزلونها من شعر الماعز.
صحيح أن من قالوها ذهبوا، غير أن تلك المقولة ما زالت وستظل خالدة إلى أن تقوم الساعة.
فالسرعة أصبحت شعار هذا الزمن - وأقصد (السرعة مع الإتقان) - أما إذا كانت السرعة وحدها مجرّدة، فهي تكون خبط عشواء، أو لعب عيال. وأول تجربة سوف نختبرها (على المحك) هي الخطوة الأولى الجبارة التي تراهن عليها وزارة الإسكان في السعودية، حيث سوف تقيم مشروعاً سكنياً مكوناً من 574 فيلا متنوعة تشيّد بتفعيل تقنيات البناء الحديثة، حيث يستغرق بناء الوحدة السكنية الواحدة ضمن المشروع 48 ساعة فقط، متضمنة جميع الخطوات اللازمة التي تشمل الأعمال الإنشائية وأعمال الموقع العام والتشطيبات الكهروميكانيكية والمعمارية، وذلك في إطار استهداف وزارة الإسكان عبر برنامج (سكني) ضخ آلاف الوحدات السكنية المتنوعة التي تناسب جميع الشرائح بالشراكة مع المطورين العقاريين. لا أريد أن أقول: (المويه تكذب الغطّاس)، لأننا لسنا في مجال الرهان أو الاختبار، غير أنني متلهف فقط لمعرفة النتيجة، وكفاي جاهزان للتصفيق لا للتصفيع. وسبقتهم الصين في ذلك بخطوة (تطيّر النافوخ)، عندما أقدمت شركة إنشاءات على تشييد ناطحة سحاب تتألف من 57 طابقاً في غضون 19 يوماً، وكلها من الفولاذ والألمنيوم والزجاج، مستخدمة نظام الوحدات السابقة التجهيز، وقامت بتجميع كل ثلاثة طوابق في يوم واحد.
وكانت في الأساس تطمح إلى أن تصل بالارتفاع إلى 220 طابقاً في ثلاثة أشهر، غير أن هناك ظروفاً جوية ومادية حالت دون ذلك، واكتفت بالارتفاع المذكور. وكل اعتمادهم في التجميع كان على (الروبوتات)، التي تتقن جميع مهن البناء، وهناك احتمال مؤكد لاختفاء ملايين عمال البناء من البشر في الزمن المنظور.
ولكن علينا الحذر، بعد أن قرأت ذلك الخبر الذي أوردته صحيفة أميركية، تحت عنوان: غضب الروبوت قتل 29 عالماً يابانياً.
وجاء في الخبر أن تلك الروبوتات كانت مخصصة للأغراض العسكرية، واستخدمت فجأة ومن دون إنذار مسبّق أسلحة نارية، وأشار إلى أن المسؤولين تمكنوا من إيقاف روبوتين فقط، وتعطيل الثالث، غير أن الروبوت الرابع سبقهم وتمكن من الاتصال بالقمر الصناعي الخاص وبرمج نفسه بعد الحصول على المعلومات اللازمة، وقام بتلك المذبحة الشنيعة.
وحسب التحقيقات ثبت أن ذلك الروبوت القاتل كان غاضباً على بعض العلماء، ولا أدري بماذا حكموا عليه؟!