علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

مستعجلين ليه؟

السندات بشكل عام ما هي إلا أداة دين تلجأ إليها الحكومات والشركات لتمويل مشروعاتها؛ حيث إنها توفر عائداً جيداً للمستثمرين، مقابل مخاطرة مقبولة. والسندات هي أوراق مالية ذات قيمة معينة، وهي أحد أوعية الاستثمار. والسند عادة ورقة تعلن عن مالك السند الدائن إلى الجهة المصدرة للسند، سواء كانت حكومة أو شركة أو مشروعاً. علماً بأن التعاريف تختلف، ولكنها تتفق على أن كلما كان المدين ذا ملاءمة مالية قوية وسجل ائتماني نظيف، فإن الشروط تخفف على هذا الدائن، مثلاً يمكن إقراضه بفائدة أقل وبمدد طويلة.
والمملكة العربية السعودية عُرفت بأنها تفي بديونها وفق التاريخ المحدد دون تأخير، مما أكسبها مصداقية عالية لدى الحكومات والشركات المالية التي بدأت تتهافت على إقراضها. وقد طلبت السعودية من السوق المالية العالمية إقراضها 28.1 مليار ريال (7.5 مليار دولار أميركي)، وقد غطي طلب المملكة العربية السعودية نحو 4 مرات وفي مدة 7 ساعات، فالمؤسسات المالية العالمية «مستعجلة ليه»؟
المؤسسات المالية العالمية استعجلت في تغطية طلب المملكة العربية السعودية؛ لأن سندات السعودية قليلة المخاطر، أو دعنا نقول مضمونة الربح. ففي تاريخ السعودية الطويل مع الاقتراض، وفي ظروف أسوأ من الظروف الحالية، كانت السعودية تفي بالتزاماتها، وتسدد سنداتها في يوم الاستحقاق، مما أكسبها مصداقية لدى جميع المؤسسات المالية العالمية.
وقد حاولت جهات إعلامية كثيرة التشكيك في السندات التي أصدرتها السعودية، ولكن الرد لم يأتِ من السعودية، ولكنه أتى من السوق العالمية، لتتم تغطية الاكتتاب في ربع يوم.
وحينما نقول «المؤسسات المالية»، فأنتم تعرفون أن المؤسسات المالية تدرس المخاطر بشكل جيد، وتقرر ما إذا كانت ستقرض الدولة أم لا، لذلك قررت هذه الجهات أن تغطي اكتتاب السعودية في السندات 4 مرات، وفي مدة ربع يوم.
هذه التغطية للسندات السعودية - وفي هذا الزمن القياسي القصير - تعد استفتاء على قدرة المملكة العربية السعودية على الاقتراض من السوق الدولية، أجابت عنه المؤسسات بثقتها في السعودية وسنداتها، لتغطي قيمة السندات السعودية بمبلغ أكبر من المطلوب عدة مرات.
هذه الموثوقية لم تكتسبها السعودية من فراغ، وإنما اكتسبتها عبر سلوك مالي عرف بالنزاهة والمصداقية والالتزام، مما جعل أصحاب المال حريصين على شراء السندات السعودية.