تخيّلوا أنكم تذهبون في رحلة دون أن تضطرّوا إلى التوقف لتناول الطعام أو الدخول إلى الحمام... هذا هو أساس فكرة ستيف لي، المصمم من «ستوديو أبريلي ديزاين» في تورونتو كندا، لابتكار قد يحقّق هذه الرؤية: «جناح السفر المستقل».
فندق على عجلات
فكّروا بالأمر وتخيّلوا غرفة فندق تسير بعجلات. سيضمّ «جناح السفر المستقلّ ذو القيادة الذاتية» The Autonomous Travel Suite الذي يتسع لخمسة أشخاص، مساحة مجهّزة للنوم، وتسهيلات للاستحمام، ومساحة للعمل والتسلية، ومطبخاً صغيراً.
يقول المصمم صاحب الفكرة في حديث نقلته «يو إس إيه توداي»: «هذا الجناح هو في الأساس عبارة عن غرفة فندق، أي أنّه يضم كلَّ الاحتياجات. لذا، سواء كانت رحلتكم لست أو عشر ساعات، لا شكّ في أنكم ستشعرون بالراحة في داخله».
وقد حاز «جناح السفر المستقل» على الجائزة الأولى في مسابقة التصميم في مجال الضيافة لهذا العام.
هل يبدو لكم هذا التصميم بعيد المنال، خصوصاً أن اختبارات السيارات ذاتية القيادة في شوارع بعض من مدن الولايات المتحدة والعاصمة البريطانية لندن بدأت فعلاً؟!
بدوره، أعلن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» أنّ تسيير المركبات ذاتية القيادة في الشوارع ممكن خلال هذا العام. من جهته يتوقع لي بأنّ يخرج جناحه المستقلّ للسفر إلى الطرقات بحلول عام 2030.
وتهدف هذه المركبة التي تستمد طاقتها من بطارية خاصة، إلى نقل المسافرين من منازلهم إلى الوجهات التي يريدونها، ويمكنها أن تنقل لمدّة تقارب العشر ساعات.
قد ينجح هذا الجناح في الحلول مكان الطيران المحلّي أو القطارات، فينفي الحاجة إلى وسائل النقل للوصول إلى المطار أو محطة القطار، ويعفي مستخدميه من المرور بإجراءات تسجيل الدخول والتفتيش الأمني. ويقول لي إنّ الجناح يمكن أن يعمل كسيارة للأجرة وغرفة فندق ليمنح مستخدمه مزيداً من المرونة والخصوصية والراحة.
ولفت أيضاً إلى أن فكرته قد تسهم في تقليص التكاليف، إذ إن كلفة إيجار الجناح ستكون أقل من كلفة خدمات السفر مجتمعة. وعلى عكس السفر بالسيارة، يستطيع الركاب العمل والنوم واللعب بدل من الاضطرار إلى التركيز على القيادة. ويقول لي: «هذا يعني أننا سنستفيد من وقت طويل على الطريق».
يقول كلايتون ريد، المدير التنفيذي لشركة «إم جي واي غلوبال» لتسويق السفر، إنّ الاعتماد على حبّ المسافرين في الولايات المتحدة للرحلات في السيارة منطقي. ولكنه في المقابل لم يرَ فرقاً بين الجناح المبتكر الجديد وكرفانات السفر. ويضيف: «لم أرَ في فكرة العربات الكبيرة التي تنقل الناس براحة أي جديد، إذ إن مركبات (إيرستريمز) والكرفانات تعتبر غرف فنادق متنقلة أيضاً».
ولفت إلى أن ميزة القيادة الذاتية ليست فريدة بدورها، لأن المركبات الذاتية القيادة آتية لا محالة وبأشكال وتصميمات وطرق متنوعة.
جناح مستقل
من جهته، اعتبر كيرت ستاهورا، عميد جامعة الضيافة والإدارة السياحية في جامعة «نياغارا»، أنّ الفكرة مبتكرة فعلاً، ولكنّه طرح أسئلة كثيرة حول جدواها. ويقول ستاهورا: «هذه التقنية لم تصل إلى درجة الكمال بعد. ولتصل إلى هذا المستوى، لا تزال بحاجة إلى تصويب كثير من الأمور، حتى إنّها قد تخرج عن السيطرة لناحية الخدمات التي تتيحها التقنيات السيارة».
ويشير ستاهورا إلى أن السفر في القطار يشهد تحسّناً في الولايات المتحدة، لذا، فإنّ الحاجة إلى السفر في جناح مستقلّ ذاتي القيادة لن تكون كبيرة. واعتبر أيضاً أنّ تقنية كهذه لن تنفع في أوروبا نظراً لوجود خطوط السكك الحديدية. وأضاف: «إن تطوير بنانا التحتية قد يعني تخفيف الحماس لأفكار مبتكرة كالجناح المتنقّل».
للمستقبل، يتوقّع لي أن يبادر المسافرون إلى طلب «جناح السفر المستقل» بواسطة تطبيق هاتفي، يحددّون عبره الوجهات والخدمات التي يريدونها. بعدها، سيعمل الوسيط المستقلّ على تحليل وتحديد أفضل الطرقات.
وللرحلات الطويلة المسافة، يخطط لي لتطوير «سلسلة فندقية مستقلّة» تكون عبارة عن شبكة من التسهيلات الفندقية التي تقدّم وحدات إضافية كمراكز الرياضة والمنتجعات الصحية وغرف الاجتماعات. ويرى أن شركات الفنادق الضخمة كالماريوت والهيلتون قادرة على بناء البنية التحتية اللازمة لتجهيز الأجنحة في هذه السلسة.
وأخيراً، يقول لي: «تستطيع الفنادق الموجودة حالياً الاستمرار في تحديث منشآتها لتلبية الحاجات التي تقدّمها العربات الذاتية القيادة. ولكن في النهاية، سيكون من الرائع تطوير علامة تجارية خاصة لهذا النوع من المركبات بتصميمات خاصة بها».
هل ترون في غرف الفنادق ذاتية القيادة وجهة مقبلة لرحلاتكم؟ إذ إننا قد نعيش قريباً في عالم تقودكم فيه غرف الفنادق إلى الوجهات التي تريدون زيارتها.