حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

كي نهزم الخمينية الطائفية

مَن يسبر حال تغلغل النظام الطائفي الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن، خصوصاً بعد هزيمة «داعش» والفصائل الجهادية في سوريا وبدء إحياء الروح في علاقة عدد من الدول العربية مع نظام بشار الأسد والحض الغربي على إنهاء الصراع في اليمن، سيخْلص إلى نتيجة مُرَّة مفادها أن الرياح تجري بما تشتهيه سفينة الخمينيين، وأن النظام الإيراني مُصِرٌّ على بقاء احتلالهم لهذه الدول.
وإن شئتم لطَّفنا العبارة وقلنا تغلغلهم ونفوذهم. كما لا يبدو أن زعماء الدول الغربية، عدا الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من خلال رصد مواقفهم الباهتة الرخوة من نظام الملالي، قلقون من هذا التغلغل والسيطرة المحكمة للخمينيين في هذه الدول، ما دامت لهم مصالح اقتصادية وسياسية مع إيران، وما دام التهديد الإيراني لدول المنطقة ينبوعاً ترشف منه الدول الغربية صفقات السلاح الضخمة، وما دام خصوم الخمينيين تربك صفوفَهم الخلافات والشقاقات.
فإذا كانت الدول الغربية «غير جادة» في إنهاء الهيمنة الإيرانية على هذه الدول الأربع، العراق وسوريا ولبنان واليمن، وغير قادرة على كبح جماح إيران في محاولات جادة لبسط سيطرتها على الدول الصغيرة في المنطقة، وإحداث الفوضى في الدول الكبيرة عبر عملائها والمسوقين لآيديولوجيتها، فيكون لزاماً على دول المنطقة المتضررة من الشغب الإيراني ونفوذ الخمينية الطائفية أن تراجع استراتيجية الصراع مع إيران مراجعة شاملة.
هذه المراجعة الشاملة لاستراتيجية الصراع مع الخمينية الإيرانية تقوم على ركائز منها تهدئة النزاعات السياسية «البينية» في المنطقة قدر المستطاع، لأن الذئب الإيراني الدموي الطائفي بالمرصاد لكل «ضحية» تهرب من أتون الصراعات السياسية، دولاً أو منظمات أو حركات أو أفراداً، ومن يغادر جبهة التصدي لتغلغل الخمينية فهو بالضرورة خسارة لهذه الجبهة ومكسب للخمينية الطائفية، فمن أبسط أبجديات العلاقات الدولية واستراتيجية الصراعات أن تقوم أولاً على تحييد المخالف وتجسير العلاقات معه، وثانياً تمتين العلاقة مع الموافق وتثبيتها وتعزيزها.
ولهذا وجدنا التحالفات الدولية الكبيرة تبني تحالفات راسخة على الرغم من الخلافات الآيديولوجية والدينية والمذهبية وتباين وجهات نظر أعضاء التحالف تجاه عدد من الملفات السياسية والاقتصادية، كما تتناوب الأحزاب ذات المرجعيات الآيديولوجية والسياسية المختلفة على الحكم في الدول الغربية، ومع ذلك تبقى الخطوط العريضة، ومنها الحفاظ على التحالفات وتعزيزها، خطاً أحمر لا يمكن لأي حزب التفريط فيه أو إضعافه.