مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

حول منتخب قطر الكروي

مباراة كرة قدم بين فريقين للتنافس من أجل الوصول لمباراة الكأس، حتماً سيفوز بها أحد الفريقين، وهذا ما حصل في مواجهة الفريق القطري مع الفريق الإماراتي في لقاء نصف النهائي على الكأس الآسيوية بأرض دولة الإمارات.
لك أن تتعامل مع هذه المباراة بهذه السويّة، منافسة رياضية، وحسب، ولك أن تزيد جرعة الحماس، فتقول هو لقاء خليجي تنافسي حماسي، منذ عقود، مثل الديربي السعودي الكويتي من قبل، ولك أن تتناول اللقاء كما يفعل الذين يضعون مباراة كرة قدم في مجرى التنابذ السياسي القائم.
والحق أقول لكم، إنه من الصعب وضع المباراة الأخيرة، فقط في سياق الرياضة، هذه المباراة فاز بها منتخب قطر الاستثنائي، ليس فقط في مهارة وقوة لاعبيه، وبراعة مدربه، وسخاء الدعم الإداري والسياسي والمالي والإعلامي الذي يحظى به، ليس من المواطنين القطريين، بل من جنسيات كثيرة، تنتمي لقطر أكثر من القطريين العاديين! ولكنه أيضاً المنتخب الاستثنائي في ظاهرة التجنيس الرياضي.
لا شك أنه، وعطفاً على المعيار الرياضي الكروي، يستحق الفريق القطري كل المنجزات التي حققها في البطولة الآسيوية الحالية، غير أن الحديث عن «ظاهرة» جديدة صنعها القائمون على لعبة كرة القدم القطرية، أندية ومنتخبات، بل الرياضة القطرية التنافسية عموماً، وهي ظاهرة «التجنيس».
فتح هذا الباب يعني قتل المنافسة الطبيعية العادية، وليس صحيحاً الاحتجاج بأن منتخب فرنسا الذي فاز بكأس العالم، منتخب زيدان ورفاقه، هو أيضاً كان من عدة جنسيات، بل كلهم من أسر فرنسية كاملة المواطنة، فزين الدين زيدان مثلاً، من الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين الجزائريين ومثله البقية من أصول أفريقية أو لاتينية، وكل منتخبات العالم، بما فيها العربية كذلك، لكن الذي «ابتدعه» التفكير القطري أمر آخر، وهو «جلب» شخص يحمل جنسية وجواز دولة أخرى، ثم منحه جوازاً قطرياً، ليمثل الفرق القطرية في التنافس، وبل وصل الحال لتجنيس غير العرب، من أميركا اللاتينية، وغيرها، فقط لتحصيل مكاسب رياضية سريعة وباهرة.
الإنجاز الحقيقي يكون ألذّ وأكثر مصداقية حين يتم بسواعد وأرجل وعقول اللاعبين القطريين، من شتى المنابت، لكنهم في النهاية شباب وشابات من أهل قطر، ولدوا بقطر، وشربوا ثقافتها، وتربوا في حارات و«فرجان» الدوحة ومسيعيد والريان وغيرها.
هنا تصبح الفرحة بالمنجز الرياضي ذات وقع طيّب وعفوي، مثلما كان يحصل أيام منصور مفتاح ورفاقه من نجوم الكرة القطرية.
مرة أخرى، لا شك في قوة المنتخب القطري الحالي، النقاش بشأن آخر تماماً، بعيداً عن الكرة... وقريباً منها في آن.

[email protected]