حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

الإعلام الصيني: الضيف الجديد

الحرب الإعلامية انطلقت وكل جبهات العالم هي الأرض المناسبة لهذه المعركة، والعالم العربي يتلقى كماًّ هائلاً من الأخبار الموجَّهة إليه باللغة العربية عبر القنوات الفضائية. فبالإضافة إلى القنوات الإخبارية الرسمية هناك قنوات إخبارية عربية متخصصة مثل: «العربية»، و«الجزيرة»، و«سكاي نيوز عربية»، و«بي بي سي عربي»، و«روسيا اليوم»، و«الحرة»، والقناة التركية، و«فرانس 24»، و«سي إن بي سي عربية»، والألمانية، والقناة الإسرائيلية الناطقة بالعربية، وهناك أيضاً القناة الصينية، علماً بأنه توجد قنوات أخرى مهمة وذات اسم كبير تستعد لإطلاق نسختها باللغة العربية مثل: «بلومبرغ»، و«فوكس»، و«سي إن إن»، واليابانية، والكورية. كلهم يعتقدون بأهمية «التأثير» الإعلامي على سوق العالم العربي الكبير ويحاولون أن يكونوا بديلاً إخبارياً للأقوى.
نجحت مؤخراً «روسيا اليوم» و«فرنسا 24» في الفترة الأخيرة أن تكونا بديلاً للإعلام البريطاني والأميركي، وأثبتتا حضوراً مؤثراً خصوصاً في دول العالم الثالث والذي تم تخصيص بث مخصص لها حسب لغة المستهدَف. ولكن ما تُقْدم عليه الصين في هذا العدد يبدو مهماً جداً ويستحق الوقوف أمامه. الصين، على عكس روسيا وفرنسا، لديها القدرة المالية العميقة في الاستثمار المالي في منظومة الإعلام، فاليوم أصبحت لديها سمة تجارية في عالم الإعلام الفضائي باسم «CGTN» موقعها الرئيسي في لندن، وهي الذراع الدولية للتلفزيون المركزي الصيني، ولديها فروع مؤثرة وفعالة جداً في كينيا، لتغطي من خلالها القارة الأفريقية التي تشهد نمواً متعاظماً لنفوذ الصيني السياسي والاقتصادي فيها.
وهذا يأتي ضمن أحد الأهداف الرئيسية التي أعلن عنها الرئيس الصيني تشي، عندما قال: «علينا أن نعمل جهدنا لرواية القصة الصينية بشكل صحيح»، الاعتراف بأهمية الإعلام وقيمته في السياسة الصينية يعد تغييراً كبيراً في الأسلوب القديم الذي كانت تتعاطى به الصين مع الإعلام، عندما كانت الرقابة تقوم بتمزيق صفحات المجلات حين نشرها مقالات خاطئة كما تعتقد السلطات الصينية، أو شطب بعض القنوات بالقلم الأسود أو التشويش على محطة فضائية حين بثها تقريراً غير ودي.
لكن فكرة الصين مع الإعلام تطورت مع تطور مكانة الصين في العالم السياسي والاقتصادي، وكلما زاد ثقلها زادت ثقتها وقناعتها أن الإعلام العالمي يجب أن يعكس «ثقلها».
وبدأت في شراء صفحات دعائية وترويجية في مطبوعات محترمة في العالم الغربي، إلا أن ذلك لم يكن كافياً، حتى بدأت في شراء صحف وصحافيين ووكالات أنباء. واليوم تؤسس لوجودٍ محوري في أستراليا، للتأثير على آسيا، وكذلك تستعد لإطلاق مشروع مهم موجّه إلى أميركا اللاتينية. الصين تعتبر الحرب الإعلامية مثلها مثل الحرب الاقتصادية، والحرب التجارية والحرب الاستخباراتية، هي ساحة أخرى ومهمة للمواجهة مع المعسكر الغربي الذي سيمارس كل الوسائل لإضعاف الصين.
قدرة الصين الإعلامية لا تزال في بداياتها، وليس لديها الإرث الذي من الممكن أن تبني عليه، ولكنها جادة في شراء الخبرة والتجربة من الغير، وأن تكون لديها القوة والتأثير الذي يليق بثاني أكبر اقتصاد في العالم. المشهد الإعلامي الصيني يتشكل، وهناك ميزانيات هائلة موجهة إلى ذلك، وحتماً سيكون لكل ذلك الأثر العظيم.