سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

سيدات... سيدات

تستضيف بيروت منذ سنوات مقر منظمة «الاسكوا»، أحد فروع الأمم المتحدة التنموية. وهل هي مصادفة أم ميعاد، فإن رئاسة هذه المؤسسة تعطى غالباً لسيدة من ذوات السيرة العلمية اللامعة. بدأنا مع الدكتورة ميرفت التلاوي من مصر، ثم لفترة طويلة الدكتورة ريما خلف من الأردن، وأمس وصلت من الكويت الدكتورة رولا دشتي.
وفي بيروت ضُمَّت الدكتورة دشتي إلى مجموعة الانتصارات النسائية المتتالية هذه الأيام. فالحكومة الجديدة تضم أربع سيدات، بينهن وزيرة الداخلية التي فيها من الحسن أكثر مما توحي بالسلطة. والنائبة الكويتية السابقة نصفها لبناني، فلا يُعتبر وضعها على لائحة لبنان أمراً مبالغاً فيه. وتزيد مؤهلاتها اللبنانية عندما نتذكر ما روته صحيفة «الرأي» عندما فازت دشتي بالنيابة. فعندما حان موعد أداء القسم، ألحنت باللهجة الكويتية، مثقلة بها اللهجة اللبنانية، أو «اللغا اللبنانيي»، فكان أن طلب منها أن تكرر الأداء بلهجة كويتية صافية، مديدة ومرخّمة.
حملت دشتي الدكتوراه من «جونز هوبكنز». ودرست للإجازة من قبل في جامعات كاليفورنيا. لكن الفوز الأصعب، طبعاً، كان في اختراق مجلس الأمة الكويتي؛ حيث بكت ذات يوم، وهي تدافع عن نفسها في جولة من جولات الاستجواب الذائعة.
سيداتي، سادتي، تأتيكم المفاجآت من الخليج. تجاوزت البحرين جميع العرب عندما انتخبت السيدة فوزية زينل رئيسة للبرلمان. وسوف يُخيل إليك عندما تسمع صوت امرأة تدق مطرقتها على الطاولة قائلة: هدوء. هدوء. نظام! أنك في مجلس العموم. لا. ابتسم، أنت في البحرين، التي تسمّي الوزيرات، أو ترسل السفيرات إلى عواصم الدول الكبرى.
هل لاحظت جنابك ماذا يجمع بين وزيرات لبنان ومصر وكفاءات «الاسكوا» ورئاسة البرلمان في البحرين ووزارة السعادة في الإمارات؟ العِلم. أعطيت المرأة حقها في التعليم، فنالت حقوقها الأخرى تلقائياً. هذا هو تماماً ما يسجل الفارق في مسيرة البشرية. في مكان تعود رولا دشتي من إحدى أهم الجامعات في العالم، وفي مكان آخر، تُخطف مئات التلميذات لأن «العلم حرام». بوكو حرام!