مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

شهر العسل والبصل

عندما يجتمع الخوف والغباء مع عدم حسن التصرف؛ تحدث المصائب أحياناً مثل هذه الحادثة المؤسفة:
نسي أحد المتزوجين حديثاً زوجته أثناء سفره بعروسه ليلاً لقضاء شهر العسل، وتوقف العريس في إحدى محطات البنزين لتزويد السيارة بالوقود وشراء بعض الأكل والمشروبات.
وأثناء نزوله ودخوله المحل نزلت وراءه عروسه التي كانت نائمة في المقعد الخلفي للسيارة، للذهاب إلى دورة المياه، وعند عودة العريس لم يلاحظ اختفاء عروسه، على أساس أنه مطمئن إلى أنها نائمة في المقعد الخلفي.
وأثناء خروج العروس شاهدت انطلاق زوجها بالسيارة وأخذت تجري مسرعة وراءه وهي تصرخ لعله يراها.
وكان هناك أحد الأشخاص المسافرين مع عائلته يدخل سيارته، ولما شاهد الموقف قام على الفور باصطحاب العروس والانطلاق وراء العريس، وبعد مطاردة (ماراثونية) لاحظ العريس أن هناك سيارة تتبعه وتريد منه أن يتوقف، ولكنه خاف معتقداً أنهم عصابة، فزاد من سرعته.
وقام العريس بالاتصال على الدوريات الأمنية التي تفاعلت مع البلاغ بكل جدية وقامت بوضع نقطة تفتيش من أجل الإمساك بالمطاردين، غير أن العريس المرتبك قرر فجأة أن يترك الطريق الرئيسي نهائياً، وانحرف بالسيارة بسرعة في طريق جانبي على أمل أن يتوّههم، وعندما لاحظ أنهم انحرفوا كذلك خلفه، طار عقله أكثر من شدة الخوف، ولم يتحكم (بالدركسيون) كما يجب، وإذ بالسيارة تخرج عن مسارها وتصطدم بشجرة وتتقلب، وتوقفت السيارة الثانية عنده وسحبوه منها والدماء تغطي وجهه وملابسه، وعندما شاهد زوجته تولول بالبكاء أغمي عليه من هول المفاجأة، فاتصل المنقذون بالطوارئ يطلبون النجدة بعد أن حددوا لها الموقع، فوصلت سيارة إسعاف ورجال من الشرطة كتبوا محضراً عن كل ما حصل.
ونقلوا العريس الجبان الرعديد مع زوجته إلى المستشفى الذي مكث فيه قرابة شهر يعالجون جراحه وكسوره.
وبعد أسبوع زارته الأسرة التي أنقذته وقدمت له باقة من الزهور، وبين الحين والآخر يتصلون بالتليفون على الزوجة ليطمئنوا منها عليه.
وبعد أن خرج كان من المفروض أن يحمد ربه على السلامة، غير أنه دون أن تعلم زوجته، اتصل بأحد المحامين ورفع قضية على من أنقذوه على أساس أنهم السبب في كل ما حصل وطالبهم بالتعويض.
غير أن المحكمة رفضت ادعاءه بناء على محضر الشرطة وشهادة زوجته، التي طلبت بعدها الطلاق منه وهي تقول بينها وبين نفسها ما معناه:
«إذا كان هذا هو أوله، فينعاف تاليه».