زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

سوق عكاظ... المستقبل

تستعد المملكة العربية السعودية وبقوة، الآن، وعلى عدة محاور، للمستقبل الذي تحدده بعام 2030. ويشرف على مشروعات المستقبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وقد وجدت الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني سابقاً أنه قدم مشروعاً لتطوير سوق عكاظ بحيث تصبح مدينة فنية ثقافية تصدر الثقافة للعالم كله. وسوف يتكلف مشروع التطوير نحو ملياري ريال. وقد عرض الأمير سلطان هذا المشروع على خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي أقر تنفيذ المرحلة الأولى التي سوف تتكلف 861 مليون ريال. وسوف يشارك القطاع الخاص أيضاً في عملية التطوير.
ومن أهم أسباب التطوير أهمية سوق عكاظ التاريخية والذي يعتبر أهم سوق ثقافي في العالم العربي كله، خاصة لأن هذا السوق قد زاره الرسول صلى الله عليه وسلم بعد البعثة المحمدية. أما المشاريع التي سوف تقام، فتتلخص في إنشاء مركز للشعر العربي، ومتحف تفاعلي، وتطوير جادة عكاظ التراثية، واستحداث جادة للمستقبل لتكمل الأبعاد التي كان يمثلها السوق قديماً، وإنشاء مخيم بيئي، واستكمال أعمال الحفائر الأثرية في الموقع، واستكمال المرافق والخدمات.
هناك أربعة محاور للتطوير، والمرحلة الأولى سوف تنتهي في عام 2020. وسوف يتم فيها إنشاء مركز الزوار، والسوق التراثي، والمتحف التفاعلي، ومركز المعارض والمؤتمرات، وسوف يقوم القطاع الخاص بإنشاء مدينة للإنتاج الإعلامي وفندق المؤتمرات وشقق فندقية.
وهناك مشاريع أخرى للمرحلة الأولى منها تأهيل وتطوير جادة عكاظ ومدارس عالمية وقرى التسويق التراثي وحديقة حيوان ومجتمعات الرياضة والاستجمام.
أما المرحلة الثانية، فسوف تشمل بناء فنادق وشقق مفروشة، ونادٍ للفروسية، وخدمات مجتمعية. والمرحلة الثالثة سوف تشمل استكمال بناء الفنادق، ومركز الزوار، ومراكز رياضية، ومساجد، وسوف يشارك أيضاً العديد من الجهات الحكومية بالمملكة في توفير الخدمات والبنية التحتية. وقامت وزارة النقل إلى الآن بتنفيذ المرحلة الأولى من شبكة الطرق الواصلة للموقع، وتقوم وزارة البيئة والمياه والزراعة بالعمل على إيصال المياه إلى حدود موقع مدينة عكاظ. وتقوم وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية بإيصال الكهرباء إلى حدود مدينة عكاظ، وأيضاً تعمل هيئة الاستثمار على تسويق العروض الاستثمارية. وسوف تقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية مع أمانة الطائف بتخصيص أراضي مدينة سوق عكاظ، واعتماد المخطط العام للوزارة، وأعتقد أن هذا التعاون بين الوزارات المعنية يرجع إلى رؤية الأمير محمد ين سلمان ولى العهد الذي يريد أن يضع المملكة على أفاق المستقبل. وهناك مبنى داخل سوق عكاظ لعرض هذا المخطط.
شاهدت كل المراحل مع الأمير سلطان بن سلمان، عندما كان رئيساً للهيئة. وقد أشار إلى أن ما يُعرض داخل المكان الذي يُطلق عليه «مستقبل عكاظ» هو عبارة عن المخطط المبدئي للسوق في المراحل المختلفة، ولكن سوف تكون هناك مسابقات معمارية لكل المباني الجديدة التي سوف تُقام في السوق؛ ولذلك سوف يحول سوق عكاظ إلى مدينة أو سوف تحوله الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى واجهة سياحية تراثية متكاملة؛ ولذلك يدخل هذا التطوير ضمن أهداف المملكة العربية السعودية للمستقبل. وفي الوقت نفسه سوف يكون هذا التطوير مصدراً رئيسياً لجذب السياح من داخل المملكة وخارجها. وقد سألت الأمير سلطان عندما زرت جبال الطائف وشاهدت سوق عكاظ: «هل سوف نرى المملكة يزورها السياح الأجانب في المستقبل»؟ قال: «بالطبع بإذن الله». وأعتقد أن هذا سوف يكون رداً على البعض الذي يهاجم المملكة عن جهل وعدم دراية.
إن المملكة العربية السعودية تستعد للمستقبل بأعين مفتوحة وعقول واعية.