مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

لبس «طاقية الإخفاء»

المنصور بن أبي عامر الأندلسي كان إذا قرر شنّ حرب على أحد أعدائه، عقد لواءه بجامع قرطبة ولم يسر إلى الغزاة إلا من الجامع، فاتفق أنه توجه إلى هناك لعقد اللواء، فاجتمع عنده القضاة والعلماء وأرباب الدولة، فرفع حامل اللواء اللواء، وإذا به يرتطم ويخترق إحدى الثريات فانكسرت على اللواء فتبدد الزيت، فتطيّر الحاضرون من ذلك وتغير وجه المنصور، وقرر أن يؤجل الحرب، إلا أن رجلاً «ملقوفاً» ومنافقاً رفع صوته من بين الجميع وهو يقول:
«أبشر يا أمير المؤمنين بغزوة هينة لينة، وغنيمة سارة؛ فقد بلغت أعلامك الثريا وسقاها الله من شجرة مباركة زيتونة»، فاستحسن المنصور ذلك واستبشر به خيراً وصدقه، وأعلن من مكانه الحرب، لكنه في غزوته تلك هُزم هزيمة فادحة أودت بنصف جنوده.
وعندما عاد بحث عن المنافق يريد أن يقتله، غير أنه «لبس طاقية الإخفاء» وفل، ووضع المنصور جائزة مغرية لمن يأتي به حيّاً أو ميتاً، ومن ذلك اليوم حتى الآن لم يستطيعوا العثور عليه.
---
في أوائل السبعينات من القرن الماضي نُقل أحد القضاة الفضلاء في بلادنا إلى لندن للعلاج بألم ألمّ بصدره، وعندما كشف عليه الطبيب قال لمرافقيه: «إن رئته معدومة من كثرة التدخين، ويجب أن يتوقف فوراً عن ذلك»، فغضبوا وقالوا له: «إنه يكره الدخان والمدخنين، ويدعو عليهم في كل صلاة».
المهم، ما أبغي أطول عليكم؛ لأنه اتضح أن فضيلته كان كل يوم بعد أن يتناول الإفطار وقبل أن يذهب إلى المحكمة يحضرون له مدخنة البخور التي يعطر بها شماغه ويستنشقها بعمق قبل أن يخرج.
وللمعلومية، فقد توصلت دراسة أجراها باحثون في المركز الدولي للأبحاث السرطانية في باريس، إلى أن الدخان المنبعث من عيدان البخور يسبب المخاطر ذاتها التي يسببها دخان السيجارة، بل وأكثر، خصوصاً أنه يؤدي إلى تلوث الهواء، ومن ثم يصبح خطراً على صحة الإنسان الذي يستنشقه.
أكيد سوف يغضب من كلامي هذا كل تجار البخور، لكنني على أتم الاستعداد أن أمسح كلامي، لو أنهم أهدوني حقيبة ممتلئة بأجود أنواع البخور؛ لأنني من هذه الناحية «ما عندي مبدأ» – مع وقف التنفيذ.
---
فعلاً، إن الحب – الله لا يكتبه على عزيز - هو الذي يدفع امرأة إلى أن تدفع رجلاً إلى أن يجعل من نفسه شخصاً غبياً.
- هل تعتقدون أنني حقاً غبي، أم أن شكلي هو اللي «باين عليه كده»؟!
- أعتقد أنهما الاثنان معاً.