مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الحصان أمام العربة

من سوء حظي أنني تورطت في نقاش غير مثمر مع رجل منغلق، مع أنني أكره النقاش (البيزنطي)، وأكره كثرة الكلام، ولكنه هو الذي جرني إليه، لأنه ما إن عرفني حتى بدأ يوجه لي التهم وكأن فمه قد تحول إلى مدفع رشاش، ومن ضمن تهمه أنني من المؤيدين إلى ما يسمّى (الترفيه).
فأخذته على مقدار عقله مردداً عليه الحديث الشريف، عن صحابي جليل اسمه (حنظلة) ومما ذكره أنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوعظنا فذكر النار، قال: ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة، قال: فخرجت فلقيت أبا بكر فذكرت ذلك له وقال: وأنا فعلت مثلما تذكر، فلقينا الرسول فقلت: يا رسول الله نافق حنظلة، فقال مه؟! فحدثته بالحديث فقال أبو بكر: وأنا قد فعلت مثلما فعل، فقال: يا حنظلة ساعة وساعة، وفي رواية أنه كررها ثلاث مرات، فهل بعد هذا الإيضاح من كلام؟!، وهو تأكيد منه على ساعة الاستجمام والترفيه عن النفس لتتقوى لساعة الذكر والعبادة وإعطائها حقها في المراح والمزاح والأكل والشرب والتنزه والفسحة.
حتى هذا الحديث لم يعجبه ولم يدخل مزاجه، لأنه شكك فيه، بسبب رواية أنه كررها ثلاث مرات.
عندها صمت صمت أبو الهول، لأنني عرفت بل وتيقنت أن (ما في العباءة رجّال)، وتركته (يرغي) مثلما يرغي البعير الهائج، ولم يخطر على بالي ساعتها غير المدعو وليد السناني الذي يكفّر كل شيء.
ومع الأسف أن بعض المسلمين ولا أقول الكثير منهم، لم يفطنوا إلى سماحة الإسلام ويعطوه حق قدره.
ويحضرني الآن ما قرأته في موقع (روسيا اليوم)، نقلا عن صحيفة (الإندبندنت) البريطانية: أن الباحث توم أندرسون أجرى تحليلاً حول ما إذا كان القرآن أكثر عنفاً من الكتاب المقدس، وبمقارنة نصوص القرآن الكريم والعهدين القديم والجديد – أي التوراة والإنجيل - حيث يصنف البرنامج الكلمات إلى 8 أنواع من العواطف، وهي الفرح والترقب والغضب والاشمئزاز والحزن والدهشة والخوف والقلق والثقة.
وبعد مزيد من التحليل وجد أندرسون أن العهد القديم أكثر عنفاً من العهد الجديد، وأكثر عنفاً مرتين من القرآن الكريم – انتهى.
وأقول أنا إنه عندما كانت أوروبا غارقة في ظلام وخزعبلات (القرون الوسطى)، كانت الأندلس مزدهرة بسماحة الإسلام، فتأسى (عصر النهضة) بذلك الازدهار، وبعدها بدأت انطلاقة أوروبا.
واليوم ها هو الأمير محمد بن سلمان، يضع الحصان بكل شجاعة أمام العربة، وليس العكس مثلما يتمناه عشاق الظلام.