حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

منتدى وإعلام ونجاح!

مهنة الإعلامي أو الصحافي في العالم العربي تمر بتحديات كبيرة ومحورية. هذه المهنة التي كانت مدخلاً لأصحابها «لأكل العيش» أو «أكل العيش بحلاوة» أو «أكل العيش بالكافيار»، كل بحسب ظروفه، نالها ما نالها بسبب ظروف ومتغيرات كبيرة طالت المنطقة العربية تحديداً وصناعة الإعلام عموماً.
تعرض عدد ليس بالقليل من الإعلاميين للتجريح والتشكيك في مواقفهم، بل تم تكفير وزندقة كثيرين منهم وتحميلهم ذنوب وأوزار جميع العلل المجتمعية والاقتصادية والسياسية وغير ذلك، حتى بات الإعلامي الصادق أشبه بالممسك قلما من جمرات النار هذه الأيام، ولذلك كم هو مناسب ومهم الحدث السنوي الناجح الذي تقيمه دبي بعنوان «منتدى الإعلام العربي»، الذي بتنظيمه الاستثنائي يمنح جرعة ثقة وحزمة من الأمل والضوء الساطع وسط الإحباط المخيم على القطاع المهني.
فرصة للتواصل لا مثيل لها للإعلام العربي على صعيد الشرق الأوسط؛ مجموعة منتقاة من أهم الأسماء العاملة في المجال ومواضيع للنقاش مختارة بحرفية راقية ومهنية لا يمكن إنكارها. جميع ذلك؛ الغرض منه الترقي بالمهنة والعاملين فيها بعد أن «تأثرت» بالتجاذبات الثقافية والدينية والسياسية والاقتصادية، فحولت بعض الساحات الإعلامية إلى ساحات قتال ومعارك وحروب.
لا يزال الإعلام أخطر الأسلحة وأشدها تأثيراً، والأمثلة كثيرة جداً على أهمية ذلك واعتباره جزءاً محورياً من ترسانة القوى الناعمة والمؤثرة والفعالة. جل الإعلام العربي يبدو في حالة «ميوعة» وفقدان للبوصلة، والسبب الرئيسي في ذلك هو أنه في حيرة لمن يوجه خطابه الإعلامي: هل هو موجه للعرب أنفسهم في داخل أوطانهم أم أن الخطاب موجه لـ«الآخر» المتلقي؟ وعدم الإجابة القطعية عن هذا السؤال يتسبب في ارتباك المشهد للمتلقي وبالتالي حصول الازدواجية.
الخطاب الإعلامي مقدم على تغيير، ليس فقط في الوسائل والمنصات التي يبث من خلالها، ولكن حتى في المفردات والعبارات التي تستخدم، والتي تحولت إلى خطاب ينتمي إلى حقبة المسلسلات التاريخية بمبالغاتها وديباجاتها المملة والنمطية. الاهتمام بالتعرف على تحديات التقنية وعدم الإخلال بالتعرف على عقلية المتلقي الجديدة، والعودة إلى الموضوعية الكاملة بقدر الإمكان، والاستثمار في تحسين المحتوى والمضمون في أفضل الأشكال، كل هذه الأمور أثبتت جدواها في إنقاذ أكبر المؤسسات الإعلامية حول العالم في مواجهة «تسونامي» التغيرات الحادة التي كادت تقضي عليها.
نموذج الأعمال الذي بنيت عليه المنظومة الإعلامية في المؤسسات الصحافية في العالم العربي انقرض بلا رجعة، ولم يعد بالإمكان أن تبقى تلك المؤسسات مرآبا للمجاملات وتوظيف المحاسيب والأنصار بلا حدود، ولكن عليها أن تكون لينة ورشيقة واقتصادية.
منتدى الإعلام العربي في دبي يوفر مناخاً صحياً في أيام معدودات لالتقاط الأنفاس والتمعن في حال مهنة بحاجة لأن تتغير قبل أن تختفي. ونجاح المنتدى السنوي بشكل متواصل هو إضافة جديدة وليست غريبة على قائمة نجاحات الشيخ محمد بن راشد.