حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

«أوبر» ـ «كريم»: قصة حلم!

صفقة الموسم. هكذا وصفت صفقة استحواذ شركة «أوبر» على شركة «كريم»، وكلتاهما تعملان في المجال نفسه. الصفقة قدرت بثلاثة مليارات ومائة مليون دولار. وعدد المستفيدين من هذه الصفقة كبير جداً: أول المستفيدين من ذلك هو شركة «أوبر» نفسها التي «اشترت» بهذه الصفقة حصة سوقية فورية من منافس شرس لها، في منطقة الشرق الأوسط تحديداً، كما أنها «ضمت» إليها مكاتب «كريم» القوية في باكستان وألمانيا، المتفوقة في إنتاج وتطوير برامج التطبيق الخاص بالخدمة، وتحسين الحلول المصاحبة لها.
أيضاً هناك الاستفادة الواضحة للمستثمرين، كصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وهو المستثمر الاستراتيجي في شركة «كريم»، الذي سيرى قيمة استثماره تقوى. وهناك شركة الاتصالات السعودية، والمملكة القابضة، وشركة الطيار، وجميعها شركات سعودية مساهمة عامة تمكنت من تحقيق عوائد قياسية على استثماراتها نتاج هذه الصفقة. وطبعاً هناك الموظفون في «كريم» الذين سينالون «نصيباً» لأن لديهم خيار الملكية في أسهم الشركة، في حالة حصول استحواذ عليها.
وهناك الجائزة الكبرى المنتظرة بعد طرح أسهم «أوبر» في اكتتاب عام كبير، يتوقع أن يحقق إقبالاً مهماً، وذلك بالقياس لما لقيه اكتتاب شركة «ليفت»، وهي أحد أشرس منافسي شركة «أوبر» في منطقة آسيا، الذي شهد قفزة بأكثر من عشرين في المائة في قيمة سهم الشركة بعد الطرح.
«أوبر» تتوسع في نموذج أعمالها، فتدخل بكل قوة وثقة في مجالات توصيل الطلبات والنقل والأطعمة السريعة، وكذلك الانتقال داخل المدن، وبين بعض المدن بالطائرات المروحية، وتعمل كل ذلك وسط معارضة ممنهجة من تكتلات ومصالح سيارات الأجرة التقليدية في المدن الكبرى، كما حصل في باريس ولندن ونيويورك والقاهرة. ولكن الكل يدرك أن هذه النوعية من الشركات إنما تقدم بديلاً جديداً ومنافساً لحلول النقل والمواصلات بكفاءة وفعالية وتأثير يفوق البدائل التقليدية بمراحل كبيرة جداً. إنه التغيير ومحاسن الحل التقني، وتبقى العاقبة لمن لا يدرك ولا يعي ولا يفهم أهمية التأقلم وعدم مجابهة القادم والمكابرة والإنكار.
ولنجاح الصفقة وأثرها «السعودي» بطل لا يذكر، ولا يعطى حقه من الإنصاف بالقدر الكافي، والمعني هنا هو الجهاز التشريعي للنقل، الذي قدم التسهيلات النظامية بشكل لافت ومدهش فاق توقعات كل مقدمي الخدمات، مما جعلهم يصنفونه كواحد من أفضل ثلاثة مشرعين لخدمة النقل المتشارك على مستوى العالم.
الأرقام في السعودية تتحدث عن نفسها في هذا المجال، وتعكس قصة النجاح المذهلة، فهناك أكثر من نصف مليون سعودي أنزلوا تطبيقات الخدمة ويستخدمونها، وهناك أكثر من مائة مليون رحلة تم إنجازها خلال عام 2018، غطت أكثر من ستين مدينة داخل السعودية، من خلال «أوبر» و«كريم» وغيرهما من مقدمي الخدمة ذاتها، وهناك أكثر من 375 ألف سائق يعملون في هذه الشركات («كريم» وحدها لديها أكثر من 150 ألف سائق يعمل معها، وهو عدد يفوق موظفي «أرامكو»).
قصة نجاح «كريم» (أحد مؤسسيها شاب سعودي من المدينة المنورة)، واستحواذ «أوبر» عليها، قصة نجاح جميلة، فيها علامات على الإبداع والتغيير الحاصل في السعودية الجديدة اليوم.
النجاح يتطلب الإبداع، وفتح المجالات بلا خوف، وقصة «كريم» و«أوبر» دليل على ذلك.