مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

لست شرّانياً ولا سادياً

بعد حادثة التحرش التي حدثت في أحد المطاعم بالرياض، وظهرت في مقطع فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، تطرق الأستاذ عبده خال للموضوع قائلاً:
أصبح الآن هناك قانون يتعامل مع المتحرشين، وفق بنوده الصارمة التي تشمل السجن والعقوبة المادية، وكان في السابق تغض المرأة الطرف عن التحرش، خشية اللوم أو الحياء، أما الآن فقد اكتسبت المرأة وجودها وحماية لهذا الوجود؛ أصبحت أكثر جرأة على التقدم بالشكوى مع مناصرة المجتمع لها اجتماعياً وإعلامياً، وأيضاً في السابق لم تكن كاميرا الجوال حاضرة للتدليل على فعل التحرش، أما الآن فيكفي المرأة أن تسلط كاميرا جوالها على المتحرش، حتى وإن لم تظهر، لينتقل مقطع التحرش على طول وعرض البلد - انتهى.
أنا مع الأستاذ عبده قلباً وقالباً، ولا شك أنه يُشكر على غيرته ورأيه، وهذا ليس كثيراً عليه، ولو أنه سمح لي أن أتطفل، وطلب مني أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع شبه الشائك، فإنني أقترح على المرأة حسماً واختصاراً للموضوع أن تلجأ إلى عدة بدائل، وهي كثيرة ومتاحة ومطروحة الآن، منها مثلاً العصي الكهربائية، وهي سهلة الطي، ومن الممكن وضعها في الحقيبة النسائية، وكذلك الحذاء الكهربائي، وكلاهما يصعق المتحرش بقوة 450 «فولت»، فتلقيانه (كالرمّة)، وعليها ألا تنزعج فهما غير قاتلتين.
وإذا لم يعجبها ذلك فهناك (إسبراي) الفلفل الحار المشعوط، وهو موجود في زجاجة صغيرة أنيقة تشبه زجاجات العطور، وما على المرأة إذا تحرش بها رجل ثقيل الطينة، ما عليها إلاّ أن توجه في أنفه رشة قوية، وهي كفيلة بأن تجعله يعاطس وينطنط ويدور على نفسه كالمدوان إلى أن ينطرح على الأرض من شدة الألم مثلما ينطرح البعير، ولكن عليها وهي ترش البخاخ أن تكتم أنفاسها جيداً، ثم تدير رأسها سريعاً، ولو لم تفعل ذلك فسوف يصيبها - لا سمح الله - ما أصابه، وتنطرح هي مثلما تنطرح الناقة.
والآن اسمحوا لي أن أكون جاداً وعقلانياً، ولو لمدة خمس دقائق قبل أن أكمل كتابتي، لأنني أريد أن أستغل الفرصة التي جثم فيها عليَّ عقلي، وما أقل ما يجثم، وأقول:
إننا نمر بمرحلة مفصلية؛ إما نكون أو لا نكون. أعرف أن هذه الجملة كبيرة وكبيرة جداً، ولكنني عنيتها عمداً، فزمان (الخنبقات) ولّى، وإن لم يكن، يجب أن يوليّ.
وهناك أناس مع الأسف لا تردعهم الحسنى، فلا يردعهم سوى السوط.
لست شرّانياً ولا سادياً، ولكنني أعبد الله، ثم أتأسى بتلك الكلمة الخالدة التي قالها المصطفى: «إنما بعثت لكي أتمم مكارم الأخلاق».