عبير مشخص
صحافية وكاتبة سعودية في مجال الفنون والثقافة
TT

طيور الجنة في قبضة «داعش»

منذ أسبوعين ذكرت وسائل الإعلام السعودية أن مواطنا سعوديا أخذ طفليه (10 و11 عاما) إلى رحلة لتركيا، لتكتشف طليقته عبر رسالة نصية منه لاحقا أنه اصطحبهما إلى سوريا لينضموا الى المجاهدين هناك، قائلا في رسالته "أحتسبي أبناءك طيورا في الجنة". في نفس الأثناء ظهرت صور على "تويتر" التقطها مواطن أسترالي لطفله البالغ سبعة أعوام وهو يحمل رأسا مقطوعة، وبالامس نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية صورة للصبي يونس عبود (13 عاما) من بلجيكا وهو يحمل سلاحا ويضع عمامة ويرتدي جلبابا قصيرا، وتساءلت إن كان يعد أصغر إرهابي صدرته بلجيكا.
ولكن القصة لا تنتهي بشاعتها إلى هذا الحد. ففي طوفان الصور المفجعة في "تويتر" وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي هناك الكثير من صور الأطفال والمراهقين الذين نجدهم إما يقفوا ليلتقطوا صورة مع رأس مقطوعة أو يحملون أسلحة ويبتسمون للكاميرا، أو يقفون ضمن صفوف المقاتلين لمتابعة عملية قتل. وقبل أن نتساءل عن المسؤول عن ذهاب هؤلاء الأطفال الى مواقع القتال وعن المسؤول عن تحويلهم إلى قتلة وهم في عمر الزهور، نجد معلومة على الصحف البريطانية أن عدد المراهقين في صفوف قوات الدولة الاسلامية وصل إلى 5000 مراهق كلهم يحملون جوازات الاتحاد الأوروبي. وهناك الكثير من الفتيات أصغرهم فيما نعرف من فرنسا وعمرها 14 عاما ذهبت للقتال في سوريا وأغرت صديقتيها (15و16 عاما للحاق بها، غير أن الشرطة الفرنسية تمكنت من القبض عليهما). الذي لا نعرفه بعد هو عدد الأطفال والمراهقين الذين ذهبوا لسوريا من الدول العربية، فالواضح أن آلاف الشباب العربي قرر اللحاق بمقاتلي "داعش" في سوريا والعراق، والواضح أيضا أنهم تخلوا عن إنسانيتهم ومشاعرهم وضمائرهم كما تخلو عن جنسياتهم القديمة، وأنهم بمنطق معوج استباحو قتل النساء والرجال والعجائز بأشنع الصور، وزاد في الامر أنهم سمحوا بل وشجعوا أطفالا أبرياء ليصبحو وحوشا مثلهم.
موقع "السي ان ان" يذكر أيضا أن بعض هؤلاء الأطفال مخطوفون وتعرضوا لعمليات غسل دماغ، فيذكر أن "داعش" اختطف 140 طفلا كرديا ما بين 14-16 عاما كانوا على متن حافلة مدرسية، فاحتفظ بهم أسرى، ثم قام بتلقينهم دروسا دينية متشددة.
ويذكر الموقع أن ثلاثة من الاطفال نجحوا في الهرب. كما تحدث محرر الـ"سي ان ان" على الهاتف مع أحدهم واسمه محمد، وقد وصف الطفل تفاصيل حياته وزملائه في الأسر والوسائل التي لجأ إليها مقاتلو "داعش" لغسل أدمغتهم.
يبقى أننا ننظر إلى صورة كئيبة ومظلمة لعدة أجيال، جيل حالي يدمر حياته وحياة غيره على اقتناع أنه بقتل وترويع غيره يدخل الجنة! وأجيال أخرى لم تكبر بعد اختطفت طفولتها وسنين عمرها ليصبح أفرادها انتحاريين وقتلة وسفاحين.