خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

الويل من الأخطار الزوجية

كواحد من المدمنين على الزواج، تأملت فيما يترتب على الزواج من أخطار؛ وجدت أنها لا تقل خطراً عن ركوب الدراجة أو السيارة أو الطائرة أو التزلج على الجليد. ماذا يحدث إذا ضرب الرجل زوجته وفقع عينها أو كسر رجلها... من سيدفع التعويض؟ ومن سيقوم بعملها وهي طريحة الفراش؟ من سيغسل ويكوي الملابس ويغسل الصحون ويكنس الأرض؟ ماذا يحدث إذا ضربها بطنجرة الطبيخ، فأخطأتها وأصابت ضيفاً أو عابر سبيل في الطريق، وكسرت ضلعين أو ثلاثة في صدره؟ من سيتحمل تكلفة المعالجة؟
تأملت في الموضوع، واستولى عليّ العجب؛ كيف غاب ذلك عن انتباه شركات التأمين وهي لا تنفك عن طرق أبوابنا لتعرض علينا بوليصات تأمين حتى على الصراصير والفئران في بيوتنا؟ الحياة الزوجية تتطلب بوليصة تأمين على المراحل كافة. وفي رأيي، فإن على المسؤولين أن يشترطوا لعقد الزواج حصول الزوج مسبقاً على شهادة تأمين ضد أخطار الزوجية، على الأقل فيما يتعلق بالشخص الثالث. وما أكثر الشخص الثالث في الحياة الزوجية عند الغربيين! من الغريب أنهم يشترطون الحصول على التأمين لسيارة، ولا يشترطون ذلك للحصول على زوجة. أهكذا يكون احترامنا للمرأة وحقوقها، نضعها في منزلة دون منزلة السيارة المستهلكة؟!
هذا موضوع مهم، في رأيي، وقد آن الأوان لتنظيم بوليصات تأمين تكفل للمرأة حقوقها عما قد يحل بها من كسور أو رضوض أو فقدان عضو أو حاسة من الحواس الخمس، مما قد يترتب على الحياة الزوجية. وهذا شيء عملي يصون الزوجين من سوء التفاهم والمشاجرات أمام الأولاد. فحالما يضربها الزوج ويكسر يدها، تفتح التليفون مع شركة التأمين، وتطالب بالتعويض المنصوص عليه، وكل ذلك من دون أن تقول كلمة واحدة لزوجها، فهذا موضوع لا يعنيه.
من الضروري أن تكون البوليصة واضحة مفصلة، كما هو الحال تماماً في البوليصات التي نوقعها عند ركوب طائرة. فتذكر مبلغ التعويض عند فقدان عين أو عينين، وفقدان السمع لأذن واحدة أو أذنين، حسب ما تلقته الزوجة من لكمات، وهكذا. هذا تفصيل مهم لضمان حقوق الزوجة، وإحاطتها إحاطة كاملة بما لها وعليها. فمعظم بلايا المرأة في كل مكان وزمان تعود لجهلها بحقوقها. وهذه هي ميزة شركات التأمين، فهي تعلم الزوج والزوجة عن حقوقهما، فتذكر لها كم عين لها وكم أذن، وهكذا.
والآن، من يتحمل أقساط التأمين؟ من الواضح أن هذا يقوم على أجرة مقطوعة، وتدفع مقدماً، فالرجال مكارون؛ سرعان ما يتوقفون عن دفع الأقساط. المطلوب أن تدفع كاملة، كملحق للمهر المقدم. ويستطيع الطرفان، عندئذ، أن ينعما بحياة زوجية مستقرة، مع طيب البال. وهذا مهم أيضاً للزوج، فهو يعلم بكل ثقة أنه يستطيع أن يضرب زوجته كما يشاء، وحيثما شاء له أن يضربها، عالماً حق العلم بأن شركة التأمين كفيلة بتعويضها. وأنا أطرح كل هذه الخواطر من باب دعم الحياة الزوجية، وتربية الأطفال، وتعزيز الاقتصاد الوطني.