د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

المكر التركي ـ القطري على الجيش الليبي

ليبيا لثماني سنوات عجاف وهي تعاني من تآمر النظام القطري برعاية الحمدين وفتاوى القرضاوي الضالة، ثم تسلّم الأمر تميم، الذي قال: «الغاز الليبي مقابل إسقاط القذافي»، في أكبر صفقة ابتزاز حققها له تنظيم الإخوان في ليبيا، الذي مكّن النظام القطري من تسويق النفط والغاز الليبيين، إبان حراك فبراير (شباط).
سنوات من التآمر القطري على ليبيا والليبيين، وعندما تقدم الجيش الليبي نحو إنهاء حالة الفوضى والقضاء على الإرهاب والإرهابيين في آخر جيوبهم ومعاقلهم في طرابلس، تعالى الصراخ والعويل في الدوحة، كأن الجيش الليبي يهاجم قطر، وليس داخلاً عاصمته طرابلس لتطهيرها من الميليشيات، إذ قال وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مع بداية حملة الجيش، إن «قوات حفتر الذي يقود الجيش في شرق ليبيا خارجة عن الشرعية»... تصريحات وصيحات لا معنى لها سوى أنها تدخل سافر في أمر داخلي ليبي لا يخصها، بل هو شأن ليبي محض.
النظام القطري يصرُّ على تجاوز الإرادة الليبية وفرض واقع سياسي مغاير لإرادة الليبيين الوطنيين، فقطر استغلت الفرصة بإخوانها المسلمين إثر إسقاط «الناتو» الدولة الليبية لتعبث بالمشهد الليبي، داعمة المجرمين والإرهابيين، بالسلاح والمال لقتل الليبيين، في عدوان مستمر يقوم به النظام القطري منذ زمن الحمدين إلى عهد تميم، وهذا الكم من الحقد على الشعب الليبي وتصفيته بشلالات الدم، يعطي للشعب الليبي والقوى الوطنية حق الرد على هذا الصلف.
القرضاوي محراك الشر والفتنة، الذي فاقت فتاواه التصور في التضليل والتدليس، والغلو والتغول في إهدار دماء المسلمين الليبيين لمجرد خلافهم ورفضهم تمكين الجماعة الضالة؛ جماعة البنا وقطب من رقاب المسلمين في ليبيا، فانطلقت الفتاوى الضالة التي أصبحت ليبيا بعدها حماماً من شلالات الدماء.
أصدر القرضاوي فتوى تبيح قتل القذافي، في سابقة تاريخية تأتي من رجل دين، إذ قال ذات يوم على الهواء: «أنا هنا أفتي، من استطاع من الجيش الليبي أن يطلق رصاصة على القذافي قتله وأراح الناس من شره»، الأمر الذي تحقق بمقتله بالرصاص والتمثيل بجثته ودفنه هو ورفاقه في مكان مجهول، ومع هذا لم نسمع جماعات حقوق الإنسان تطالب بمحاكمة القرضاوي لأنه حرض على الفتنة، بإصداره أحكاماً بالموت خارج القانون. وذات يوم أيضاً وفي تناقض غريب قبل هذا المشهد، برز القرضاوي يمدح القذافي ويمجده والتقاه في ليبيا وعانقه في خيمته في طرابلس.
القرضاوي هو مفتي القتل، الذي أهدر الدماء في ساحات كثيرة من بلاد العرب، ما يؤكد أنه كان مضللاً ومخادعاً في إحدى الحالتين، فلا يمكن أن يكون القذافي ناصر الإسلام ورافع رايته كما قال له ذلك في خيمته، ثم يهدر دمه بتهمة الخروج عن الإسلام.
وعلى منهج القرضاوي الإجرامي، سار المفتي الليبي المعزول الغرياني الذي يفتي بالقول: «من يقاتل الجيش الليبي ويموت فهو شهيد»، في محاولات لإضفاء الصبغة الدينية على حربهم الضالة وقتالهم الجيش الوطني الليبي، كيف وهذا التنظيم أباح قتل المسلمين بالمساجد التي وصفها كبيرهم السيد قطب بمعابد الجاهلية في كتابه «معالم في الطريق»، الكتاب الذي يعتبر منهج ودستور التكفير والقتل لجماعة الإخوان الضالة.
الجيش الليبي ماضٍ في مهمته مهما كان حجم الدعمين القطري والتركي، وسيكمل مهمة تخليص طرابلس من هذه العصابات الإجرامية، ولن يسمع لبواكي ميليشيات «الإخوان» و«القاعدة» و«داعش» من الليبيين والعرب وحتى العجم.
لقد نغَّص هذا الثنائي التركي - القطري على الليبيين حياتهم طوال ثماني سنوات لم يهنأ فيها الليبيون أبداً، وها هم الآن يزيدون ويلاته، ولكن «وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ».