مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

خير البشرية

بعض (الغلاة) يسبغون على الرسول - صلى الله عليه وسلم - صفات وأفعالاً ومزايا ما أنزل الله بها من سلطان، وهم يظنون أنهم بذلك يمجدون الرسول ويرفعون من قدره، وينسون أن الله - عز وجل - قال عنه: «إنك لعلى خلق عظيم» - وكفى بذلك وصفاً بز فيه جميع العالمين.
الذي دفعني لذكر ذلك هو ما شاهدته وسمعته لشيخ على (الواتساب) وهو يقول عن الرسول:
إن الله خصه بعشر خصال لم يخص بها أحداً: 1- أنه خلق مختوناً. 2- ولم يحتلم بأهله بالمنام قط. 3- ولا ظلال له، فالغمام دائماً فوقه. 4- وما يخرج منه تبتلعه الأرض، ولا أثر له. 5- والذباب لا يقع عليه. 6- وهو يرى من خلفه مثلما يرى من أمامه. 7- وتنام عينه وقلبه لا ينام. 8- ولا يتثاءب أبداً. 9- وإذا مشى إلى جانبه أطول الناس، يصبح الطويل قزماً. 10- وتعرفه الدواب، وتأتي له مسرعة ليركبها - انتهى.
كيف نوفق بين هذا وقوله - عليه الصلاة والسلام - لفلذة كبده: يا فاطمة، إنني لا أملك لك من الله شيئاً؟! وقد قال - عز من قائل - عن رسوله: «إنك ميت وإنهم ميتون»، بينما يقول بعض الغلاة عن الرسول إنه ميت بيولوجياً، ولكنه حي نفسياً!
الرسول أصابته الحمى، وشُق جبينه الطاهر، وكُسرت رباعيته في غزوة أحد، وكان يتداوى بالأعشاب، وقال لأهل المدينة: «أنتم أعلم بشؤون دنياكم»، وأخطأ نبي الأمة في حق الأعمى، وعاتبه الله قائلاً: «عبس وتولى أن جاءه الأعمى». كما أنه يغضب، مثل غضبته على نسائه، وهجره لهن.
وفي مكة، حاصره المشركون في الشعب، حتى ربط هو وأصحابه الحجارة على بطونهم من شدة الجوع، وأكلوا الشجر والورق، حتى مات بعض الكبار والأطفال.
وكان ينسى أحياناً، فقد قال: إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فذكروني، ويخطئ التقدير أحياناً، مثلما حصل في موقعة بدر باختياره مكان نزول الجيش، فسأله الحباب بن المنذر: أمنزلاً أنزلكه الله، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال رسول الله: «بل هو الرأي والحرب والمكيدة»، فقال: فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله، فقال له مشجعاً: «لقد أشرت بالرأي».
وقد خاطب الله - عز وجل - رسوله الكريم بهذه الآية: «قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون».
وأختم: إن الله يؤكد بشرية سيدنا محمد، وهو أفضل البشرية كلها بالنبوة والرسالة.