طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

الانطباع الأول ليس هو الأخير

أمسك الموسيقار محمد عبد الوهاب بعوده في مطلع الخمسينيات وبدأ في دندنة كلمات صديقه الشاعر حسين السيد «توبة توبة» وبعد أن انتهى منه، لم يستطع غناءه، كان يشعر أن هناك شيئاً ما ناقصاً، في تلك الأثناء قد بدأت نجومية عبد الحليم حافظ، اكتشف عبد الوهاب أن اللحن بحاجة لصوت شاب، وكان بصدد إنتاج فيلم «بنات اليوم» فصارت هي الأغنية التي تحقق أعلى درجات النجاح عندما تم طرحها على أسطوانة بصوت العندليب.
ملحوظة، في ذلك الزمن كانت الأرقام صادقة وحقيقية، وليست «مضروبة» كما تابعناها مؤخراً في أغلب استفتاءات رمضان.
لا يعلم الكثيرون أن واحدة من أشهر أغنيات أم كلثوم «بعيد عنك» كتبها مأمون الشناوي ولحنها بليغ حمدي لتغنيها نجاة، وفي البروفات الأولى حدث شيء غامض، أدى إلى أن تفقد نجاة حماسها، وأخبرت بليغ حمدي الذي صارحها القول إنه «اكتشف لا شعورياً أنه يلحن الكلمات وفي ذهنه أم كلثوم»، والغريب أنه عرض اللحن بعد ذلك على (ثومة) وبرغم علمها بكل التفاصيل فإنها وافقت وكسبت الرهان.
روى لي ابن الموسيقار محمد فوزي الطبيب منير أنه كان وشقيقه الضابط نبيل يلعبان في المنزل فأمسك فوزي بالعود وغنى «ساكن في حي السيدة - وحبيبي ساكن في الحسين»، وكان يريد غناءها فقالا له إنها أحلى بصوت محمد عبد المطلب، ونفذ الاقتراح فكانت أغنية عصية على النسيان.
بينما عبد المطلب عندما أسمعه الشاعر محمد حمزة والملحن منير مراد أغنية «الليل الليل» قال لهما: «دي أغنية (حريمي)»، ورشح شريفة فاضل فصارت أجمل أغانيها.
أما محمود مرسي فكان هو المرشح الأول لمسلسل «الراية البيضا» في دور السفير «مفيد أبو الغار»، إلا أنه كما روي لي قال للمخرج محمد فاضل: «هذا الدور مكتوب لجميل راتب فكان هو أهم أدواره على الشاشة الصغيرة».
في مسلسل «ليالي الحلمية»، كان الاتجاه الأول للكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ أن يلعب البطولة في دور «الباشا سليم البدري» محمود ياسين، بينما «العمدة سليمان الغانم» يؤديه سعيد صالح.
وبعد جدل ولقاءات متعددة قرر عكاشة وعبد الحافظ أن الأوفق هما يحيى الفخراني، وصلاح السعدني، فصارا هما العنوان الأهم في الدراما التلفزيونية.
قال لي المخرج كمال الشيخ إنه في فيلم «الصعود للهاوية» توجه إلى سعاد حسني، إلا أنه فوجئ باعتذارها قبل التصوير بساعات لأنها تخشى أداء دور جاسوسة، فأسند لأول مرة البطولة لمديحة كامل ليصبح هذا هو أهم أدوراها السينمائية.
كان الانطباع الأول لحسين كمال أن تلعب هند رستم دور الراقصة «فردوس» أمام عبد الحليم حافظ في فيلم «أبي فوق الشجرة»، ولكن هند رستم اشترطت أن يكتب اسمها ببنط يساوي عبد الحليم، فجاء الإنقاذ على يد نادية لطفي، وكان واحداً من أجمل أدوارها.
الانطباع الأول للمخرج شريف عرفة هو أن يسند أحد أدوار بطولة فيلم «الكنز» لأحمد السقا، إلا أنه بعد اعتذاره اكتشف أن الدور يليق أكثر بمحمد سعد، والذي كان حتى ذلك الحين لا يقدم سوى تنويعات على شخصية «اللمبي»، وكانت المرة الأولى له في فيلم «الناظر» إخراج شريف عرفة، وهكذا أحضر عرفة عفريت «اللمبي» عام 2000. وهو أيضاً الذي صرف العفريت عام 2018، ومنح محمد سعد مساحة أخرى من الحضور السينمائي.