علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

غريب

الدمج والاستحواذ حالات متعارَف عليها وتمارَس في جميع أسواق الأسهم في العالم، وإذا كان الدمج لا يؤدي إلى الاحتكار فإن الحكومات تحثّ عليه وتشجعه لأسباب عدة أهمها لدى الحكومات خلق كيانات قوية قابلة للعيش والتنافس مع شركات العالم. والدمج قد يكون بين كيانات قوية داخل البلد ولكنها ضعيفة إقليمياً أو دولياً مما يجعل الحكومات تشجع على مثل هذا الدمج أو أن هذه الشركات ضعيفة وعليها خطر الخسارة والخروج من السوق. وفي مثل هذه الحالة يكون الدمج أمراً ضرورياً وملحاً لكي تستمر هذه الشركات في الحياة.
في السوق السعودية ومنذ القدم نجد اندماجات بين البنوك، وآخر هذه الاندماجات هو اندماج البنك السعودي الهولندي مع البنك السعودي البريطاني، ولا تزال المفاوضات جارية لدمج بنك الرياض مع البنك الأهلي، وهذا سيخلق كياناً قوياً قد تبلغ حصته المصرفية في السوق نحو ثلث الكعكة. ومثل هذه الاندماجات إيجابية ولا تؤدي إلى الاحتكار لأن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) أعلنت وبشكل قطعي على لسان محافظها الدكتور أحمد الخليفي، أنها سترخص لأي بنك يرغب العمل في السعودية بشرط واحد هو التوافق مع معايير مؤسسة النقد العربي السعودي.
في الجانب الآخر شهدت السوق السعودية نشوء شركات التأمين، والحقيقة أنها فاقت الحاجة، ما جعل الحصة السوقية تتناثر بين هذه الشركات لتصبح غير مجدية، وقد تعرض معظم هذه الشركات لخسائر، ما اضطرها إلى أن تخفض رأس المال ثم ترفعه مره أخرى عن طريق الاكتتاب لشطب هذه الخسائر.
«ساما» تحثّ شركات التأمين على الاندماج. الغريب في الأمر أن الشركات لم تتجاوب بما يكفي مع هذه الدعوة حتى إن الشركات التي أعلنت عن نيات الدمج مع فشل المسار اضطرت إلى أن تعلن مرة أخرى أنها انسحبت مع مفاوضات الدمج. وللأسف، بعض أسباب الفشل مضحكة تماماً، فمثلاً إحدى الشركات طلبت أن يتم التقييم للدمج مع شركة أخرى على أساس السعر السوقي للسهم! وهذا لا يمكن القياس عليه في عمليات الدمج، إذ يجب أن يتم تقييم الشركتين الراغبتين في الاندماج من قِبل مقيّمين معتمَدين يمكن على ضوئها إخراج معادلة الدمج.
والحقيقة أن خفض رأس المال ورفعه لغرض شطب الخسائر عملية مضحكة هي الأخرى لا سيما في قطاع التأمين، إذ تكررت هذه العملية دون جدوى، وأنا أعرف أن نظام الشركات يسمح بمثل هذا، وأقترح في هذا المجال أن يُسمح لشركة التأمين بأن تخفض رأس مالها وترفعه مرة واحدة فقط وإنشاء لجنة لدراسة هذا السوق بجميع جوانبه حتى نخرج برؤية واضحة تمكّننا من معالجة أوضاع الشركات السيئة في قطاع على تماسٍّ مع حياة المواطن سواء في مركبته أو صحته أو ممتلكاته.