مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الحياة بألوانها أنثى

استكمالاً لما أورده الدكتور وحيد عبد الصمد، في مقال يوم الخميس من خيانات بعض الأطباء لميثاق الشرف لدورهم العظيم.
خطرت الآن على بالي أبيات شعر باللهجة الدارجة، كان قد صاغها الأمير عبد الرحمن بن مساعد، من جراء غلطة فادحة تسبب بها أحد الأطباء، تهون معها كل خيانات الأطباء، وكان عنوان تلك الأبيات هي: (ريم حامل)، وجاء فيها:
هي تكابر ما شكت... هي تكابر ما بكت... فيها أمل أنها تطيب، لين طاحت إيه طاحت ودوّها للطبيب.
قال الطبيب: حامل توها بأول شهر... لا تشيل أشياء ثقيله... وامنعوها من السهر.
قال أبوها: كيف حامل والبنت عذراء... قال: أنت أبوها وانت أدرى!!... يمكن أخطت مع حبيب.
قام أبوها وما تكلم... ناسي؟ منهي؟ وشنهي؟!... ما ذكر أنها وحيده... ما لها إخوان وخوات... صد عنها وما سألها... ما درت وش في الحكاية!!
تسأله وهي تبتسم: يا يبه وش قال فيني؟... ليه ما تبغي تكلّم؟... يا يبه تكفي تكلم... يا يبه قلبي فديتك... غير الوجهة وطوّل... كان في النية عجل.
وسألت ريم بخجل: يا يبه ضيعت بيتك... وقف الموتر وحوّل... ثم مسكها من شعرها... ومال عنها ثم نحرها... وغرقت ريم بدمها... واظلم الليل وقبرها... شك فيها وفي شرفها.
يا قسى قلوب الرجال... صدق حتى الخيال... حتى ماتت ما بكوها... ما درت كيف اظلموها... وما سألت ليه أنكروها؟... وما سألت ليه أطعنوها؟... وليه يقتلها أبوها (؟!). وبعد ما ماتت بيوم... وقبل لا يأذن الظهر... رن هاتف بيتها رد أبوها... قالوا: بيت ريم؟ أبشرك طلع تحليل بنتك سليم... بس غلطنا بالأسامي... وشف ملف بنتك أمامي... بنتك معها زايده... وما دروا أنه قتلها.
آآه لو بس سألها... آآه لو بس سألها (!!) –انتهى.
وللمعلومية هذه المأساة حقيقية، وذلك عندما اشتكى رجل كبير بالعمر قتل ابنته والسبب تقرير طبي خاطئ، فبكى الأمير عبد الرحمن لما سمعه، وأطلق هذه الأبيات من أعماق قلبه.
وتكريماً مني لروح الشهيدة ريم، أهديها هذه التعريفات التي ترفع من قدر الأنثى، وقد قالها أمير الشعراء أحمد شوقي:
الحرف بمحدوديته ذكر واللغة بشمولها أنثى، والحب بضيق مساحته ذكر والمحبة أنثى، والسجن بضيق مساحته ذكر والحرية بفضائها أنثى، والجحيم بناره ذكر والجنة بنعيمها أنثى، والظلم بوحشيته ذكر والعدالة أنثى، والتخلف برجعيته ذكر والحضارة برقتها أنثى، والمرض بذله ذكر والصحة بعافيتها أنثى، والموت بحقيقته ذكر والحياة بألوانها أنثى –انتهى.
أرجو أن لا يلومني أحد، إذا انحنيت للأنثى.