مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

ماذا لو... قنبلة نووية إيرانية؟!

ماذا لو أصبحنا، أو أمسينا، على لحظة تفجير إيران لأول قنبلة نووية لها أمام العالم؟
يبدو هذا السيناريو كارثياً ملحمياً يشبه أفلام الرعب والخيال الحربي البوليسي التي يسابق فيها الزمن رجال المخابرات الأميركية والخدمات السرية لمنع «الشرير» من الحصول على سلاحه المدمر.
المقاربة الأوروبية والغربية بشكل عام تركز الخطر الإيراني على امتلاك النظام الإيراني القنبلة النووية، على أساس أن النظام المعتوه الخرافي، لن يتورع عن إلقاء هذه القنابل على الخصوم، مستبيحاً إياهم، الأمر الذي يعني إطلاق سباق نووي خطير في منطقة الشرق الأوسط، لأنه في حال امتلاك إيران هذا السلاح، فلن يقف الآخرون، السعودية خاصة، في حالة تفرج وشكوى لأوروبا «اللئيمة»، بل سيأخذون بمبدأ «إذا لم يكن إلا الأسنة مركباً/ فما حيلة المضطر إلا ركوبها»!
بعد إحكام قبضة الحصار الاقتصادي على حلق النظام الخميني، تخبّط وتلبّط قادة الجمهورية الخمينية، وكلما زاد تخبطهم، اشتد خناق الحبل على العنق وتحزّزت طيات الرقبة من أثر الحبل الغليظ.
جزء من هذا التخبط كان سعي قادة «الحرس الثوري» مع المرشد المهتاج في «استدعاء» الحرب، من خلال مجموعة عمليات عدوانية ضد السعودية والإمارات وأميركا والنرويج والبحرين وغيرها من الدول، لعل هذه الحرب تلغي كل ما قبلها، و«تجبّ» المشهد وتؤسسه من جديد، فلا صوت يعلو على صوت المعركة، وسيكون الشعب الحانق من ضيق العيش وكآبة المنظر مصطفاً خلف الدولة في حرب الوجود والكرامة... إلى آخر هذه الشعارات الرهيبة.
كما أن مظهراً آخر من مظاهر التخبط هذا هو التهديد بتجاوز الاتفاق المعقود بين الدول «الخمس زائد واحد» مع إيران بخصوص التخصيب النووي، وزيادة معدلات التخصيب الخطر، ما لم يساعد الأوروبيون إيران في ردع ترمب عن المضي قدماً في الحصار والعقوبات.
يعني أن إيران تناور بموضوع التهديد النووي، وليست جادة، أو حتى قادرة على الوصول إلى الصباح النووي الموعود الذي بدأنا به الحديث. لكن هل أَمْنُ الناس والوجود والدول عرضة للمراهنات والمقامرات والمغامرات؟!
السعودية وغيرها من الدول المتضررة من شرور إيران لن تضع أمنها ومصالحها وديعة في يد الغرب أو الشرق.. أعتقد هذا أمر واضح وليس مثاراً للدهشة، يعني النووي مشمول فيه!
بعد هذا كله، من قال إن تضرر السعودية وبعض دول الخليج والعراقيين والسوريين واليمنيين واللبنانيين وغيرهم، محصور بامتلاك رجال «الحرس الثوري» للقنبلة النووية؟
ما هو أخطر من القنبلة النووية، هو افتراس إيران لمفهوم الدولة في العالم العربي وبثّ التحريض ورعاية العصابات وخلق الكيانات الموازية.. وهذا ما هو «شغّال» فعلاً منذ 1979 مع هذا النظام الخبيث.. وليس وجود قنبلة نووية.