Oleg
* إخراج: يوريس كوريسيتيز
* تقييم: (ممتاز)
أوليغ تحت الثلج
بعد أن تلتقط الكاميرا بطل الفيلم أوليغ (فالنتين نوفوبولسكي) كنقطة سوداء صغيرة فوق مساحة ثلجية كبيرة، تقترب منه كانقضاض النسر على أرنب بري. تتوقف عنده في لقطة متوسطة. هو نائم على سطح الجليد مرتدياً «تي شيرت» وسروالاً منزلياً. نسمع طقطقة الجليد تحته. يستيقظ متسائلاً عما نسمعه، ثم وقبل أن يدرك ما يحدث تنقسم الطبقة الجليدية على نفسها فيهوى إلى الماء تحتها. يحاول النفاذ من بين طبقات الثلج التي عادت فسدت المنفذ الذي هبط منه لكن بلا نجاح. نراه يهوى ببطء إلى القاع فاقداً الحياة.
هذا المشهد هو حلم كابوسي يتكرر ظهوره في الفيلم ثلاث مرات. لكنه يختلف في المرّة الأخيرة عن المرتين السابقتين من حيث إنه هذه المرة سينجح في اختراق الجليد حيث يجد راهباً يقف بانتظاره ليأخذه بعيداً عن الخطر. على ذلك لا نعلم إذا ما كان الحلم هو نبوءة خلاص بدني من آلام الحياة التي يعاني منها أو خلاصاً روحياً. هل ما زال أولغ على قيد الحياة أو أن الروح فارقته. في كلتا الحالتين، المشهد رمز روحي يجسد انحيازاً لعنصر الدين كملجأ أخير حيال متاعب الحياة وشرور من فيها.
أوليغ هو الشاب الآتي من ليتوانيا إلى بلجيكا. عمله جزّاراً في المسلخ. مشكلته أنه بعد حين يطرد من عمله بتهمة التسبب في حادثة بتر فيها زميل له أصبعه. لكنه بريء. يتلقاه بولندي يعيش في بلجيكا اسمه أندريه (ديفيد أوغرونديك) ويعده بعمل يعتاش منه. المطلوب هو تسليمه جواز سفره الليتواني واستبداله بجواز سفر بولندي، علماً بأن أوليغ لا يعرف كلمة بولندية واحدة.
بعد حين وجيز تتكشف حقيقة أن أندريه يشغّـل أوليغ بلا أجر. يحاول أوليغ إقناعه بدفع أجره، لكن أندريه يتهرّب ثم يمانع ثم يعنف أوليغ ويضربه. تشعر هنا أنك تريد من أوليغ أن يضرب أندريه حتى الموت، لكن أوليغ مسالم ولم يقل عن نفسه يوماً بأنه شجاع.
للقصة تكملة مشوّقة طوال الوقت من دون أن يعمد الفيلم لسرد حكاية ميلودرامية أو حتى بوليسية. الرصد هنا اجتماعي عن حال أبرياء يقعون في عمق الهوة الاجتماعية (كما في الكابوس) بسبب مستغلين آتين من الجحيم وعائدين إليه.
أسلوب المخرج الجديد كورسيتيس لا يختلف عن ذاك الذي نجده عند البلجيكيين جان - بيير ولوك داردين، لكنه فيلمه أفضل مما أنجزاه تحت عنوان «الفتى أحمد»، واختاره المهرجان لعرضه في المسابقة (بينما قامت مظاهرة «نصف شهر المخرجين» المنفصلة بتبنيه كأحد أفلامها). الأسلوب ذاته يحاكي ذلك الذي يعمد إليه كن لوتش لكن من دون تخفيض سطح الدراما بحيث يبدو الفيلم أقرب إلى التسجيل.
«أوليغ» هو عن فرد تصدّقه وتصدّق ما يمر به وتصدّق مجتمعاً يحيط به، يبدو كما لو أنه فقد اتزانه. هنا لا يجسد الكابوس حال أوليغ فقط، بل حال المجتمع أيضاً.
8:18 دقيقة
شاشة الناقد
https://aawsat.com/home/article/1798681/%D8%B4%D8%A7%D8%B4%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%AF
شاشة الناقد
شاشة الناقد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة