د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

ليبيا وحروب المطارات

ليبيا منذ سيطرة ميليشيات تنظيم «الإخوان» على طرابلس، والعاصمة رهينة لهذه الميليشيات التي تتنازع، حتى فيما بينها، ولعل حرب «فجر ليبيا»، وهي العمليات الإرهابية التي قامت بها ميليشيات الإسلام السياسي في ليبيا، للسيطرة الأحادية على العاصمة، وطرد باقي الكتائب والميليشيات المسلحة التي لا تتوافق معها، بدعم كاسح من قطر وتركيا مالاً وسلاحاً، فخاضت حرباً ضروساً، فقامت تلك الميليشيات بحرق مطار طرابلس العالمي وتدميره، وهو المنفذ المدني للعاصمة إلى العالم، وتدمير أكبر أسطول طائرات حديثة، يضم أكثر من 25 طائرة كانت رابضة في المطار، وهي تمثل أغلب الأسطول الليبي من الطائرات.. تلك العملية كانت بقيادة الإرهابي صلاح بادي، الذي لم تصدر ضده أي مذكرة ملاحقة من المحكمة الجنائية الدولية، أو ملاحقة من الولايات المتحدة، التي قانونها يلاحق أي شخص يهدد سلامة الطيران المدني والمطارات، حتى خارج أميركا.
واليوم السيناريو يتكرر مع تهديد ميليشيات «الإخوان» و«الجماعة المقاتلة» بضرب مطار بلدة بني وليد المدني، وتدميره، والتي تعرضت للعدوان الفبرايري، الشهير بالقرار رقم 7، الذي أصدره المؤتمر الوطني العام، (أول سلطة تشريعية لسلطة فبراير/ شباط 2011) في ليبيا، والتي استصدرت قراراً باقتحام مدينة بني وليد تحت ذريعة أنها موالية لنظام القذافي، ونكّلت بأهلها، ودمرت المساكن، بل استعرضت القوى الجهوية التي نفذت القرار رقم 7، والتي سرعان ما انكشفت أسباب غزوها المدينة، التي هي لمجرد الثأر، ليؤكد حالة الإرهاب والتركيع المشرعن من قبل الميليشيات الجهوية المتحالفة مع الميليشيات المؤدلجة، والتي تتقاطع مصالحها عند المال الأسود.
محاولات ميليشيات «الإخوان» الاعتداء على مطار بني وليد المدني، يعتبر اعتداء لا يختلف عن الهجوم على مطار طرابلس العالمي.
في ليبيا لم تشفع الاتفاقيات الدولية، من اتفاقية وارسو، ولا اتفاقية شيكاغو، ولا روما، ولا معاهدة مونتريال لحماية الملاحة الجوية، فقد أصبحت مطارات ليبيا المدنية بين مسيطر عليها من ميليشيات «الإخوان» والإسلام السياسي كمطاري معيتيقة ومصراتة، اللذين أصبحا خارج سلطة الدولة، وتسيطر عليهما ميليشيات، إما مؤدلجة وإما أخرى جهوية لا تخضع لسلطة الدولة الليبية.
الاعتداء على المطارات الليبية تاريخ لا ينتهي، فمن تدمير مطار تمنهنت في عمق الجنوب الليبي، الذي يعتبر شرياناً جوياً مدنياً مهماً في الصحراء، إلى تعطيل مطار سبها الدولي، وعرقلة الملاحة الجوية فيه، إلى أن جاء الجيش الليبي واسترد سيادة الدولة عليه، إلى مطار بنينة الدولي شرق بنغازي، الذي تعرض لعمليات إرهابية كبيرة، وتهديد سلامة الطيران والملاحة الجوية، بسبب قصف الجماعات الإرهابية له باستمرار لمدة 3 سنوات، ما تسبب في إيقاف الملاحة الجوية فيه لمدة 4 سنوات قبل استعادته وحماية محيطه الآمن للطيران من قبل الجيش الليبي.
تهديد سلامة المطارات المدنية كان دائماً سلاح الجماعات الإرهابية وميليشيات الإسلام السياسي في ليبيا، والتي تعرقل أي حل سياسي يمكن التوصل إليه، بعد أن وأدت جميع الاتفاقيات الدولية، وتلاعبت في تفاصيلها وبنود تنفيذها، ومنها اتفاق الصخيرات الذي تلاعبت في تطبيقه جماعة «الإخوان» الإجرامية.
حماية المطارات المدنية في ليبيا يجب أن تكون من أولويات مجلس الأمن، ولو بإصدار قرار تحت الفصل السابع لحمايتها من تهديد هذه العصابات، إلى أن يتم الجيش الليبي مهمته بتطهير البلاد من هذه الجماعات والعصابات المسلحة.