مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الألم الموجع بالأرقام

هل تريدون أن «أمغص» قلوبكم قليلاً؟ إذا كنتم على استعداد لذلك، فإنني أستأذنكم أن تقرأوا معي هذه الحقائق المفزعة...
هل تعلمون أن 57 مليون عربي لا يعرفون القراءة والكتابة؟! وأن 13.5 مليون طفل عربي لم يلتحقوا بالمدرسة هذا العام؟! وأن 30 مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر؟! وأن 8 في المائة زيادة في معدلات الفقر آخر عامين؟! وأن تريليون دولار كلفة الفساد في المنطقة العربية؟! وأن 5 دول عربية في قائمة الدول العشر الأكثر فساداً في العالم؟! وأنه رغم أن العالم العربي يمثل 5 في المائة من سكان العالم، فإنه يعاني 45 في المائة من الهجمات الإرهابية عالمياً؟! وأن 75 في المائة من لاجئي العالم عرب؟! وأن 68 في المائة من وفيات الحروب عالمياً عرب؟! وأنه من عام 2011 حتى 2017 تم تشريد 14 مليون عربي؟! وأنه من عام 2011 حتى 2017 تم تدمير بنية تحتية بقيمة 460 مليار دولار؟! وأنه من عام 2011 حتى العام 2017 خسائر في الناتج المحلي العربي بقيمة 300 مليار دولار؟! انتهى.
هذا الكلام الموجع ليس من عندي، لكنها أرقام مبنية على إحصائيات موثقة، أظهرتها القمة العالمية للحكومات، التي رعاها حاكم دبي من 12 إلى 14 فبراير (شباط) 2017، وتضمنت في جلساتها على مدى 3 أيام 150 متحدثاً، في 114 جلسة، حضرها أكثر من 4000 شخصية إقليمية وعالمية، من 138 دولة.
هذه الإحصاءات كانت قبل عامين، ولن يجانبكم الصواب لو أضفتم على كل الأرقام 10 في المائة أو 20 في المائة، لنصل لهذا التاريخ الذي نحن فيه (2019)، لتزداد فجيعتكم أكثر.
***
ضحكت من خوف وغباء أحدهم، عندما حكى لي هذه الواقعة التي حدثت له مع والده. يقول فيها: «اشتريت شماغاً له ماركة مشهورة بـ360 ريالاً، وشاهده أبوي، وسألني بكم أنت شاريه، وخفت أنه يهاوشني لأنني أعرف بخله، فرددت عليه سريعاً ومن دون تفكير بـ60 ريالاً.
وتفاجأت به يقول يا بلاش. وأخرج من جيبه 180 ريالاً، ومدها لي وهو يقول لي، هات لي 3 منها».
«وما أن سمعت أنا منه ذلك حتى أخرجت من جيبي 60 ريالاً، وأنا أقول له هات لي معك واحداً لو سمحت».
***
هل أنتم معي في هذه الحقيقة التي توصلت إليها، فقد اكتشفت أنه عندما يكون الرجل أكبر من المنصب، تجده متواضعاً وعادلاً ومنتجاً.
وبالعكس تماماً، إذا كان المنصب أكبر من الرجل، تجده - يا سبحان الله - مغروراً وظالماً وأحمق!!