واصلت تركيا تسلم شحنات المعدات العسكرية الخاصة بمنظومة الدفاع الجوي الروسية «إس - 400» لليوم الثالث على التوالي.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس (الأحد)، وصول 3 طائرات روسية محمّلة بمعدات المنظومة الروسية إلى قاعدة «مرتد» الجوية في العاصمة أنقرة، ليصل العدد بذلك إلى سبع طائرات منذ بدء تسلم المعدات يوم الجمعة الماضي. ولم يعلن عن موعد انتهاء تسليم هذه المعدات، إلا أن تسلم المنظومة بالكامل قد ينتهي في سبتمبر (أيلول) المقبل، مع وصول 120 صاروخاً عن طريق البحر إلى تركيا.
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أعلن أنه سيتم نصب الصواريخ الروسية في مواقعها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ولم تعلن وزارة الدفاع التركية بعد عن مواقع نصب المنظومة الروسية، إلا أن الرئيس رجب طيب إردوغان قال الأسبوع الماضي إن الصواريخ سيتم نشرها في الأماكن الأشد خطورة وإنها ستستخدم في حالة الطوارئ فقط، وإن المسؤولين العسكريين يدرسون هذه الأمور. وتسود توقعات بأن المنظومة سيتم نصبها على الحدود التركية - السورية.
والجمعة، أعلنت وزارة الدفاع التركية وصول أول مجموعة من أجزاء منظومة «إس - 400» الروسية إلى مطار عسكري في أنقرة، وسط غضب أميركي وتحذير من حلف شمال الأطلسي (ناتو) من عواقب وخيمة ستواجهها تركيا.
وكشفت تقارير عن أن فريق الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتفق على حزمة عقوبات ضد تركيا بسبب تلقيها أجزاء من نظام الدفاع الصاروخي الروسي، وأنه سيعلن خطَّته في الأيام المقبلة. وذكرت وكالة أنباء «بلومبرغ» الأميركية أن إدارة باراك أوباما اختارت واحدة من ثلاث مجموعات من الإجراءات الموضوعة لإحداث درجات متفاوتة من الأضرار، طبقاً لقانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات (كاتسا)، بحسب المصادر، دون تحديد المجموعة التي تم اختيارها. وأشارت إلى أن الإدارة اتفقت على الإعلان عن العقوبات التي تحتاج إلى موافقة ترمب، في أواخر الأسبوع المقبل.
كما لفتت «بلومبرغ» إلى أن الإدارة الأميركية ترغب في الانتظار لإعلان العقوبات على تركيا بعد انتهاء احتفالاتها التي تقام اليوم (الاثنين) بالذكرى الثالثة لمحاولة الانقلاب الفاشلة، لتجنّب إثارة مزيد من التكهنات بأن الولايات المتحدة كانت مسؤولة عن محاولة الانقلاب، كما زعم بعض أنصار إردوغان. وأشارت المصادر إلى أنه تم وضع الخطة بعد أيام من المناقشات بين المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي، وأن العقوبات تنتظر توقيع ترمب.
في السياق ذاته، قال رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، كمال كليتشدار أوغلو إن شراء بلاده منظومة «إس 400» الدفاعية الروسية، هو «حق سيادي». وأضاف أن على الكونغرس الأميركي أن ينظر أولاً إلى طبيعة المنطقة التي تقع فيها تركيا، فهي منطقة استراتيجية، وتركيا موجودة داخل دائرة من النار، وهي مضطرة لضمان أمنها داخل وخارج الحدود، واتخاذ التدابير اللازمة في هذا الصدد.
وذكر كليتشدار أوغلو، في تصريحات أمس، أنه من الطبيعي أن تبحث تركيا عن بدائل من أجل ضمان أمنها، إذا كانت الولايات المتحدة لم تلب طلبها لشراء منظومة الصواريخ الأميركية «باتريوت». واعتبر زعيم المعارضة التركية أن ما سماه بـ«الضغوط» التي يمارسها مجلس الشيوخ الأميركي والمؤسسات السياسية الأخرى على الرئيس دونالد ترمب للضغط على تركيا، «تصرفات غير صحيحة».
في السياق ذاته، وصف السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف، بيع الأسلحة الأميركية لحلفاء الولايات المتحدة في الناتو بأنه أحد أهداف وجود هذا الحلف، الأمر الذي يدل على عدم المساواة بين أعضائه. وعن العقوبات الأميركية المحتملة على تركيا، قال بوشكوف بحسب ما نقلت وسائل إعلام تركية أمس: «تفرض الولايات المتحدة عقوبات على تركيا. وكان من الضروري أن تشتري أنقرة مرغمة أنظمة «باتريوت» التي لا تحتاج إليها، وليس أنظمة «إس - 400». وفي هذه الحالة لم تكن هناك أي عقوبات. إن بيع الولايات المتحدة لأسلحتها لحلفائها هو أحد أهداف وجود الناتو. و«الآن ندعو الحلف للتحدث عن المساواة بين أعضائه!».
ورأى الخبير أستاذ العلوم السياسية الألماني، توماس إيغير، أن الصراع حول توريد أنظمة «إس 400» الروسية إلى تركيا قد يسفر عن انسحابها من حلف الناتو، الأمر الذي سيكون «انتصاراً كبيراً بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين».
وذكر إيغير، في مقال بمجلة «فوكس أونلاين» نقلته وسائل إعلام تركية، أن الصفقة بين أنقرة وموسكو ستؤدي إلى تدهور العلاقات الصعبة بالأساس بين تركيا والولايات المتحدة، لا سيما أن واشنطن ستضطر لفرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها هذه الأنظمة. وعبر عن اعتقاده بأن «الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيحاول، على الأرجح، تأجيل فرض هذه العقوبات، لكن لن يكون بإمكانه التخلي عنها بالكامل».
وأضاف أن «قرار تركيا حول انسحابها من حلف الناتو سيصبح حال اتخاذه فقداناً استراتيجياً هائلاً بالنسبة للحلف». وأوضح أن هذه الصيغة لا يمكن استبعادها، مشيراً إلى أن نتيجة الصراع ستعتمد على من الذي سيعتبره الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ضماناً لمستقبله السياسي.
ورأى أن ظهور هذا الصراع بين أنقرة وواشنطن هو بحد ذاته يعد «انتصاراً كبيراً لبوتين»، وأن أجواء عدم الثقة ستزدهر في العلاقات بين الدول الأعضاء في «الناتو»، حتى في حال بقاء تركيا عضواً فيه. كما لفت إلى أن «دق الأسافين» في «الناتو» تم، وسيستمر تأثيره حتى في حال الحفاظ على الحلف في شكله الحالي.
في سياق موازٍ، أعربت الرئاسة التركية عن قلقها العميق إزاء ما سمته «مزاعم مشبوهة» تتهمها بالتورط في مؤامرة للالتفاف على قوانين الولايات المتحدة عبر إقامة علاقات غير قانونية مع شخصيات في إدارة ترمب، في قضية ينظرها القضاء الأميركي اليوم (الاثنين).
واتهم رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، حركة الخدمة التابعة لفتح الله غولن، التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016. وأطراف متعاونة معها بالسعي إلى تضليل الرأي العام الأميركي عبر اتهام تركيا بإقامة علاقات غير قانونية مع شخصيات بفريق الرئيس دونالد ترمب.
وأكد ألطون، في بيان، رفض بلاده تلك التهم ووصفها بـ«غير المعقولة»، مشيراً إلى أن تركيا، العضو في حلف «الناتو»، عملت لعقود مع شركات أميركية، وحرصت على إبلاغ السلطات بجميع تحركاتها المشروعة. وأضاف: «حتى اليوم، التزمت تركيا الصّمت احتراماً للإجراءات القانونية في الولايات المتحدة، رغم محاولاتها التأثير على عمل القضاء في بلادنا، إلا أن السلطات الأميركية رغم ذلك، سقطت فريسة للتضليل».
وأشار إلى أن القضاء الأميركي سيبدأ نظر القضية اليوم، وأن الادعاء العام رسم صورة إيجابية لغولن في لوائح الاتهام الخاصة بها. وأكد ضرورة أن تأخذ السلطات الأميركية مطالب بلاده التي وصفها بـ«المشروعة» على محمل الجد، والتحرك على ضوئها.
تركيا تواصل تسلم معدات منظومة «إس 400» رغم تحذيرات الناتو
القضاء الأميركي ينظر قضية تعاملات غير قانونية لأنقرة مع مسؤولين بإدارة ترمب
تركيا تواصل تسلم معدات منظومة «إس 400» رغم تحذيرات الناتو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة