خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

الزواج والعزوبة في نظر الشعراء

لا أدري لماذا يسأل العزاب المتزوجين عن الزواج ولا يسأل المتزوجون العزاب عن العزوبة وكيف حافظوا عليها.
أغرب من ذلك أن يذهب شاعر ليسأل شاعراً آخر عن الزواج، وهو أمر إن دل على شيء، فعلى قلة الشاعرية. ناهيك عن قلة العقل. وهو ما فعله بالضبط أحد شعراء بغداد عام 1960 عندما ذهب ليسأل الشاعر خالد الشواف عن الموضوع. أجابه الأستاذ الشواف بقصيدة نشرها في ديوانه بعد أن فرض رقابة عليها.
وحجب اسم الشاعر صاحب السؤال، لا أدري خجلاً أو شفقة به، أو خوفاً على من أقبل عليها وتزوجها، رغم نصيحة الشاعر. بدأ قصيدته هكذا:

تساءل وهو يعتزم الزواجا
أيحكم حول بنصره الرتاجا؟
فقلت له وعندي عدل ست
من السنوات موقرة زواجا
أقول ولا أذوبك من سبيل
ولا أزجي الجدال ولا الحجاجا
كلانا شاعر فإليك أمري
لعلك بعد عرسك لا تفاجا
فأمسي مثل يومك كان خلواً
من الأعباء يسراً واحتياجا
وكنت الطير في غصن أناجي
حمامته وفي غصن أناجى
فعدت الطير في قفصي وعادت
به النجوى الوجيبة لا المزاجا
وكان الحب في روحي صلاة
فعاد الحب في جسدي اختلاجا
وكان الليل أحلاماً وشعراً
إلى أن يطفئ النوم السراجا
وكان النوم زورقي المحلى
بأخيلة يشق بي الفجاجا
فعاد الليل مطروحاً دفيناً
وعاد النوم من رهق علاجا

بعد هذا الهجوم اللاذع على مؤسسة الزواج، يتوقف خالد الشواف ليلتقط أنفاسه ويعيد للموضوع توازنه العالمي، ويثبت للسامع أنه فعلاً شاعر ثقيل الدم. يعود ليقول لصاحبه:

وقال لقد أجبت فقلت كلا
فثمة ما يزين لك الزواجا
أجل هو للطفولة كان قيداً
ولكن للرجولة كان تاجا
يصوغ لك الخلود دماً ولحماً
وكنت تصوغ حلماً أو نتاجا
وثم العش يعمره وفاء
متى امتزجت حياتان امتزاجا
إذا ما الزغب فيه زقت وزفت
رأيت لضيقه الدنيا انفراجا