قذاف الدم يتذكر الحلقة (3): علاقتنا بفرنسا ظلت بين شد وجذب لسنوات بسبب أفريقيا.. و«سوء تفاهم» أفشل مصالحة بشار ومبارك في 2010

أحمد قذاف الدم يروي لـ(«الشرق الأوسط») مسيرة نصف قرن مع معمر القذافي

قذاف الدم مع وزير دفاع الاتحاد السوفياتي لدى وصوله  إلى موسكو مطلع ثمانينات القرن الماضي
قذاف الدم مع وزير دفاع الاتحاد السوفياتي لدى وصوله إلى موسكو مطلع ثمانينات القرن الماضي
TT

قذاف الدم يتذكر الحلقة (3): علاقتنا بفرنسا ظلت بين شد وجذب لسنوات بسبب أفريقيا.. و«سوء تفاهم» أفشل مصالحة بشار ومبارك في 2010

قذاف الدم مع وزير دفاع الاتحاد السوفياتي لدى وصوله  إلى موسكو مطلع ثمانينات القرن الماضي
قذاف الدم مع وزير دفاع الاتحاد السوفياتي لدى وصوله إلى موسكو مطلع ثمانينات القرن الماضي

لم تكن علاقة ليبيا وفرنسا تسير على ما يرام على طول الخط، رغم التقارب الظاهري بين الرئيس السابق نيكولا ساركوزي والعقيد الراحل معمر القذافي، في السنوات الـ10 من الألفية الجديدة. إنها علاقة درامية بكل معنى الكلمة.. توجد معارك حربية واشتباكات دبلوماسية و«قفشات تفاوضية» وتعاون عسكري، وغيرها من التفاصيل التي استمرت منذ طرد القواعد الفرنسية من ليبيا بعد تولي القذافي الحكم عام 1969. وحتى عودة الطائرات الفرنسية لقصف حصون القذافي ضمن قوات حلف «ناتو» في 2011. كانت ليبيا تحارب وتدعم المقاتلين في أفريقيا ضد الوجود الفرنسي، خاصة في تشاد، في العقود الـ4 الماضية. وشارك أحمد قذاف الدم في بعض هذه المواجهات، لكنه رافق القذافي أيضا في رحلات كان من أطرفها رحلة موسكو، ومفاوضات كريت مع الرئيس فرنسوا ميتران، الذي ارتبط معه ومع أسرته بعلاقة خاصة يأتي تفصيلها في حلقة أخرى، إضافة لصداقته للزعيم اليوناني باباندريو، والتباس الأمر على القذافي في هذا الأمر فيما بعد، وكذا محاولة، فشلت في المهد، لإصلاح ذات البين بين الرئيسين بشار الأسد وحسني مبارك.

* الرئيس نيكولا ساركوزي تعاون معنا منذ كان وزيرا للداخلية..
ودافع عن ليبيا في المحافل الدولية.. وساعدنا في حل بعض المشاكل في الدول الأفريقية.. والقذافي طالبنا الاهتمام بهذا الرجل ومساعدته بكل الوسائل في الترشح
للرئاسة ليكون لنا صديقا
في قصر الإليزيه
* القذافي حوّل دفة اجتماع مع قيادات الحزب الشيوعي بحضور الرئيس السوفياتي بريجينيف للحديث عن الإسلام وضرورة الإيمان بالله.. واستغرق الأمر نصف ساعة وقال لهم إن الإلحاد يدل
على التخلف ثم تلا عدة آيات قرآنية وهو ينظر لـ«بريجينيف» قبل أن يهديه مصحفا باللغة الروسية

* معمر لم يستخدم هاتف الثريا في أيامه الأخيرة في سرت وقصة اتصاله بسوريا من هناك كانت للتمويه.. لكنه كان يجري مداخلات هاتفية مع إذاعات محلية خاصة إذاعة سرت ومع بعض القيادات داخل ليبيا.. لكن بالتأكيد لم يكن ذلك من المكان نفسه ولا بالوسيلة نفسها

* إذن مد الليبيون خيوط الود في باريس في إطار محاولة بدأت منذ 2004 للتصالح مع الغرب، فالتقطها ساركوزي، على ما يبدو، حين كان وزيرا للداخلية. ولا أحد يعرف إن كان ساركوزي هو من فعل ذلك عن عمد بوصفه رجل أمن فرنسيا، أم أن الليبيين هم الذين كانوا يتحكمون في إدارة ملف هذا الرجل الذي سيغير وجهه لأصدقائه القدامى في طرابلس، ويتحول إلى رأس حربة ضدهم في الهجوم العسكري مع «ناتو» بطائرات «رافال»، لمدة 8 أشهر.
ومنذ تسليم ليبيا لبرنامجها النووي، ووقفها لمشروع بناء صواريخ عابرة للقارات، في مطلع الألفية، ومع صعود نجم سيف الإسلام نجل القذافي، لوحظ أنه كان هناك انفتاح بين ليبيا والغرب، فهل كان انفتاحا حقيقيا؟ يقول أحمد قذاف الدم: «نحن كنا نظن أنه حقيقي، لكنه اتضح فيما بعد أنه لم يكن حقيقيا.. كنا واثقين في كلام الغرب، لكن معمر لم يكن يثق في كلامهم. معمر لم يُخدع، ولكننا نحن خُدعنا».
حسنا. وهل تولد لديك، في أي لحظة، من خلال مقابلاتك بالرئيس ساركوزي، أنه يمكن أن يأتي يوم ويتحول إلى رأس حربة ضد ليبيا، كما حدث في 2011؟ يجيب قذاف الدم بشكل قاطع قائلا: «لا.. لا.. نحن علاقتنا بساركوزي كانت منذ أن كان وزيرا للداخلية. كان رجلا متعاونا معنا، والأخ معمر قال: لا بد من الاهتمام بهذا الرجل، وواجب أن يترشح للرئاسة ليكون لنا صديق في الإليزيه. وقتها كنا نحن نبني الاتحاد الأفريقي.. كنا مقبلين على قيام الحكومة الأفريقية الواحدة، ولا بد من تحييد فرنسا. وجرى دعم ساركوزي من ليبيا بكل الوسائل».
وهل يعني ذلك أن ليبيا ساهمت في تمويل حملة ساركوزي الانتخابية في 2007 كما قيل. ويرد قذاف الدم قائلا: كل الدول تساهم في مثل هذه الحملات الانتخابية في الغرب.. في أوروبا كلهم يأخذون أموالا، وساركوزي ليس استثناء.. هذا أمر معتاد في أوروبا وفي الغرب وفي أميركا أيضا. هذه أمور تقوم بها الشركات والأفراد والدول كذلك، وليس ليبيا فقط.. المهم أن ساركوزي كان صديقنا، ودعانا إلى فرنسا، وبقينا أياما كثيرة عنده في باريس، سواء قبل أن يصبح رئيسا أو بعدها.. وخلال تلك الفترة دافع عن ليبيا في المحافل الدولية، وساعد معنا في حل بعض المشاكل في الدول الأفريقية التي كانت تعترض على فكرة الاتحاد الأفريقي، وكان ولاؤها ما زال لفرنسا، وقام بدور إيجابي في هذا الصدد. أما الذي حدث بعد ذلك، فهذا سؤال يجيب عنه هو.
وفي الحقيقة، بدأت المشاكل الليبية التشادية، أو بالأخرى الدعم الليبي لجانب من التشاديين، منذ أيام الملك الليبي والحركة السنوسية التي كانت تنشر دعوتها الدينية فيما كان يُعرف باسم «السودان الأوسط». لكن الأمر سيتطور ويتجاوز المسألة التشادية إلى محاولة لإعادة تركيبة القارة السوداء على أيدي الليبيين، الذين قدموا مساعدات مالية وعسكرية أغضبت الغرب، وفي القلب منه الفرنسيون، حتى أيام الرئيس فاليري جيسكار ديستان، كما يرد في حلقة منفصلة، تخص رهان ليبيا على هزيمة ديستان الذي دعمه السادات، وفوز ميتران الذي دعمه القذافي. وكان والد أحمد قذاف الدم هو الضابط المسؤول عن القطاع العسكري الليبي في جنوب البلاد. وكانت ليبيا وقتها تدعم مسلمي تشاد في الشمال، الذين يشكلون الأغلبية في البلاد.
ويواصل قذاف الدم قائلا: أذكر أن السلطان «واداي»، والد الرئيس التشادي كوكوني واداي فيما بعد (في المدة من 1979 إلى 1982)، جاء إلى سبها، وبقي عندنا في بيتنا لعدة شهور.. وكنا نقدم له الدعم والمساندة، وبعد قيام الثورة في ليبيا بقيادة القذافي، أصبحت مساعداتنا لهم تُقدم بزخم أكبر. وفي ذلك الوقت، كان الغرب يريد أن ينصِّب رئيسا مسيحيا في تشاد، هو فرنسوا تومبال باي، وكنا نقول: كيف يحكم رجل مسيحي أغلبية مسلمة؟ أضف إلى ذلك أن التقارير والمعلومات التي كانت ترد لنا كانت تشير إلى أن «تومبال باي»، أول رئيس لتشاد بعد استقلالها عام 1960، المدعوم أساسا من فرنسا، كان يتعامل مع المسلمين التشاديين باحتقار.. وأيضا لأننا في طرابلس كنا نرى أن جنوب ليبيا، على طول الحدود مع تشاد، مهدد، لأن الاستعمار الفرنسي بقي في تشاد، وأصبح الدفاع عن مصالحنا وموجهة هؤلاء، معركة واجبة.
ويضيف قذاف الدم قائلا: ولذلك قدمنا لأنصار كوكوني واداي الدعم والمساندة وغير ذلك.. خاصة عندما وجدنا أن القوات الفرنسية ما زالت موجودة داخل تشاد، رغم إعلان استقلالها منذ سنوات.. كانت موجودة وتقاتل مع الطرف الآخر، بل تقوم بمساعدة حسين حبري في انقلابه على الرئيس واداي.. هنا تدخلت القوات الليبية مجددا، وطردت حبري، ونصّبت الرئيس الحالي إدريس دبي، وهو الرئيس الذي ما زال يحكم تشاد حتى هذه الساعة.
وخلال المعارك التي ظلت مستعرة بين الليبيين والفرنسيين في تشاد، في ثمانينات القرن الماضي، التقى قذاف الدم في إحدى المناسبات الدولية مع الرئيس ميتران، وتبادلا الحديث عمن المخطئ ومن المتسبب في الاقتتال الدائر على الأراضي التشادية. ويقول موضحا: «أذكر مرة أنني التقيت الرئيس الفرنسي، فقال لي: لماذا ترسلون قواتكم إلى تشاد؟ فقلت له: رأينا الطائرات الفرنسية تطير عبر البحر من فرنسا إلى تشاد، لكي تقاتل وتموت هناك، فقلنا أكيد هناك شيء مهم في تلك المنطقة».
ويضيف أن «الرئيس الفرنسي ابتسم ثم أخذ يضحك، وقال لي: هذا منطق أيضا.. وقلت له: سيادة الرئيس، أرفعوا أيديكم عن تشاد، ونحن نرفع أيدينا عنها.. أما وجودكم في تشاد، فإما أن نتعاون لكي نقيم نظاما مستقرا للتشاديين، أو نتقاتل.. ونحن فُرضت علينا هذه المعركة».
ويقول إنه بعد ذلك جرى عقد لقاء في جزيرة كريت في البحر المتوسط بين فرنسا وليبيا، وحضر اللقاء الرئيس ميتران والعقيد القذافي.. و«جرى الاتفاق على التقسيم في تشاد، عند خط عرض 16. بحيث لا تدخل القوات الفرنسية في تشاد شمال هذا الخط، ولا تتجاوزه القوات الليبية في تشاد نحو الجنوب، واستمر هذا الاتفاق لفترة معينة، لكن للأسف جرى اختراقه، ولا أستطيع أن أجزم الآن من السبب في خرق هذا الاتفاق».
على أي حال، الليبيون لم يكونوا راضين عن الوقوف في منتصف الطريق، وكانوا يرون أن قضية الحرية لا تتجزأ: «ولا ينبغي أن نتنازل عن حقنا، وكان السؤال لدينا هو: ماذا جاء بفرنسا الاستعمارية لهذا المكان؟ كانت هذه الروح، وهذا الحماس، هو الذي يسيطر على مجريات الأمور في ذلك الوقت. وهزمنا طبعا في معارك، وانتصرنا في معارك، لكننا قمنا بواجبنا كما ينبغي».
وفي السنوات التالية من فترة الثمانينات، لم تكن الخلافات بين القذافي وفرنسا فقط، بل اتسعت لتشمل كثيرا من دول الغرب، وكان أبرزها قضية «لوكيربي» والقصف الأميركي لمقر حكم القذافي، وغيرها، مع أن الغرب لم يكن في بداية تولي القذافي الحكم ينظر إليه تلك «النظرة الشريرة». وكان محل تقدير من جانب فرنسا أيام الرئيس جورج بومبيدو، الذي حكم فرنسا من سنة 1969 حتى وفاته في 1974، وهي الفترة التي شهدت في عهده شراء ليبيا للأسلحة الفرنسية لصالح الجيش المصري الذي لم تكن سوق السلاح الغربي قد فُتحت أمامه بعد، كما جاء في شهادة قذاف الدم في هذه الحلقات.
ومنذ السنة الأولى من الثمانينات، حيث كانت الخلافات مع الغرب تتزايد يوما بعد يوم، بدأ القذافي يرسخ من التوجه الليبي ناحية الاتحاد السوفياتي (روسيا حاليا)، ويقول قذاف الدم إن معمر تحدث وقتها معلقا على الزيارة التي كان يعتزم القيام بها إلى موسكو في ذلك الوقت: «طالما أن أميركا اتجهت ناحية إسرائيل، فنحن اتجهنا إلى الاتحاد السوفياتي». ويضيف أن العلاقة مع الاتحاد السوفياتي، أو روسيا فيما بعد، لم تكن بتلك القوة التي قد يظنها البعض، لأن القذافي كان يرى أنها، كأي دولة كبرى، لديها طموحات وأطماع، وفي عهد الاتحاد السوفياتي تحديدا.. «حتى علاقتنا بالرئيس السوفياتي ليونيد بريجينيف كانت شدا وجذبا».
ويقول: «الأخ معمر توجه إلى الاتحاد السوفياتي، لكنه كان ضد الشيوعية، وكان عندما يذهب إلى موسكو يشترط أن يصلي في مسجد بعينه بالعاصمة، وللأسف كان مسجدا مهجورا، ولذلك كان يُفتح له خصيصا، ويقوم العمال بأشغال النظافة حول المسجد وتجهيزه لصلاة القذافي.. كما أن معمر كان يحرص على أن يكون سفره إلى موسكو يوم خميس، بحيث يصلي الجمعة في ذلك المسجد بموسكو». ويضيف أنه «في أكثر من مرة، بحضور بريجينيف وقيادات الاتحاد السوفياتي السابق، احتج الأخ معمر داخل اجتماع رسمي للوفدين الليبي والسوفياتي، في الكرملين، على احتلال أفغانستان، وقال في أحد الاجتماعات: احتلالكم لكابل كاحتلالكم لطرابلس. كان هذا في بداية الثمانينات، وقال أيضا: أفغانستان دولة مسلمة وأنتم الآن اعتديتم عليها».
ويضيف قذاف الدم الذي كان حاضرا الاجتماع أن بريجينيف دافع طبعا عن موقف موسكو، وقال: «لو تركنا الأمر فإن الأميركان سيأتون إلى هنا ومحاصرتنا في منطقتنا».. كان حوارا طويلا عريضا. وحين حان موعد صلاة المغرب، قطع الأخ معمر الاجتماع، وذهب ليصلي، ثم رجع.. وعندما عاد بدأ يتحدث مع قيادات الحزب الشيوعي، بحضور بريجينيف، عن الإسلام، ويشرح لهم رسالة محمد (عليه الصلاة والسلام)، وكان يبدو على وجوه القادة السوفيات، وكلهم شيوعيون، أن هذه القضية لا تعنيهم.. وكنت أنا موجودا، ومع ذلك استمر حديث القذافي عن الإسلام نحو نصف ساعة من الاجتماع.
وقال القذافي خلال الاجتماع أيضا: «كيف للإنسان ألا يؤمن بوجود الله؟ إذا لم نؤمن بوجود الله، فما هو الوازع الذي يمنعنا من ارتكاب أي حماقة أو جريمة؟»، وقال كذلك: «إن كل هذه الديانات؛ المسيحية والإسلام واليهودية، جاءت من منبع واحد، وإن عدم الإيمان بالله لا يعني أن الله غير موجود، وأن الإلحاد يدل على التخلف لدى الشعوب».
ويضيف قذاف الدم أن «العقيد القذافي كان يعلم بالمقولة المنسوبة للشيوعيين، التي تقول إن الدين أفيون الشعوب، فتوقف عند هذه النقطة، وهو ينظر إلى الرئيس بريجينيف، وإلى قيادات الدولة من الحزب الشيوعي، وهنا قال القذافي: نعم.. قد تكون هناك انحرافات في تفسير بعض الأديان، لكن الأصل هو عبادة الله والإيمان به وبكتبه ورسله».
ويضيف أحمد قذاف الدم أن القذافي قام عند هذه النقطة بقراءة عدة آيات قرآنية عن فضائل الإيمان بالله، ثم قدم للرئيس بريجينيف، الذي كان جالسا في الجانب الآخر، مصحفا باللغة الروسية.
وماذا كان رد فعل الرئيس بريجينيف ومن معه من قيادات الحزب الشيوعي السوفياتي؟ يجيب قذاف الدم قائلا: «هم كانوا يحترمون الأخ معمر احتراما كبيرا، وكان يأتي للمطار كل قيادات الاتحاد السوفياتي لاستقباله. وكانوا معجبين جدا بشخصيته وجرأته ووضوحه.. لكن لم يكن لدينا مع السوفيات قواعد ولا اتفاقيات دفاع مشترك، وهذا في الحقيقة افتقدناه في الأزمة الأخيرة التي وقعت في عام 2011 وقيام حلف (ناتو)، باستهداف معسكرات الجيش الليبي وتدميرها».
وعن الأقاويل التي انتشرت قبل عدة سنوات عن أن رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، عمل مستشارا للقذافي، وعما إذا كان مستشارا حقا أم مجرد صديق»، يقول قذاف الدم: «في الغرب شيء طبيعي أن يعمل شخص لديك بعد أن يترك وظيفته.. لو تريد أن يعمل لديك الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعد أن يترك الرئاسة، فهذا ممكن، مقابل أجر، ومن الممكن أن تستعين بأي أحد منهم بأن يلقي محاضرة أو يعمل عملا أو يمثلك في أي مكان بمقابل مادي، فهذا أمر طبيعي. بلير كان متحمسا للأخ معمر، ولم يظهر أي عداء تجاه ليبيا في الأزمة الأخيرة، في الحقيقة، عكس الآخرين».
ويضيف: «كانت تربطني علاقات خاصة وقوية أيضا مع عدد من كبار المسؤولين في أوروبا.. هناك على سبيل المثال برونو كرايسكي رئيس وزراء النمسا حتى الثمانينات، الذي يرد ذكره في هذه الحلقات بوصفه أكثر الشخصيات الأوروبية مساعدة لليبيا في تلك الفترة، وكذا فيليب غونزالس رئيس وزراء إسبانيا في التسعينات، الذي كان يقول لنا عن نفسه إنه من أصول عربية، والزعيم اليوناني باباندريو، الذي زار قذاف الدم منزله في اليونان عدة مرات، بينما كان القذافي يعتقد أن على الصداقة ليست بين الشيخ باباندريو، والشاب أحمد قذاف الدم، وإنما مع ابنه الذي يحمل الاسم نفسه؛ باباندريو الابن».
ويتذكر قذاف الدم قائلا: «باباندريو الأب كان رجل رائعا.. طبعا ربطته علاقة جيدة بالأخ معمر، وكان يعتقد أنني أزوره أحيانا لأنني صديق ابنه، بينما أنا كنت صديق الأب نفسه. وفي إحدى السنوات في القمة العربية بشرم الشيخ، عام 2003. وكان حاضرا عن أوروبا وزير خارجية اليونان جورج باباندريو، أي ابن باباندريو الكبير، وكان الابن يبدو كبيرا في السن أيضا ويشبه والده.. وفوجئت بالأخ معمر يستدعيني، وكان في لقاء خاص في الغرفة، بينما كنت في قاعة الاجتماعات، وقال لي: ها هو صاحبك باباندريو، فسلمت عليه وقلت لمعمر: ليس هذا هو صاحبي بل أبوه.. وهنا أدركت أن معمر كان يعتقد أن علاقتي بابن باباندريو، وقلت له إن صديقي هو والده.. فاستغرب، وقال كيف هذا؟ بينما ابتسم باباندريو الابن، وقال: نعم، أتذكر أن الأخ أحمد كان يزور والدي في اليونان (أي حين كان قذاف الدم في العشرينيات من العمر)».
أما في القمة العربية في سرت في عام 2010، فقد جرت ملابسات كثيرة، أهمها تلك التي تخص الاتصالات التي أجراها بشار الأسد من أجل زيارة الرئيس مبارك في ذلك الوقت، أي حين عاد مبارك للقاهرة بعد إجراء عملية جراحية في ألمانيا.. وكانت العلاقات بين مصر وسوريا ليست على ما يرام. ويقول: «أشار الأخ معمر على الرئيس بشار أن يمر على الرئيس مبارك.. وليستغل هذه الفرصة. وقال له: لماذا لا تمر على القاهرة وتقوم بزيارة الرئيس مبارك.. أنت تعلم أنه رجع من عملية جراحية، زيارتك ستكسر الجليد بين مصر وسوريا».
ويبدو أن الرئيس بشار اقتنع، فطلب أن يمر على القاهرة، وهو في طريقه من سرت إلى دمشق، وبدأت الرئاسة السورية تجري الاتصالات مع المراسم المصرية، ونظرا للحالة الصحية للرئيس مبارك جرى إخطار بشار، عن طريق المراسم المصرية، بأن يكون مروره في يوم معين على الساعة الـ11 صباحا، وأن يقوم بكذا وكذا، أي تعليمات بخصوص ترتيب الزيارة، وذلك لمراعاة الظروف الصحية للرئيس.. ويقول قذاف الدم إنه يبدو أن هذا الأسلوب استفز الرئيس بشار، ويبدو أنه قال لنفسه إنه يريد أن يأتي لزيارة مريض، فكيف يقولون له الساعة كذا واليوم كذا؟!
ويضيف أن بشار الأسد بدا عليه الاستياء، وهو ما زال في سرت، ويظهر أنه فسر الأمر في حينه بأنه عدم رغبة من جانب المصريين في زيارته، وبعد أن سافر إلى دمشق، دون أن يمر على القاهرة، تدخل القذافي مرة أخرى، وقال إن «المراسم المصرية ربما قامت بهذا، لأنها كانت تعمل وفقا لتعليمات من الطبيب الخاص بمبارك، وأن بشار عليه أن يتفهم الأمر، لأن الرئيس المصري مريض.. لكن للأسف، هذا الأمر ضاعف المشكلة، بدلا من أن يحلها، رغم أن الرئيس مبارك يكن احتراما كبير لسوريا لوقوفها مع مصر في حرب 1973، وما كان ينبغي أن يكون هناك خلافات بين البلدين».
على أي حال سافر الرئيس السوري إلى بلاده، ويقول قذاف الدم: «بعد ذلك سافرت إلى سوريا والتقيت بالرئيس بشار.. وكان ما زال مقتنعا بتفسيره الخاص لرد المراسم المصرية، وهو أن (الجانب المصري لا يريدنا أن نزور مبارك في القاهرة، ولا يريدون استقبالنا)».
ويضيف قذاف الدم: «أنا قلت له: لا.. بالعكس. حتى نحن حدث معنا الموقف نفسه، حين طلبنا زيارة مبارك، وقالوا لنا إن موعد الزيارة الساعة الـ11 صباحا، والتزمنا بالموعد.. وقلت له (لبشار) إن صحة الرئيس مبارك ما كانت تسمح، وانتهى الموضع على ذلك.. على أي حال، أحيانا تحدث خلافات بين العرب، وهي لا تستحق، علاوة على الفتن بين الدول العربية والتسريبات وعمل المخابرات والمعلومات التي تأتي من هنا وهناك».
وتعامل قذاف الدم كثيرا مع بشار الأسد، وتدخل في فترات كثيرة لإصلاح الأمور التي تضطرب أحيانا بين سوريا والأردن، أو سوريا والفلسطينيين، كما يظهر تفصيل بعضها في هذه الحلقات. ويصف قذاف الدم بشار الأسد بأنه «شاب ثوري، فاجأنا كلنا بقدرته على ممارسة العمل، وبقدرته على الإمساك بزمام الأمور.. سوريا بلد ليس نفطيا، يصدر القمح والدواء، والشعب يعيش، لكن بطبيعة الحال ليس بالشكل الذي كان يطمح إليه، لأنه كان مقيدا بأشياء كثيرة؛ تركة والده، وتراكم سنين، وحروب وصراعات، ومع ذلك، استقبل في بلاده 4 ملايين لاجئ عراقي.. استضافوهم وتقاسموا معهم رغيف الخبز. وفي لبنان، عندما طلب اللبنانيون سحب قواته من لبنان قام بسحبها.. ولديه علاقات بكل الأطراف اللبنانية».
ويزيد قائلا إن بشار الأسد «حاول أن يصحح الأخطاء التي وقعت في عهد أبيه، أو يمتص هذه الاحتقانات.. كانت لديه رغبة في التطوير وتحقيق طموحات الجيل الجديد، لكن لم تكن لديه إمكانية لتوفير ما يريده الناس، وأنت تعرف أن سقف الجماهير مرتفع دائما. وكل الناس لا تعرف كثيرا من الحقائق التي تدور في هذا البلد أو ذاك».
لكن قيل إن القذافي تواصل بالهاتف مع أطراف خارجية منها في سوريا، أثناء محاصرته في سرت وقبيل مقتله هناك في خريف 2011. هل لديك أي معلومات بهذا الشأن؟ يجيب قذاف الدم قائلا: «لا.. لا، هذا غير صحيح بالمرة.. بالتأكيد كانت هناك طرق مختلفة للتواصل، لكن مثل هذه القصص التي كنا نسمعها ما هي إلا محاولات في ذلك الوقت للتمويه، حتى لا يصل العدو لمكانه.. والغرب عجز طيلة 8 أشهر عن تحديد مقر إقامته، ولولا كل تلك الاحتياطات لما استطاع أن يبقى كل ذلك الوقت».
ويضيف: «الحقيقة أن القذافي أجرى في أواخر أيامه في حصار سرت مداخلات هاتفية مع بعض الإذاعات المحلية هناك، خاصة إذاعة سرت، ومع بعض القيادات، داخل ليبيا، لكن بالتأكيد ليس من المكان نفسه ولا بالوسيلة نفسها.. معمر رجل عسكري، وكان معه في سرت قيادات عسكرية، وهو ليس بتلك السذاجة أو البساطة، لكي يتصل من مكان محدد من هاتف الثريا مثلا، بينما كان يعلم أنه مرصود، وأن ليبيا كلها تحت المجهر».

الحلقة (2) قذاف الدم يتذكر: الحسن الثاني وضع مبارك والقذافي في غرفة وأغلق عليهما الباب لتسوية خلافاتهما
لحلقة (1): قذاف الدم يروي لـ«الشرق الأوسط» بداية التوتر بين السادات والقذافي.. واجتماع ميت أبو الكوم


اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
TT

اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)

بأقل الخسائر تجاوز اليمن الحالة المدارية التي ضربت الأجزاء الشرقية من البلاد خلال اليومين الماضيين، وأعلن عن تسجيل حالة وفاة واحدة، واقتصرت الأضرار على الطرقات والأراضي الزراعية التي جرفتها السيول المتدفقة، وسط تأكيد مركز الأرصاد الجوية استمرار الحالة المطرية.

يأتي هذا في حين طلبت السلطة المحلية بمحافظة مأرب من السكان الذين يقطنون منازل أو خياما في ممرات السيول الإخلاء الفوري لهذه المواقع خشية تضررها، حيث تتوقع الأرصاد الجوية هطول أمطار غزيرة وتدفق السيول خلال الساعات المقبلة.

السيول جرفت الطرق في اليمن وألحقت أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية (إعلام حكومي)

وفي محافظة المهرة تفقد المحافظ محمد علي ياسر الأعمال الجارية لفتح الطرقات عقب السيول التي تدفقت في عدد من الأودية إثر المنخفض الجوي الذي تأثرت به المحافظة خلال الأيام الثلاثة الماضية، خاصة في وادي الجزع (المدخل الشمالي لمدينة الغيضة والواقع على الخط الدولي الساحلي).

وأثنى المحافظ على الجهود التي تقوم بها مؤسسة الطرق والجسور ومكتب الأشغال العامة في فتح الطرق وتصفية ممرات السيول أمام حركة السير، وطالب بمضاعفة الجهود في إصلاح وصيانة بقية الطرق المتضررة بما يمكن من انسيابية الحركة وتسهيل تنقل المواطنين. وأكد استعداد السلطة المحلية لتقديم المزيد من الدعم وتذليل الصعوبات التي تواجه عمل مؤسسة الطرق.

وفاة واحدة

في محافظة حضرموت ذكرت السلطات المحلية أن شخصا فارق الحياة في مدينة المكلا عندما جرفته السيول، وهي حالة الوفاة الوحيدة المسجلة حتى الآن، فيما جرفت السيول عددا من السيارات ومساحات من الأراضي الزراعية في وادي حضرموت تحديدا.

وأصدرت غرفة الأرصاد والتنبؤات بحضرموت تنبيها أكدت فيه استمرار تدفق السيول في أجزاء واسعة من مديريات الهضبة الغربية والجنوبية، وأكدت أن الأمطار الغزيرة تتوسع على تلك المناطق مع نشاط للسحب الركامية.

بدوره أكد المركز الوطني اليمني للأرصاد والإنذار المبكر أن 8 من محافظات البلاد شهدت خلال اليومين الماضيين أمطارا متفاوتة الشدة، حيث سجلت محطات الرصد الجوي مستوى الأمطار في بعضها، ومنها مدينة المكلا (56 ملم) ومنطقتي المعافر (10.5 ملم)، والضالع (0.4 ملم)، أما في المناطق خارج نطاق محطات الرصد الجوي فقد هطلت أمطار متفرقة، بعضها غزيرة على ساحل حضرموت وأجزاء من محافظات إب والبيضاء وأبين وشبوه وحضرموت والمهرة.

سيول تتدفق في قلب مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت (إعلام محلي)

ونبه المركز إلى استمرار هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة على أجزاء متفرقة في 12 محافظة يمنية مصحوبة بسيول جارفة، واضطراب بحري في عدد من السواحل، خلال الساعات المقبلة، وذكر أن هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة سيؤدي إلى تدفق السيول على صحار وهضاب وسواحل محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، إضافة إلى أجزاء متفرقة من محافظات ريمة وذمار وإب وتعز والضالع وأبين والبيضاء ومأرب ومرتفعات لحج.

وبين المركز أن الأمطار المتفاوتة الشدة ستشمل أيضا أجزاء من محافظات صعدة وحجة والمحويت وعمران وصنعاء، في غرب وشمال البلاد، وطالب السكان في المناطق التي ستشهد أمطار غزيرة بعدم الوجود في بطون الأودية ومجاري السيول أثناء وبعد هطول الأمطار، والبقاء بعيدا عن العواصف الرعدية والرياح الشديدة وتساقط حبات البرد، حفاظا على سلامتهم.

كما نبه سائقي المركبات للتدني في مدى الرؤية الأفقية، بسبب هطول الأمطار وتشكل الضباب، وإمكانية حدوث الانهيارات الصخرية خاصة في المناطق الجبلية، ونصح بعدم عبور الجسور الأرضية أثناء تدفق السيول، كما حذر الصيادين ومرتادي البحر من اضطراب البحر وارتفاع الموج على السواحل الشرقية والجنوبية ومضيق باب المندب.

تدابير في مأرب

في محافظة مأرب اليمنية حذرت لجنة الطوارئ من يسكنون في الأودية وبالقرب من ممرات ومجاري السيول ‏من تدفق السيول، ودعتهم إلى الابتعاد الفوري والعاجل عن تلك المناطق، وتجنب البقاء فيها أو الاقتراب منها، حفاظا على الأرواح والممتلكات، وحملت كل من يخالف هذه التعليمات المسؤولية الكاملة.

رجل يتفقد سيارة انقلبت بسبب الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة في مدينة المكلا اليمنية (رويترز)

ووفق تقرير أصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان مطلع العام الحالي تضرر أكثر من 300 ألف شخص خلال العام الماضي جراء الظروف المناخية القاسية، واستمرار الصراع، وأجبروا على ترك منازلهم في معظم أنحاء اليمن.

وأكد الصندوق الأممي أن تفاقم الصراع والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، مثل الأعاصير والفيضانات والأمطار الغزيرة؛ أديا إلى تضرر 45 ألف أسرة تتكون ممّن 319445 شخصا؛ حيث أجبر هؤلاء على الفرار من منازلهم في 20 محافظة.

وبحسب ما ذكر التقرير فإن الغالبية العظمى أو ما نسبته 75 في المائة من إجمالي المتضررين، كانت بسبب الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ التي أدت إلى نزوح 239 ألف شخص نتيجة الفيضانات ونحو 37 ألف شخص بسبب الأعاصير، كما حدث في محافظات المهرة وحضرموت وسقطرى التي ضربها إعصار «تيج» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
TT

جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)

فرضت الجماعة على مزارعي المحافظة جبايات جديدة، في وقت ينوي فيه التجار ورجال الأعمال الإضراب الشامل وتنظيم احتجاجات على الزيادات الجمركية.

ويعتزم التجار في مناطق سيطرة الجماعة تنفيذ إضراب شامل واعتصامات في المراكز الجمركية بسبب رفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، تطبيقاً لقرار القيادي في الجماعة رشيد أبو لحوم المعين وزيراً للمالية في حكومتها غير المعترف بها.

وكان أبو لحوم منح التجار المستوردين مهلة ستة أشهر لبدء الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، والتوقف عن الاستيراد عبر ميناء عدن الذي يخضع للحكومة الشرعية، وهو القرار الذي يصفه العديد من الباحثين الاقتصاديين بأنه غير قانوني أو دستوري، وسيؤدي إلى رفع أسعار جميع السلع التي تدخل عبر البر من المناطق المحررة.

جبايات على «القات»

أخيراً فرضت الجماعة الحوثية جبايات جديدة على المزارعين وتجار نبتة «القات» (نبتة يتناولها اليمنيون على نطاق واسع وتصنف بأنها مخدرة في الكثير من الدول) في عدد من المحافظات بنسبة تصل إلى 500 في المائة بمسمى الضرائب، ما أدى إلى توقف الكثير منهم عن مزاولة أنشطتهم.

وذكرت مصادر محلية في محافظات إب والبيضاء والضالع أن تجار نبتة «القات» فوجئوا خلال أيام عيد الفطر بالرسوم الجديدة التي فرضت عليهم، واضطروا لدفعها خشية أن يتم منعهم من البيع، خصوصاً وأن العيد يعد موسماً لازدهار تجارتهم، نظراً لإقبال اليمنيين على الإكثار من تعاطي هذه النبتة خلال الإجازات.

وفي حين تراجعت الجماعة عن هذه الزيادات لاحقاً في محافظة الضالع، أقرتها في بقية المحافظات كرسوم ضريبية بنسبة 500 في المائة، بعد أن توقع التجار والمزارعون أنها ستكون مؤقتة بسبب العيد، وطمع مشرفي وقيادات الجماعة في مقاسمتهم الأرباح التي يحصلون عليها في مثل هذا الموسم.

أسعار «القات» في اليمن ترتفع بسبب الزيادات الضريبية وتباهي أثرياء الحرب بتعاطي أغلى أنواعه (أ.ف.ب)

وفسر الناشط الاجتماعي اليمني جابر اليزيدي، وهو من سكان مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، تراجع الجماعة الحوثية عن هذه الزيادة لتخوفها من تراجع إيراداتها من الجبايات والضرائب المفروضة على نبتة «القات» في محافظة الضالع، إذا ما أوقف مزارعو الأجزاء المحررة من المحافظة بيع «القات» للتجار في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة بسبب هذه الزيادات، حيث لا تستطيع الجماعة معاقبة هؤلاء المزارعين.

وأضاف اليزيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تخشى أيضاً من ردة فعل سكان الأجزاء الواقعة تحت سيطرتها من المحافظة، خصوصاً وأن مديرية دمت شهدت في الأعوام السابقة احتجاجات متنوعة بسبب الجبايات والضرائب المتزايدة والأوضاع المعيشية، وظهرت أخيراً بوادر احتجاج ومطالبة السكان بصرف الرواتب.

هجرة المزارعين

تعد الضالع إحدى أكثر المحافظات اليمنية إنتاجاً لنبتة «القات»، في حين يعد «القات» المزروع فيها من أكثر الأنواع جودةً، ويُباع بأسعار باهظة في مختلف محافظات جنوب البلاد التي تندر زراعته فيها، غير أنه لا يصل إلى المحافظات الشمالية إلا بشكل محدود، حيث تنتشر زراعة أنواع مختلفة منه.

ويقول ناشط اجتماعي في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبايات التي تعمل الجماعة الحوثية على زيادتها بشكل دوري على مختلف المزروعات، خصوصاً «القات»، أجبرت الكثير من المزارعين والباعة على ترك هذه المهنة والتوجه إلى مهن أخرى أو الهجرة خارج المحافظة أو خارج البلاد.

وأشار الناشط، الذي طلب التحفظ على اسمه، إلى أن قرية أقاربه التي لا يزيد تعداد سكانها عن ألف شخص، شهدت خلال السنوات الماضية هجرة ما يزيد على 200 من شبابها ممن كانوا يعملون في زراعة وتجارة «القات» إلى خارج البلاد، بسبب زيادة الأعباء عليهم نتيجة فرض الإتاوات المتزايدة.

الضرائب الحوثية تسببت في الإضرار بالمزارعين وتجار «القات» (أ.ب)

وينبه الباحث الاقتصادي عبد القادر المقطري إلى أن الجبايات والضرائب التي تفرض على زراعة وتجارة نبتة «القات» تؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على العائلات التي ليست لها موارد اقتصادية سوى هذا النشاط، ورغم زيادة أسعار هذه النبتة، فإن الإقبال على تناولها لا يتراجع، نظراً لصعود طبقة تثري من تجارة الحرب والفساد.

ويذهب المقطري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تجارة الحرب والفساد ساهما في زيادة أسعار نبتة «القات»، بعيداً عن الإتاوات والضرائب المفروضة عليها باستمرار، نظراً لأن الطبقات التي نشأت عنهما يتنافس أفرادها في الحصول على أجود الأنواع والتباهي بذلك خلال «جلسات المقيل»، حيث يتم مضغ النبتة.

إلا أن هذه الزيادات الهائلة في الأسعار لا تصل إلا لنسبة محدودة من كبار التجار، وهم في الغالب باعة الأنواع الباهظة الثمن، بينما يعاني صغار التجار والمزارعون من تضاؤل هامش الربح باستمرار نظراً للضرائب والجبايات المفروضة وغيرها من الأعباء المفروضة عليهم.


هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
TT

هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)

قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، اليوم (الجمعة)، إنها توصي السفن التجارية في «الخليج العربي وغرب المحيط الهندي»، بالبقاء في حالة حذر تأهبا لزيادة نشاط الطائرات المسيرة في المنطقة.

وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم، إنه لا توجد مؤشرات حالياً على أن سفناً تجارية كانت الهدف المقصود للضربة الإسرائيلية ضد إيران.


زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

تبنّى زعيم الجماعة الحوثية في اليمن عبد الملك الحوثي، الخميس، مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتباهى بالرد الإيراني على إسرائيل، مهدداً باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.

وفيما يدعي الحوثي أن هجمات جماعته نصرة للفلسطينيين في غزة، جدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي تفنيد هذه السردية الحوثية، متهماً الجماعة وحلفاءها في لبنان والعراق بتنفيذ أجندة إيران.

الجماعة الحوثية سخرت الموارد والأموال للتعبئة العسكرية على حساب ملايين الجوعى (إعلام حوثي)

وفي خطبة بثها تلفزيون المسيرة (الذراع الإعلامية للجماعة)، تبنى الحوثي تنفيذ 14 هجوماً في البحر الأحمر وصولاً إلى المحيط الهندي، وفق زعمه باستخدام 36 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة، قال إنها استهدفت 8 سفن، ما يرفع عدد السفن المستهدفة إلى 98 سفينة.

وخصص الحوثي مساحة واسعة من خطبته لمديح الرد الإيراني على إسرائيل، مدعياً مشاركة ما يسمى «محور المقاومة» في هذا الرد في إشارة إلى جماعته «حزب الله» اللبناني، والفصائل العراقية الموالية لطهران.

وبخلاف الرواية الإيرانية الرسمية التي أكدت أن ردها على إسرائيل كان بسبب مقتل جنرالاتها في الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، زعم الحوثي أن الرد كان من أجل مناصرة فلسطين.

وشدّد الحوثي على أتباعه للتظاهر والاحتشاد في صنعاء والمناطق الخاضعة للجماعة، الجمعة، كما دعا إلى استمرار عمليات التعبئة والتجنيد، بعد توقفها خلال إجازة عيد الفطر.

ويقول الجيش الأميركي إن الحوثيين هاجموا السفن في 122 مناسبة، وإن قواته نفذت قرابة 50 ضربة على الأرض لتقليص قدرات الحوثيين ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

مقاتلة من طراز «إف 18» على متن حاملة طائرات مشاركة في حماية الملاحة من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وطبقاً للقيادة المركزية الأميركية، أثرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من عشر شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في حماية السفن دون توجيه ضربات مباشرة للحوثيين.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفَّذت أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداء من 12 يناير الماضي لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

في مقابل ذلك، أُصيبت 16 سفينة على الأقل خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

نفي سردية الحوثيين

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في تصريحات لوسائل إعلام مصرية، عدم وجود أي علاقة بين الحوثيين في البحر الأحمر وادعاءاتهم بمناصرة غزة.

وقال العليمي إن «المليشيات الحوثية وحلفاءها في العراق ولبنان والمنطقة يستخدمون قميص غزة لخدمة المصالح والأجندة الإيرانية، مدللاً على ذلك بالتناغم بين النشاط الذي تقوم به الميليشيات في العراق والنشاط الذي تقوم به الميليشيات في سوريا ولبنان واليمن، وفقاً لمصالح إيران والحوارات غير المعلنة بينها وبين المجتمع الغربي».

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف: «نحن نعرف أن هناك حوارات مستمرة بين الغرب، وبين إيران وهي تطرح شروطها بوضوح بما فيها رفع العقوبات مقابل وقف التصعيد».

وأشار إلى حرص بلاده على إحداث تحول في الاستراتيجيات لصالح المنطقة ولصالح اليمنيين، وضد المشاريع التخريبية والتدميرية في المنطقة، إلى جانب الحرص على تماسك المجتمع الدولي في مجلس الأمن، وإبقاء العلاقات جيدة مع كل الأطراف.

وتابع: «لا نريد أن يدخل اليمن في صراع أو طرف في الصراعات الدولية، فنحن لدينا من الهموم ما يكفي، وبالتالي نحاول أن نحقق نوعاً من التوازن في علاقتنا الخارجية لكي نحقق أهدافنا في استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط الانقلاب، وتحقيق سلام شامل وعادل يعتمد على المرجعيات».

وأوضح العليمي أن الجماعة الحوثية بدأت منذ نشأتها في الثمانينات القيام بأعمال إرهابية، ثم شكلت بعد ذلك ما أطلق عليه الشباب المؤمن، ثم حشدت عناصرها ومونتهم بالأسلحة والأموال من إيران، وبدأت بمواجهة الدولة في عام 2004.

وتعرض رئيس مجلس الحكم اليمني لمشروع الحوثيين السياسي، المتمثل في أحقيتهم بالحكم سواء في اليمن أو في المنطقة العربية، ووصفه بـ«العنصر العقائدي في مشروعهم السياسي»، مشيراً إلى سعيهم إلى إعادة نظام الإمامة في اليمن بدعم إيراني.

مدمرة غربية تشارك في التصدي للهجمات الحوثية (الجيش الإيطالي)

وأعاد التذكير باستغلال الحوثيين لما عرف بالربيع العربي وما تلاه من ترتيبات لمرحلة الانتقال السياسي في اليمن من أجل الانقلاب على الدولة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت إليه المبادرة الخليجية، وشارك فيه الحوثيون بنحو 36 عضواً، وصولاً إلى مشاركتهم في إعداد مشروع مسودة دستور اليمن الجديد.

وقال العليمي إن إيران حققت عبر الحوثيين أهدافها بالقضاء على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وأدخلت اليمن في النفق المظلم والصراع والحرب الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.

واتهم إيران بأنها تستخدم القضايا العربية العادلة لأغراض غير عادلة وغير أخلاقية بما في ذلك زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية، مشيراً إلى أن القضية اليمنية واحدة من هذه القضايا التي تستخدمها إيران لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة الشعب اليمني والمصلحة العربية عموماً.

وقال العليمي: «نحن لدينا معلومات عن كيفية استغلال إيران لميليشياتها سواء في اليمن أو في سوريا أو في العراق أو في لبنان لتحقيق مصالحها سواء فيما يتعلق بالعقوبات، وفك الحظر عن الأرصدة، أو فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ومستقبل نفوذها في المنطقة».

وأضاف «أعتقد أن المصالح الإيرانية اليوم هي التي تتحكم بميليشياتها في المنطقة ومنها اليمن، حيث تغلب مصلحة إيران على مصالح هذه الشعوب، وهي الكارثة الكبرى التي يجب أن نواجهها اليوم جميعا». وفق تعبيره.


زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)

قال عبد الملك بدر الدين الحوثي، زعيم جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران، اليوم (الخميس)، إن الحوثيين نفّذوا 14 عملية بالبحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وصولاً إلى المحيط الهندي في غضون أسبوعين، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف في خطاب بثه التلفزيون: «لا خطر على الملاحة التابعة للدول الأوروبية التي لا تتجه إلى العدو الإسرائيلي ويمكنها المرور بأمان وسلام».


اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
TT

اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)

شنت الجماعة الحوثية خلال 40 يوماً حملات استهدفت نحو 3200 منشأة تجارية في صنعاء ومدن أخرى، بهدف الابتزاز وفرض الجبايات، وتمكين أتباعها من مفاصل العمل التجاري في مقابل التنغيص على غير الموالين لها.

وكشف تقرير صادر عن مسؤولي الجماعة المعينين في وزارة الصناعة ومكاتبها في المحافظات الخاضعة لهم، عن نزول فرق ميدانية في شهر رمضان الماضي استهدفت أكثر من 2237 منشأة تجارية، بينما استهدفت خلال إجازة عيد الفطر نحو 965 منشأة بحجة تسجيل مُلاكها مخالفات ورفضهم للتعليمات، وعدم التزامهم بقائمة الأسعار التي فرضتها الجماعة.

مركز جباية استحدثه الحوثيون على مقربة من إحدى المدن الخاضعة لهم (إعلام محلي)

وحلت العاصمة المختطفة صنعاء في المرتبة الأولى من حيث عدد المنشآت التجارية التي ضربتها موجة الاستهداف الحوثي بواقع 1672 عملية دهم، تلتها محافظتا الحديدة وعمران بواقع 169عملية استهداف لكل منهما، فيما حلت صعدة (معقل الجماعة) بالترتيب الثالث بعدد 66 عملية استهداف بالجباية خلال إجازة العيد ضد ملاك منشآت تجارية، لتأتي بعدها تباعاً بقية المدن والمحافظات الخاضعة تحت سيطرة الجماعة.

ونقلت وسائل إعلام الجماعة تصريحات للقيادي نجيب العذري المعين في منصب مدير العمليات المركزية بوزارة الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، يؤكد فيها أن الحملة الميدانية في رمضان وإجازة عيد الفطر ضبطت أكثر من 3202 مخالفة بمنشآت تجارية متنوعة في عدة مناطق تحت سيطرتهم. زاعماً أن تلك المخالفات التي قيدتها الجماعة تركز أغلبها على عدم إشهار قائمة الأسعار.

لا استثناءات

في ظل استمرار حملات الابتزاز الحوثية، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة تنفذ منذ أيام أعمال جباية لم تستثنِ أحداً من التجار وملاك الأسواق والمطاعم والباعة المتجولين بمناطق متفرقة من صنعاء وضواحيها.

وطالت الحملات الحوثية في اليومين الماضين، عشرات المنشآت التجارية الكبيرة والمتوسطة والأصغر في صنعاء، حيث أفاد تجار لـ«الشرق الأوسط» بأن فرقاً حوثية ميدانية شنت حملات لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة، تحت عناوين متعددة؛ أبرزها تمويل مشروعات الجماعة وجبهاتها القتالية.

حوثيون يداهمون مخزناً للأدوية في صنعاء (إعلام محلي)

وأكد نبيل، وهو اسم مستعار لأحد التجار في صنعاء أن ما وصفها بـ«فرق البطش الحوثية» داهمت في الأيام القليلة الماضية عدة محالّ وأسواق تجارية بمناطق متفرقة من المدينة، وباشر عناصرها بالاعتداء على عدد من الملاك واختطاف آخرين، إلى جانب فرض مبالغ مالية بحق مجموعة ثالثة من التجار.

واتهم التاجر وزير الصناعة بحكومة الحوثيين غير المعترف بها محمد شرف المطهر بالوقوف خلف جرائم التعسف والابتزاز والنهب المنظم الذي يتعرض له التجار ولا يزالون.

تعطيل الاقتصاد

مع مواصلة الجماعة الحوثية تعطيل ما تبقى من فاعلية الاقتصاد المحلي ووضع العراقيل أمام ما تبقى من منتسبي القطاع الخاص بمناطق سيطرتها بغية فرض كامل السيطرة عليه، أوضحت المصادر التجارية أن حملات الاستهداف الأخيرة ضد التجار، نُفذت بإشراف مباشر من قادة الجماعة المسؤولين عن قطاع الصناعة والتجارة في صنعاء وبقية المحافظات.

وأكدت المصادر أن حملات الاستهداف بالإغلاق وفرض الجبايات على ما تبقى من النشاط التجاري بمختلف أشكاله في مناطق سيطرة الجماعة يندرج في إطار النهج المنظم والواسع للقضاء على ما بقي من القطاعات الحيوية، وتمكين موالين للجماعة من الهيمنة التجارية.

وجاء تكثيف حملات الابتزاز في مناطق سيطرة الجماعة بالتوازي مع تحذيرات أممية بأن ملايين اليمنيين لا يزالون يعانون من الآثار المعقدة للعنف المسلح والأزمة الاقتصادية المستمرة، وتعطل مختلف الخدمات العامة، واحتياج نحو 21 مليون شخص إلى مساعدة إنسانية وخدمات حماية عاجلة.

العاملون في مختلف المهن يجبرهم الحوثيون على دفع الإتاوات (الشرق الأوسط)

وكان البنك الدولي وضع اليمن في أحدث تقرير له ضمن أكثر البلدان فقراً على مستوى العالم. وذكر أن بيانات الأمن الغذائي المتكامل تضع هذا البلد في مرتبة واحدة مع أفغانستان وهايتي والصومال وجنوب السودان والسودان ودول الساحل الأفريقي.

ووفقاً للتقرير الخاص بتقييم مستوى الفقر، فإن اليمن كان في الأساس بلداً فقيراً قبل اندلاع الحرب، ولهذا خلفت عشر سنوات من الصراع والأزمات آثاراً وخيمة على الظروف المعيشية، حيث يعاني الملايين من الجوع والفقر.


توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
TT

توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)

يعكف الحوثيون على تفعيل قرار سابق بفرض رسوم جمركية على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة لإرغام المستوردين على تحويل بضائعهم إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتهم، وفقاً لمصادر يمنية مطلعة.

تأتي الخطوة الحوثية في الوقت الذي يعمل فيه مبعوث الأمم المتحدة والوسطاء من الإقليم على احتواء تداعيات خطوة الجماعة المتمثلة في سك عملة معدنية غير قانونية من فئة 100 ريال يمني.

وذكرت مصادر في القطاع التجاري لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء من السعودية وسلطنة عمان يعملون على احتواء تداعيات الحرب الاقتصادية بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين عقب قيام الأخيرة بإصدار العملة المعدنية من طرف واحد، ورد البنك المركزي في عدن على ذلك بمنع تداول هذه الفئة، وتوجيهه البنوك التجارية بنقل إداراتها المركزية من صنعاء إلى عدن خلال شهرين.

عائدات ميناء الحديدة يستحوذ عليها الحوثيون بينما يعاني سكان المدينة من الفقر (إعلام محلي)

وبينت هذه المصادر أن جهود الوسطاء مستمرة، وأن هناك أفكاراً تناقش وبمشاركة من الأمم المتحدة لاحتواء المواجهة الاقتصادية بين الحكومة والحوثيين، وتشمل هذه النقاشات جوانب كثيرة من الوضع الاقتصادي بما فيها استئناف تصدير النفط الذي توقف بسبب استهداف الحوثيين موانئ تصديره، وقالت إنه لم يتم التوصل بعد إلى تفاهمات واضحة بهذا الخصوص.

وبالتزامن مع هذه الجهود ذكرت مصادر القطاع التجاري أن رشيد أبو لحوم وزير المالية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، وجه المنافذ الجمركية التي استحدثت في مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحكومة الاستعداد لبدء تنفيذ قرار سابق برفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة، وهو القرار الذي أعلن عنه قبل ستة أشهر ومنح بموجبه التجار هذه الفترة لاستكمال تحويل استيراد البضائع إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وذكرت المصادر أن القيادي الحوثي أبو لحوم يسعى ومنذ انتهاء فترة الأشهر الستة لتطبيق هذه الخطوة التي تهدف إلى رفع أسعار البضائع والسلع التي يتم استيرادها عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة لصالح البضائع التي يتم استيرادها عبر الموانئ التي تخضع لسيطرة الحوثيين، مع أن القانون اليمني لا يعطي الوزير ولا الحكومة غير المعترف بها حق فرض أي رسوم أو زيادة في الضرائب إلا بقانون، كما يمنع منح الإعفاءات إلا في حالات محددة وبشروط مشددة.

رفض للقرار

وفق المصادر اليمنية، فإن القطاع التجاري في مناطق سيطرة الحوثيين أكد أنه لن يرضخ لهذه الإجراءات التي وصفها بالتعسفية وغير القانونية، حيث يتهم القيادي الحوثي أبو لحوم بأنه كان السبب في ارتفاع أسعار جميع السلع من خلال مضاعفته رسوم ما يسمى بالنظافة والتحسين إلى أكثر من عشرة أضعافها خلال عام واحد، وأنه مستمر في مضاعفتها بمقدار مرتين كل عام، إلى جانب غيرها من الجبايات المرتبطة بالسلع والخدمات.

الحوثيون أغلقوا الطرق الرئيسية مع المناطق المحررة لإرغام التجار على الاستيراد عبر الحديدة (إعلام محلي)

ونبهت المصادر إلى أن قطاعاً كبيراً من التجار غادر إلى مناطق سيطرة الحكومة أو إلى الخارج، وأن هناك ممارسات يومية هدفها خلق طبقة جديدة من التجار مستفيدين من التسهيلات والامتيازات والإعفاءات التي يمنحها الحوثيون لهؤلاء التجار، وغالبيتهم ينحدرون من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة.

واتهمت المصادر في القطاع التجاري أبو لحوم ومعه القيادي الآخر محمد المطهر المعين في منصب وزير الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب الحوثية إلى جانب القيادي أحمد حامد الذي يشغل منصب مدير مكتب مجلس الحكم الحوثي، بالعمل على تدمير القطاع الخاص.

ويأتي التدمير الممنهج - وفق المصادر - من خلال فرض الرسوم والجبايات المضاعفة ومصادرة البضائع بحجة مقاطعة الشركات الغربية، بينما يعمل هؤلاء على تقديم التسهيلات والإعفاءات من الرسوم القانونية والجبايات لمجموعة من التجار الذين يعملون لصالح الجماعة أو بالشراكة مع قيادات فيها.

ووفق ما ذكرته المصادر التجارية اليمنية، فإن الخطوة الحوثية المتوقعة ستسبب حالة من الفوضى، وتراكم السلع في المنافذ مع نقص المعروض منها في الأسواق، وإنها لن تجبرهم على الاستيراد عبر موانئ الحديدة، كما أن كميات كبيرة تأتي من دول الجوار عبر البر، وبالضرورة أن تمر عبر مناطق سيطرة الحكومة التي تسيطر على كل المنافذ البرية.

مسلحون حوثيون في تجمع دعا له زعيم الجماعة بصنعاء (رويترز)

وكان الحوثيون أعلنوا في مطلع أغسطس (آب) الماضي رفع الرسوم الضريبية على السلع المقبلة عبر المنافذ البرية مع مناطق سيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة من إجمالي القيمة الجمركية، بعد أن فشلت الجماعة في إقناع المستوردين بالتحول نحو ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم، وبهدف زيادة الأموال التي يتحصلون عليها، والضغط على الجانب الحكومي مالياً بعد أن منعته من تصدير النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عند استهداف موانئ التصدير بعدة هجمات.


البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
TT

البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)

دفع ارتفاع درجات الحرارة في دير البلح في قطاع غزة ناجي أبو وسيم وأسرته للهرب إلى البحر وقضاء بعض الوقت بعيداً عن خيم النزوح بعد أكثر من ستة أشهر من حرب مدمّرة متواصلة.

رصد تقرير لوكالة «الصحافة الفرنسية» وصول الآلاف الأربعاء إلى شاطئ بحر دير البلح في وسط قطاع غزة، بعضهم نزل إلى البحر للسباحة، فيما فضل آخرون البقاء على الشاطئ، واصطحب أحدهم حصاناً ركبوه، وأمكن رؤية جمل مع شبان آخرين.

وقال أبو وسيم «البحر متنفسنا الوحيد، أمضيت مع أسرتي ست ساعات على البحر، الأطفال كانوا فرحين».

وأضاف «هذا هدفنا الأول أن نخرجهم من أجواء الدمار، والقتل، والحرب، رغم أنهم يسمعون انفجارات في كل لحظة، والطائرات تجوب الأجواء».

وتابع «إن شاء الله تنتهي هذه الحرب، ونرجع إلى مدينة غزة حتى لو على الركام».

أما محمود الخطيب (28 عاماً) النازح من مدينة غزة إلى منطقة الزوايدة قرب دير البلح، فوصف الخيمة بأنها «مثل الفرن»، في إشارة إلى الحر الشديد.

وأضاف «اليوم كانت فرصة أمامنا أن نتوجه إلى البحر بسبب الحرارة المرتفعة، اصطحبت زوجتي وأولادي... أفضل من الخيمة».

وتخوّف من فصل الصيف المقبل. «نحن مقبلون على فصل صيف حار. درجات الحرارة تقتلنا إلى جانب الحرب. ليس أمامنا سوى شاطئ البحر».

واستدرك «يكفي سبعة شهور من الحرب، لم يبق شيء، لا بيوت، ولا مال، ولا بنية تحتية، لا شكل للحياة، كل شيء معدوم».

ورصدت عدسة وكالة «الصحافة الفرنسية» أطفالاً يلهون على الشاطئ، وآخرين على الرمال، بينما كانت نسوة محجبات يلتقطن الصور.

علبة سردين

بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، قتل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 33899 شخصاً في قطاع غزة، أكثر من 70 في المائة منهم من النساء والأطفال.

واندلعت الحرب عقب هجوم غير مسبوق نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، وأدى إلى مقتل 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين. فيما خطف أكثر من 250 شخصاً، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفي 34 منهم، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.

ورداً على ذلك، توعدت إسرائيل بـ«القضاء» على «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007 وتصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «إرهابية».

ومن بين الذين هربوا إلى البحر، يونس أبو رمضان الذي اصطحب زوجته وأولاده.

وقال «لا مفرّ أمامنا سوى التوجه إلى البحر، حاولنا أن ننسى ما نحن فيه، لكن الظرف صعب، إطلاق النار والقصف في كل مكان».

وأضاف أبو رمضان الذي نزح مع عائلته المؤلفة من عشرين شخصاً، بينهم أطفال من حي النصر في شمال قطاع غزة إلى دير البلح «نعيش في خوف، ورعب، ونتمنى أن نعود إلى بيوتنا في غزة».

أما زوجته أم رمضان فقالت إن خيم النزوح «مثل علبة السردين، تكدّس، وازدحام. لا نعرف الراحة، ولا الهدوء، الطيران من جانب، وقلق الأطفال من جهة ثانية».

وأضافت «البحر متنفسنا... شاهدنا كل الناس الموجودة في الخيم وقد نزلوا إلى البحر مثلنا، لأن الجو حار جداً».

ولم تخف السيدة خوفها من القصف الإسرائيلي. وتقول «نحن خائفون أن يتم قصفنا من البحر أيضاً، الزوارق الحربية الإسرائيلية قريبة من الشاطئ، لكن الله سلمنا، ونأمل أن تنتهي الحرب، ونعود إلى منازلنا».


ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)

قالت وكالة الأنباء العمانية، اليوم (الخميس)، إن عدد الوفيات جراء المنخفض الجوي الذي ضرب السلطنة ارتفع إلى 21، بعد العثور على امرأة عمانية مفقودة في منطقة الشريخة بولاية محوت، ورجل يحمل جنسية دولة آسيوية في ولاية صحم وقد فارقا الحياة.

وأضافت الوكالة الرسمية أن البحث لا يزال جارياً عن مفقودين اثنين آخرين.

كانت اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة في عمان قد أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الحالي تعليق العمل في المدارس في أغلب أنحاء البلاد، واعتمدت حكومة دبي في الإمارات العمل عن بُعد لثلاثة أيام بعد موجة من الطقس السيئ ضربت المنطقة، وشهدت عواصف عاتية وأمطاراً غزيرة غير مسبوقة.

وعطل المنخفض الجوي مناطق واسعة في سلطنة عمان والإمارات وامتد تأثيره أيضاً إلى اليمن.

وأعلنت عمان والإمارات، أمس، انتهاء موجة الطقس السيئ، وأعاد مطار دبي الدولي تدريجياً فتح إجراءات تسجيل المسافرين المغادرين لرحلات طيران الإمارات وفلاي دبي بعد تعليقها بسبب الطقس.


وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
TT

وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)

قال نواف المالكي السفير السعودي لدى باكستان، إن اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عُقد أمس (الثلاثاء) بين الجانبين السعودي والباكستاني، أكّد على «ما تختص به باكستان من وفرة في الموارد الطبيعية مما يجعلها دولة مستهدفة للاستثمار في كثير من القطاعات المتاحة من خلال دراسة العروض المقترحة لإقامة استثمارات مشتركة بين السعودية وباكستان».

ووصل وزير الخارجية السعودي إلى باكستان (الاثنين)، في زيارة استمرت ليومين، على رأس وفد رفيع المستوى يتألّف من وزراء من القطاعات الرئيسية بما في ذلك الاستثمار، والمياه والزراعة، والبيئة، والصناعة، والموارد المعدنية، والطاقة، وقطاعات أخرى، لتسريع متابعة التفاهم الذي تم التوصل إليه بين رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعهما الأخير في السابع من أبريل (نيسان) الحالي في مكة المكرمة، ولتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين، والتقى خلال زيارته الرئيس الباكستاني، ورئيس الوزراء؛ ووزير الخارجية، ورئيس الجيش الباكستاني. كما ترأس مع نظيره الباكستاني اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين».

وأضاف المالكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الزيارة تأتي «امتداداً للعلاقات الدائمة مع دولة باكستان الشقيقة، وهي تأكيد على عمق العلاقات بين البلدين وتطورها بشكل مستمر، ولتعزيز التعاون الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري، ودعم المستثمرين من البلدين لتوسيع أعمالهم التجارية في القطاعات كافة». وتابع أن زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان والوفد المرافق له «جاءت لاستعراض سبل تعزيز علاقات التعاون المتينة في كثير من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي بين البلدين بما يسهم في الأمن والسلم الدوليين».

وتتجه السعودية وباكستان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري ودعم المستثمرين لتوسيع أعمالهم في البلدين، وذلك خلال اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عقد في إسلام آباد، (الثلاثاء)، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، ونظيره الباكستاني إسحاق دار.

القطاعات المستهدفة

وأكد وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار، على الروابط العميقة والمصالح الاستراتيجية المتبادلة بين باكستان والسعودية، وأبرز أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية الثنائية والدور الحيوي للاستثمارات السعودية في تعزيز هذه العلاقة.

وشرح كيف تهدف باكستان من خلال منصة «إس آي إف سي» إلى تبسيط عمليات الاستثمار وضمان اتخاذ القرارات بسرعة، وتعزيز بيئة استثمارية مزدهرة في باكستان.

وعرض فرص باكستان الوفيرة في قطاعات الزراعة وتكنولوجيا المعلومات والتعدين، داعياً المستثمرين السعوديين إلى المشاركة في شراكات مفيدة للجانبين.

وتحدث وزير الخارجية الباكستاني أيضاً عن ثقته بتعزيز الروابط بين البلدين، متصوراً نمواً اقتصادياً كبيراً وفوائد دائمة.

جانب من لقاء وزير الخارجية السعودي والوفد المرافق رفيع المستوى برئيس أركان الجيش الباكستاني (واس)

تحديد الفرص الاستثمارية

إلى ذلك، قدم المسؤولون في «إس آي إف سي» شروحات شاملة تشمل الإمكانيات والفرص الاستثمارية في القطاعات الرئيسية للاقتصاد الباكستاني، وعقد الجانبان جلسات نقاش مكثفة على مستوى الأداء لتحديد فرص الاستثمار في باكستان.

وكشف الجانب السعودي عن أهمية كبيرة واهتمام في تحسين بيئة الاستثمار في باكستان، وقدر دور «إس آي إف سي» في تسوية قضايا الاستثمار / الأعمال السابقة للسعودية بطريقة ودية، مبدياً اهتماماً كبيراً بالاستثمار في القطاعات الرئيسية في باكستان.

أما الجانب الباكستاني فأبدى دعمه وتسهيلاته في تسريع الاستثمارات متعددة المليارات من المملكة في إسلام آباد.

ووضع الجانبان آلية تنفيذ ثنائية لتنسيق وتنفيذ الشؤون المتعلقة بالاستثمار على مستوى الأداء لتحويل التزاماتهما السيادية إلى نتائج اقتصادية ملموسة.