مها محمد الشريف
كاتبة سعودية مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعالم، كتبت في العديد من الصحف الرسمية السعودية وصحيفة «الرؤية» الإماراتية، وتكتب بشكل دائم في صحيفتَي «الجزيرة» و«الشرق الأوسط». لها اهتمامات بالرسم والتصميم الاحترافي.
TT

جرائم بلا عقاب

عندما نتحدث عن المافيا نقصد بها عصابات الجريمة المنظمة ونتخيل كثيرا من الملفات الشائكة المكتظة بالأحداث لعالم أكثر دموية، ويتبادر إلى ذهننا تجارة المخدرات والتصفية بالقتل وتصوير العنف في أبشع صوره، فئات من الناس كارهة لطبيعة الحياة وللتعايش بسلام وأمان، لها منظمات سرية تنتشر في أنحاء العالم يطلق عليها عصابات المافيا لا تقل خطورتها وعنفها وميادين سيطرتها عن إرهاب منظم، وتهيمن على الحقائق المذهلة.
سنبدأ من قضية باركليز وورطة قطر ورشوة المديرين والكذب على المستثمرين إلى قضية «بنك الريان» في إطار قضايا غسل أموال، حيث فتحت السلطات المالية في المملكة المتحدة تحقيقاً مع «بنك الريان» المملوك لقطر ونشرت صحيفة «تايمز» البريطانية، أن قائمة أصحاب الحسابات في «الريان» تشمل: منظمة خيرية محظورة في الولايات المتحدة والتي تعتبرها تنظيماً إرهابياً، ومسجداً كان أمينه على مدار وقت طويل عضواً في المكتب السياسي لحركة «حماس»، والهيئة المالية في قناة فضائية يقودها «داعية الكراهية»، حسب تعبير الصحيفة، والذي قال إن «على جميع المسلمين أن يكونوا إرهابيين».
هذا جانب من الحقيقة وليست الحقيقة كاملة فما خفي أعظم، وهناك الكثير مما يتوجب قوله ليتساءل المراقبون والمحللون عن تراكم القضايا ضد قطر، حتى أصبح من النادر أن تجد قضية صادمة لا تكون الدوحة شريكا أو ممولا رئيسيا لها، فما الذي يجب أن يُفهم من ذلك ببساطة؟ هل النظام المالي بقطر مملوك معظمه لجهاز الدولة الاستثماري، أم أنه موجه فقط لعمليات مشبوهة مثل غسل أموال وتمويل لجماعات إرهابية ودعم ميليشيات تنشر الفوضى.
لم تكن تلك الأحداث جديدة أو حدثت مؤخرا بحسب ما أظهرته وسائل الإعلام أو الصحف العالمية والعربية، فهناك رغبة جامحة نفذت عمليات مشبوهة صدرتها قطر للعالم، ولكن هل ستحاسب دوليا بنوكها؟ ومن المفيد أن نكمل لكم ما ورد عن «تايمز» البريطانية، التي نشرت تحقيق هيئة الإدارة المالية البريطانية الذي فتح في العام الماضي، وفي انتظار نتائجه، حيث تعود 70 في المائة من أسهم «بنك الريان» إلى ثاني أكبر بنوك قطر، «مصرف الريان»، فيما تتبع 30 في المائة لجهاز قطر للاستثمار، ويتولى منصب مديره التنفيذي عادل مصطفاوي، الذي يعد أيضا نائب رئيس نادي «Paris Saint - Germain» الفرنسي المملوك قطريا.
الأمر الذي ينطوي على أهمية خاصة بالنسبة لدخول مافيا المال القطري أروقة الرياضة ورشوة الفيفا للحصول على تنظيم كأس العالم 2022. بعد صولات وجولات في تمويل الإرهاب وعواقبه المدمرة. لم يتبق إلا نذر يسير من مفاجآت قطر لتظهر للعالم عناصرها وفرقها وعصاباتها، فقد كبدت المنطقة نكسات وخسائر ضخمة. يبدو أننا أوشكنا على نهاية هذه الأفعال بما يتوافق مع القوانين الدولية والضوابط لوضع سياسة آمنة لتلافي الأخطار الناجمة عن المافيا القطرية.
يستفاد من هذا أن جرائمها باتت مكشوفة ومنها الجرائم الأربع التي ارتكبتها خلال فترة ليست بالبعيدة وعثور الشرطة الإيطالية، على صاروخ «جو - جو» أصله من مشتريات قطر العسكرية في حوزة جماعة يمينية متطرفة يطلق عليهم «النازيون الجدد» وغيرها من جرائم خيانة الضمير الإنساني.
لقد جلبت قطر للعالم العربي أضخم الكوارث والنكبات، ومن الصعب تخيل بلد في العالم يقوم بكل هذه العمليات الإرهابية دون عقاب، إذ لا بد من إرغامها على تغيير جذري لسياستها العدائية ومحاسبة نظامها على جميع الجرائم المرتكبة.