مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

حسبي الله ونعم الوكيل

هناك مصطلحات ومعاني في لهجتنا الدارجة، لا يفهمها أو يستوعبها أحد غيرنا، فمنها على سبيل المثال...
لو نمت بدري أطلقوا عليك مسمّى «دجاجة»، وإذا قمت بدري أنت «مصرقع»، وإذا صحوت متأخراً فأنت «رخمة»، (طيب) كيف ينام الواحد؟!
وعند شراء سيارة، فالأب أهم شيء عنده القير والماكينة، والأم أول ما تقول إن شاء الله إنها وسيعة من الداخل، والبنت «وش لونها؟!» والولد كم سرعة «طبلونها»؟! أما الجيران فهم يتساءلون «من وين جابوا فلوسها»؟!
وإذا كنت واقفاً مع جماعة، وأقبل ناحيتكم شخص تكرهه جداً، سوف يبادر أحدهم موجهاً كلامه نحوك... انبسط يا عم وصل حبيبك.
ولا أنسى أن أحد الآباء أخذ يؤنب ولده لإهماله في دروسه، فقال له يا ولد ذاكر ترى «وراك مستقبل». وإلى الآن أنا لا أدري، هل المستقبل هو قدام «والّا ورا»؟!
وإذا دخلت المسجد «وكحيت» في الصلاة، فجأة تسمع - يا سبحان الله - ما لا يقل عن 5 مصلين، كلهم يكحون خلفك بالتتابع، وكأن كحتك بعثت لهم «مسج» وأصابتهم بالعدوى، ولاحظت أن ذلك يحصل في كل فرض أؤديه في المسجد!!
أما كيف «تتشقلب» معاني الكلمات، فهذه حكاية أخرى، فكلمة «يا ذكي» تعني «يا غبي»، وكلمة «بدري» تعني «متأخراً»، وكلمة «صدقتك» تعني «أنت كذّاب»، وكلمة «مبروك» تعني «وش أسويلك».
وإذا أوقفك الشرطي، وأخذ بطاقتك يتمعن باسمك وصورتك ووجهك مليّاً، ثم يسألك بكل ذكاء؛ أنت فلان؟!
أما إذا دخل أحد منا السوبرماركت، ومرّ على كيس الرز، لازم يعطيه لكمة، وهذا هو ما فعلته أنا بالأمس، إلى درجة أن يدي اليمنى تؤلمني الآن من شدّة اللكمة.
وتهون مفارقات لهجتنا، من تورط رجل مع زوجته مديرة المدرسة، وهما على وشك النوم، عندما سألها... كم مرة تزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ وكم عدد زوجاته؟!
ردّت عليه «بجفاصة» (روح) شارك بنصف غزواته، وبعدها تزوج حتى تشبع، وأوعدك أنني أنا التي سوف أخطب لك بنفسي، وأعطته ظهرها دقيقة، ورجعت، والتفتت عليه، وقالت؛ (روح) دافع عند القدس، وحرر فلسطين، واطرد اليهود، يا أبو الغزوات.
أخذ يقول بينه وبين نفسه يا ليتني ما سألتها، غير أنها لم تتركه في حاله، فعدلت مخدتها، وفتحت عيونها، وقالت له؛ الإمام علي خلع بيده باب خيبر، وأنت ابنك سكّر عليك باب الحمام وما عرفت تفتحه، وأخذتَ «تجاعر» حتى وصل صياحك إلى بيت الجيران.
فسحب البطانية وأعطاها ظهره، وهو يردد حسبي الله عليك يا أم لسان طويل.
الشيء المؤكد أنها «شرشحتْ» أبو تاريخ ماضيه وحاضره ومستقبله.