مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

أرجوكم احزنوا معي

من مساوئي التي لا تغتفر أنني إذا وقعت على خبر يحزنني، فلا أغلق صدري عليه وأسكت (واتلايط وانطّم)، ولكنني أثرثر به وأحكيه لكل من يواجهني ليشاركني بالأحزان - باختصار إنني إنسان أتلذذ بأحزان الآخرين -.
لهذا سوف أنكّد عليكم بهذه الوقائع التي أحزنتني.
هناك أطفال ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب، وهذا هو ما أوضحه موقع صحيفة الـ(صن) البريطانية، وذكر أن هؤلاء الأطفال، وأكبرهم لا يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وجدوا طرقاً مبتكرة لتبذير أموالهم، وعلى سبيل المثال:
نشر أحدهم صورة لأوراق نقدية من فئة 50 جنيهاً إسترلينياً يستخدمها كـ(ورق للحمام).
وقام أحد الأطفال بنشر صورة تظهر ساعة فخمة من نوع (رولكس) وسط بالوعة المياه قائلاً بشكل ساخر: «لم تكن هذه هي الساعة التي أريدها؛ فلذلك رميتها».
وظهرت فتاة في مقتبل العمر في صورة وهي تستحم بالشمبانيا.
ولكي يزداد حزنكم أكثر، اقرأوا معي هذا الخبر:
ذكر موقع (Tumfweko) أن مستثمراً سعودياً يعمل في مجال الطاقة أراد أن يقدم هدية لنجله في عيد ميلاده فاشترى طائرتين من نوع (إيرباص). إلا إن الرجل، الذي لم يكشف عن اسمه، وحيث إنه لا يجيد اللغة الإنجليزية، قد جعل التواصل معه صعباً. ولا يبدو أن السعر كان إشكالية له على الرغم من أنه وصل إلى 325 مليون يورو، حيث قال إنه كان يعتقد في البداية أنه غالٍ إلى حدٍ ما، ولكن بعد أن تفهم الأمر وجد أنه معقول، وأردف يقول وهو يضحك: من أجل عيد ميلاد ابني (الغالي يرخص).
وبعد بضعة أشهر، أخبرته «إيرباص» بأن الطائرتين جاهزتان للتسليم، وفي النهاية قرر أن يحتفظ بإحدى الطائرتين لنجله، وأهدى الثانية لعمه.
وعلى النقيض من هؤلاء الأطفال البريطانيين وذلك (الفحل) السعودي، سوف أحكي لكم عن رجل أسترالي مسلم اسمه (علي بنات)، وهو ملياردير أصيب بمرض السرطان.
وفي السنوات التي سبقت تشخيص المرض، عاش (بنات) حياة باذخة مليئة بالسيارات السريعة والملابس باهظة الثمن وممتلكات أخرى لا تعدّ ولا تحصى، وبعد مرضه أدرك أنه يسير في الطريق الخاطئ، وقال يصف مرضه بأنه كان هدية له.
وعند سؤاله عن اختياره كلمة (هدية)، أجابهم: «إنه هدية؛ لأن الله أعطاني فرصة للتغيير». وعندها باع شركاته على الفور وسافر إلى توغو في أفريقيا، وهي دولة يعيش فيها نحو 55 في المائة من السكان تحت خط الفقر.
وخلال عامين قبل وفاته، كان قد صرف كل أمواله على الفقراء وأعمال الخير.
هذه هي الحياة؛ فيها: (كذا وكذا).