ليونيد بيرشيدسكي
TT

«الأوروبي» والحياد الكربوني الصعب

ترغب أورسولا فون دير لاين، الرئيسة الجديدة للمفوضية الأوروبية، في جعل أوروبا أول قارة في محايدة الكربون بحلول عام 2050. ووعدت بطرح «اتفاق أوروبي أخضر» خلال الأيام الـ100 الأولى لها في فترة عملها بمنصبها الجديد، والتي تبدأ في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ومع هذا، يبقى هدف الحياد الكربوني غير واقعي، ذلك أنه يتعارض مع التباينات الاقتصادية الأوروبية والتي من غير المتوقع على الإطلاق أن ينجح الاتحاد الأوروبي في التغلب عليها بحلول عام 2050.
في يونيو (حزيران)، عندما طرحت للمرة الأولى فكرة الالتزام الأوروبي بالحياد الكربوني، تدخلت أربع دول وأعاقت إقرار هدف الـ2050: بولندا وجمهورية التشيك والمجر وإستونيا. واللافت أن هذه ليست قائمة الدول المعارضة التي يمكن أن يتوقعها المرء تبعاً للتاريخ طويل الأمد للانبعاثات الكربونية داخل الاتحاد الأوروبي.
وإذا اعتمدنا على عام 1990، سنجد أن جميع هذه الدول ما عدا بولندا نجحت في تقليص انبعاثاتها الكربونية بدرجة أكبر من الاتحاد الأوروبي ككل، لكن ليس بمقدار ما حققته الدولة الرائدة على هذا الصعيد، ليتوانيا، التي انكمش سكانها بمقدار الربع منذ عام 1990، ونجحت هذه الدول في تحقيق ذلك، رغم الصناعات والمصانع المرتبطة بالحقبة الشيوعية. وإذا اعتمدنا على عام 2007. سنجد أن التوجه السائد على مدار العقد التالي مختلف على نحو صادم.
تعتبر إستونيا والمجر وجمهورية التشيك الدول الثلاث التي تملك أساطيل سيارات الركاب الأقدم في الاتحاد الأوروبي، وسيكون من الصعب عليها بصورة إضافية استبدال المركبات القديمة التي تسير على طرقها بأخرى كهربية، حتى وإن انتهى الحال بهيمنة السيارات العاملة بالبطاريات داخل الدول الاسكندنافية وألمانيا وفرنسا.
وبدلاً من محاولة دفع دول شرق أوروبا نحو الانضمام إلى أهداف مناخية رفيعة ترتبط بالاتحاد الأوروبي ككل، سيتعين على رئاسة الاتحاد الإقرار بأن القضاء على التباين الاقتصادي بين دوله الأعضاء شرط مسبق مهم قبل إقرار مثل هذه الأهداف الطموحة. أما تجاهل هذا التباين، فتصرف لا يخلو من نفاق. وإذا انضمت بعض الدول الأفقر إلى هدف الحياد الكربوني على أمل أن يتولى الاتحاد الأوروبي تمويل جهودها في هذا الصعيد، ثم أخفقت في تلقي الأموال المتوقعة، فإن الأهداف المعلن عنها لن تتحقق ببساطة. ولن تكون فون دير لاين وفريق العمل المعاون لها موجودين عام 2050 لتجري محاسبتهم عن ذلك.
*بالاتفاق مع «بلومبرغ»