د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

السعودية... همة رجال ووطن

بناء الدولة الموحدة في الصحراء بعد نضال عشرين عاماً، ليس بالأمر الهيِّن، وما كان ليكون إلا بهمة الرجال وكفاح الأجداد لتحقق شعار اليوم الوطني في عيده الـ 89 «همة حتى القمة».
في تاريخ توحيد المملكة، أعلن الملك عبد العزيز قيام الدولة الموحدة المملكة العربية السعودية. وكان الملك الراحل عبد العزيز منذ أن انطلق ورجاله الستون في رمضان سنة 1319 هجرية، لاقتحام قصر المصمك وتحريره، والذي بمجرد استعادته أعلنت الدولة.
وواصل الملك عبد العزيز الكفاح من أجل توحيد مملكته، فتمكَّن من توحيد الكثير من المناطق من جنوب نجد وسدير والوشم ثم القصيم والأحساء إلى عسير وحائل، حتى تمكن من ضم الحجاز في عام 1925، وفي عام 1930 اكتمل توحيد منطقة جازان.
المملكة العربية السعودية تاريخ حافل بالإنجازات والرخاء المجتمعي والنهضة العمرانية، والاهتمام بتنمية الموارد البشرية، وبناء الإنسان والاستثمار فيه عبر التوسع في التعليم بمختلف مستوياته، والاهتمام بالابتعاث للخارج لتأهيل كفاءات وطنية في شتى المجالات، حتى أضحت الجامعات والمستشفيات السعودية مراكز بحثية في مجالات مختلفة على رأسها الطب، وتعتبر الأفضل في المنطقة، بل وإقليمياً، تقدم الخبرة والاستشارة، وهذا لم يكن له أن يحدث إلا بعد رحلة ومسيرة كفاح في تطوير المجتمع وإعادة التأهيل والتكوين في ظروف كانت صعبة، وعبر مراحل كانت هي الأصعب على المنطقة العربية بأسرها، حيث لم تكن السعودية بمعزل عنها، بدءاً من الحروب العربية الإسرائيلية، ولعل آخرها حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، حيث كان للراحل الملك فيصل مواقف مشرفة بدءاً من أزمة النفط عام 1973، أو صدمة النفط الأولى التي أعادت للعرب حق التوازن في القوى، وانتهاء بحربي الخليج الأولى والثانية التي تسببت فيها سياسة حزب البعث في العراق.
السعودية التي حققت قفزة مهمة في مجال الصناعات والاستثمار، حيث تعتبر شركة «أرامكو» من كبريات الشركات النفطية في العالم التي تعرضت لعدون إيراني، في محاولة يائسة لتوجيه ضربة اقتصادية لاقتصاد المملكة، ظناً من النظام الإيراني أنه بتصدير أزماته الداخلية وصراعه مع أميركا، يحقق شيئاً بضرب «أرامكو» السعودية، إلا أن حسابات النظام الإيراني اصطدمت بقدرة المملكة العربية السعودية على مواجهة العدوان واستعادة إنتاج النفط، ووضع النظام الإيراني أمام العالم عارياً مكشوفاً كنظام إرهابي يتصرف كعصابة وليس كدولة.
فالسعودية همة رجال وكفاح أجداد، فتحولت المملكة إلى دولة مؤثرة إقليمياً وعالمياً بعد أن كانت قبائل متفرقة قبل توحيدها في عهد عبد العزيز الأول، ليستكمل عبد العزيز الثاني الملك سلمان المسيرة بترشيد قيادة شابة.
السعودية مشروع نهضة مستدامة، تمكَّنت بحكمة حكامها من النهوض واللحاق بركب الحضارة حتى قدمت مشروع المدينة العصرية «نيوم» (NEOM)، التي قالت عنها صحيفة «وول ستريت جورنال» تحت عنوان «حلم الأمير في الصحراء: سيارات طائرة وديناصورات روبوتية وقمر صناعي عملاق» إن المنطقة الساحلية القاحلة في شمال غربي السعودية لم يجد فيها فريق المستشارين الأميركيين من مصادر إلا «شمساً ساطعة ومياهاً ملحية وافرة». فمشروع مدينة نيوم التي تعني المستقبل الجديد تقع ضمن «رؤية السعودية 2030» التي ستحقق للمملكة العربية السعودية مكانة بارزة في عالم متجدد، لأنها من المخطط أن تصبح إحدى أهم المدن الاقتصادية والعلمية. حزمة الإصلاحات التي يتبناها اليوم الملك سلمان بن عبد العزيز، عبر حراك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، طالت مجالات مختلفة ومتعددة، مكنت الشباب عامة والمرأة السعودية خاصة من المشاركة في مجالات كثيرة.
الدولة السعودية التي تقترب من التسعين عاماً، تحتفي اليوم بعيدها الوطني، وسط إنجازات ضخمة لا يمكن القفز عليها وتجاهلها إلا من حاقد وحاسد يخشى من النجاح.