مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

يا ليتها لم تطلب التحقيق

الأخطاء المتعمدة وغير المتعمدة، وردود الفعل المضحكة وغير المضحكة، كثيرة. فهناك من يقع في المطب وينفذ، وغيره يغرق في شبر من الماء.
وعلى سبيل المثال، فأحد الزعماء العرب المعروف بالحمق كان مرهقاً، ومن المقرر أن يلقي خطاباً، فطلب من كاتب خطابه أن يكتب له ورقة واحدة. وعندما جاء ليلقي خطابه، وجد أمامه أربع ورقات، فألقاها وخرج وهو يشتاط غضباً، وأخذ يصرخ في كاتب خطابه الذي رد عليه: إنها يا سيدي ورقة واحدة من ثلاث نسخ. ومع ذلك، فصله وطرده الزعيم من عمله.
وها هي مقدمة برامج في قناة فرنسية استضافت ملك المغرب الراحل الملك الحسن الثاني، وأرادت أن تحرجه، حين شبهت (الاتحاد المغاربي) بالطائر الذي معدته هي الجزائر، وجناحاه موريتانيا، وعنقه تونس، ورأسه ليبيا، وذيله المغرب. فتبسم الملك الحسن، قائلاً: أكيد أن ذلك الطائر هو الطاؤوس، وأجمل ما فيه ذيله.
وأعجبتني طفلة تدرس في أميركا بالصفوف الابتدائية، حيث أخذت المعلمة تشرح للتلميذات مزايا أن تكون الواحدة أميركية، وطلبت منهن أن يرفعن أياديهن تأييداً لكلامها. فرفعت جميع التلميذات باستثناء واحدة منهن، فسألتها مدرستها باستغراب واستهجان عن عدم رفع يدها، فقالت لها سناء - وهذا هو اسمها: لأني لست أميركية. فسألتها المدرسة: إذن، ماذا تكونين؟! فأجابت الفتاة بفخر: إنني عربية. بدأت المدرسة تشعر بالقلق، واحمر وجهها، وسألتها بسذاجة: لماذا أنت عربية؟ قالت سناء: بما أن أمي وأبي عربيان، فأنا عربية. غضبت المدرسة من ردها، وقالت: إن هذا ليس سبباً وجيهاً، فلو كانت أمك بلهاء وأبوك أبله، ماذا ستكونين؟ ابتسمت سناء، وأجابتها بخبث: إذن، سأكون أميركية.
وبما أن المسألة هي التفاخر بالجنسيات، فقد سخر الكاتب الفرنسي بول بورجيه مرة من الأميركيين، بقوله: إن الأميركي حين يجد متسعاً من الوقت، فإنه يبحث عن أصوله وأصل جدوده. وحينما قرأ الكاتب الأميركي الساخر مارك توين ما قاله بورجيه، أجاب: هذا صحيح، لكن الفرنسي يقضي كل وقته للبحث عمن هو أبوه!
وأختم بخطأ مطبعي كانت له تبعاته. فالوزيرة المصرية السابقة للشؤون الاجتماعية حكمت أبو زيد خرجت إلى تفقد أحوال الريف، وكتبت إحدى الصحف عنواناً: «حكمت أبو زيد (تتجول) في كفر الشيخ» بقلب حرف الجيم في كلمة «تتجول» إلى باء. وثارت ثائرة الوزيرة، وطلبت التحقيق. وفي اليوم التالي، كتبت الجريدة: لقد حصل خطأ مطبعي وصُصح الخطأ، وبعدها، أصبح الخبر متداولاً على كل لسان - يا ليتها لم تطلب التحقيق والمعاقبة.