بوتين: السعودية لاعب إقليمي ودولي وننظر لها كدولة صديقة

أدان في حوار مع «العربية» الهجوم على «أرامكو» وأشاد بدور الأمير محمد بن سلمان في تعزيز العلاقات بين البلدين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (العربية)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (العربية)
TT

بوتين: السعودية لاعب إقليمي ودولي وننظر لها كدولة صديقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (العربية)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (العربية)

أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على دور السعودية الإقليمي والدولي في المنطقة، وتطرق في مقابلة خاصة مع قناة «العربية» في سوتشي، لمواضيع عديدة قبيل زيارته للسعودية، منها العلاقة مع الرياض، والاعتداء الإرهابي على منشآت «أرامكو» وتأثيره على مستقبل أسواق الطاقة، وأيضاً دور إيران التخريبي في المنطقة، وتطورات الوضع في سوريا، إضافة إلى سباق التسلح الدولي الجديد. وفيما يلي نص الحوار:
* أهلاً بكم مجدداً وشكراً لكم على هذه الفرصة التي تسبق زيارتكم إلى المنطقة العربية.
- يطيب لي أيضاً اللقاء بكم. أعتقد أنه تقليد حسن أن ألتقي قبيل زيارة أي دولة ممثلي وسائل الإعلام فيها.
نحن نولي المملكة العربية السعودية أهمية كبيرة، وها نحن نرد الزيارة التاريخية التي قام بها إلى روسيا خادم الحرمين الشريفين.
وثمة أيضاً أمرٌ أرى من الضروري جداً الإشارة إليه، وهو أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية والاتحاد السوفياتي، في العهد السوفياتي، كانت على مستوى منخفض بقدر ملحوظ. وخلال السنوات الأخيرة تغيرت نوعية علاقاتنا تغيّراً جذرياً. نحن ننظر إلى المملكة العربية السعودية كدولة صديقة لنا.
لقد نشأت لدي علاقات طيبة مع الملك، ومع الأمير ولي العهد أيضاً. وعلاقاتنا تتطور عملياً في كافة الاتجاهات.
سأبدأ من الاقتصاد. حيث لا يزال أمامنا الكثير مما يجب القيام به، إلا أن الوتيرة جيدة. ففي العام الماضي بلغ النمو 15 في المائة، كما ارتفع النمو في النصف الأول من السنة إلى 38 في المائة، ونحن ندرس مشاريع مشتركة جيدة. لقد أسس صندوق استثماراتنا المباشرة وصندوق الاستثمارات العامة للمملكة العربية السعودية، قاعدة مشتركة بـ10 مليارات دولار، وُضع ملياران منها قيد الاستثمار، كما أن العمل جارٍ على مشاريع أخرى، إذ تم بالفعل تنفيذ بضعة مشاريع واعدة جداً ومثيرة للاهتمام.
ونحن نرى أيضاً فرصة للعمل في أراضي المملكة العربية السعودية. كما أن إحدى شركاتنا تدرس إمكانية بناء مجمّع بتروكيميائي بحجم استثماري يبلغ أكثر من مليار دولار. إنها شركة «سيبور - هولدنغ»، شركتنا الأضخم في هذا القطاع من الاقتصاد.
فيما تنشأ بيننا علاقات في مجال حساس جداً، يتطلب ثقة متبادلة، ألا وهو التعاون العسكري - التقني. وها نحن نتفاوض منذ فترة بعيدة حول هذا الجزء.
ولا يقل أهمية عن ذلك، بالطبع، عملنا المشترك لحل الأزمات الإقليمية. بهذا الصدد أود الإشارة إلى دور المملكة العربية السعودية الإيجابي في حل الأزمة في سوريا. نحن نعمل بشكل وثيق جداً مع تركيا وإيران، وهذا معروف جيداً للجميع. ولكن من دون مساهمة المملكة العربية السعودية في عمليات التسوية في سوريا، ما كان بالإمكان مطلقاً، كما يبدو لي، التوصل إلى توجه إيجابي في التسوية. ولذلك أود مباشرة التعبير عن الامتنان للملك، وللأمير ولي العهد على هذا الموقف البنَاء. وإنني على ثقة بأن زيارتي ستعطي دفعة جديدة لتطوير علاقاتنا الثنائية، وتعاوننا على الساحة الدولية.
من جهة أخرى، نحن ننظر إلى الإمارات العربية المتحدة كأحد شركائنا الواعدين، والقريبين جداً. بالفعل، في العام الماضي وقعنا إعلان الشراكة الاستراتيجية والتعاون، وليس من قبيل الصدفة أن نتوصل إلى توقيع هذه الوثيقة، فهذا يدل على نوعية، وطابع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وروسيا الاتحادية.
يجب القول إن شراكتنا تتطور، كالشراكة مع المملكة العربية السعودية، في جميع الاتجاهات، وبما يكفي من الحيوية، أي إذا نظرنا إلى منطقة الخليج، نجد تبادلاً تجارياً كبير الحجم يبلغ 1.7 مليار دولار، لكنه - طبعاً - غير كاف. وهذا ما ندركه تماماً. ونعمل أيضاً مع الصندوق السيادي في الإمارات العربية المتحدة، حيث تبلغ القاعدة المشتركة نحو 7 مليارات دولار، تم استثمار مليارين منها في بعض المشاريع. ويجري أيضاً عمل حثيث على مشاريع أخرى. والإمارات العربية المتحدة، طبعاً، تسهم بدور مهم في حل أزمات المنطقة، وتلعب - دونما أي مبالغة - دوراً يعزز الاستقرار.
لن أكشف سراً كبيراً إذا قلت إننا على اتصال دائم مع قيادة الإمارات العربية المتحدة، بل نشأت لدينا تقاليد وممارسة معينة، فلدينا إمكانية ضبط ساعات نشاطنا على توقيت واحد، في اتجاهات وقضايا مختلفة. ونقوم بذلك، كما أرى، لما فيه فائدة كبيرة، لا لكلا الطرفين فحسب، بل للمنطقة بأسرها.
* تحدثتم بإيجابية أكثر من مرة عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وكان قد لوحظ في أكثر من مؤتمر تقارب شخصي بينكم وبين ولي العهد السعودي. هل تراهنون على الدور الذي يقوم به الأمير محمد بن سلمان في تعزيز العلاقات ما بين البلدين، وأيضاً فيما يتعلق بمستقبل المنطقة؟
- نعم إنه يلعب دوراً مهماً، نعم بالفعل لدينا معه علاقات شخصية ودية جداً، فهو المبادر في كثير من مشاريعنا، وهذه المبادرات قائمة وتُنفذ وتتطور باستمرار، وقد قلت ذلك من قبل، إن «أوبيك بلاس» هي مبادرته للتعامل معنا في هذا السياق، فهو من دعم إنشاء منصة لصندوق استثماراتنا، وساهم بنفسه باستثمار مليارين فيه. وهو من يطرح مسألة توسيع تعاوننا في المجال التقني العسكري ولدينا حزمة جيدة من الفعاليات المشتركة في هذا الاتجاه. وهذا كله قائم ويجري فعلاً، وآمل أننا سنستمر في توسيع تعاوننا.
وبالنسبة لدور المملكة العربية السعودية في المنطقة، فبالطبع إن المملكة تعتبر من الدول الأساسية في المنطقة بلا شك. كما أنها تؤثر بحسب قدراتها ونطاق نشاطها في مجال الطاقة. ويمكن أن نعتبر المملكة العربية السعودية لاعباً ليس إقليمياً فحسب، وإنما هي لاعب دولي أيضاً، فهي تؤثر على سوق الطاقة العالمية، وبالتالي على سائر الطاقة العالمية.
لذا فإن التعاون مع المملكة العربية السعودية ومع العاهل السعودي والأمير محمد بن سلمان بالنسبة لنا مهم للغاية، وسوف نعمل على تطوير هذه العلاقات قدماً.
* ولكن كما تعلمون أن المملكة، وهي الحليف الاستراتيجي لروسيا فيما يتعلق بقطاع الطاقة، تعرضت لهجوم إرهابي استهدف منشآتها. وكان العالم بأسره يتحدث عن إيران كمتورط رئيسي في هذه العملية، إلا أنكم دافعتم عن طهران، وطالبتم بوجود أدلة على تورطها، فكيف يمكن فهم الموقف الروسي؟
- الموقف الرسمي كالآتي: نحن ندين أي عمل من هذا النوع، ولا يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك. هذا هو موقفنا الرسمي. أعلننا عنه منذ البداية، وقد تحدثت شخصياً عن الأمر منذ فترة وجيزة خلال أسبوع الطاقة في موسكو. ولا يوجد أي شك في ذلك. مثل هذه الأعمال لا تحقق أي نتائج لأي طرف، بما في ذلك أولئك الذين يعدُون وينفذون مثل هذه الأعمال، لماذا؟ لأنه إذا توقع أحد ما أن يؤثر ذلك بطريقة ما على سوق النفط، فإن هدفه لن يتحقق. بيد أن التقلبات، في رأيي، لم تكن كبيرة، رغم أن الهزة الأولى كانت ملحوظة. ولكن بعد أسبوع فقط عادت مؤشرات الأسعار إلى مستواها الطبيعي مرة أخرى، لأن العوامل الأساسية التي تشكل السوق لن تسمح للسعر بالقفز لا للأسفل ولا للأعلى. هذا أولاً.
ثانياً. نحن، وأنا شخصياً، على اتصال مع قيادة المملكة العربية السعودية، بما في ذلك مع ولي العهد، الذي ناقشت معه الحادث، وأخبرته أنه من الضروري الحصول على أدلة وتحديد المذنبين، وأكدت أن هناك من يقف وراء هذا العمل.
من حيث المبدأ، الأمير محمد بن سلمان وافقني الرأي، وطرح السؤال: «هل يمكن لروسيا أن تشارك في التحقيق في هذا الحادث»؟ قلت نعم، نحن مستعدون لتقديم كل ما يطلب منا وكل ما لدينا من أجل التحقيق في هذا الحادث بدقة. ولهذا فإن موقفنا يبقى ثابتاً، حيث نعتبر أنه من غير الصحيح تحديد من هم المذنبون قبل أن يُعرف بشكل موثوق وواضح ومفهوم من يقف وراء هذا العمل.
* ولكن هل نستطيع الحصول على تأكيد روسي بأن موسكو لن تتردد في معاقبة طهران إذا أثبتت التحقيقات تورطها في تلك الهجمات؟
- لقد قلت للتو، وأريد أن أكرر: بغض النظر عمن يقف وراء هذا الحادث فإننا ندين هذا النوع من الأعمال. هذا هو بالضبط ما قلته. لا يمكن أن يكون هناك تفسير مزدوج.
* كما كان واضحاً من إجابة الرئيس بوتين فإن طهران لن تكون بمأمن عن الإدانة والحساب إذا أثبتت التحقيقات تورطها في الاعتداءات التي تعرضت لها منشآت النفط السعودية، ولكن كيف ستؤثر أحداث من هذا النوع على التقارب الروسي الإيراني من جهة وهذه الشراكة التي بدأت في ترسيخ روابطها مع دول الخليج خصوصاً في مجال الطاقة.
* تعاوننا في إطار «أوبك بلاس» شأن، وقضايا الأمن والاستقرار في المنطقة، ومقترحاتنا حول كيفية ضمانها، شأن آخر.
- بالنسبة للسؤال الأول، فإن مثل هذه الأعمال، إذا اعتقد شخص ما أن أعمالاً مثل الاستيلاء على الناقلات، والهجمات على البنية التحتية النفطية، ستؤثر بطريقة أو بأخرى على تعاون روسيا وأصدقائنا العرب - المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - أو ستدمر بطريقة أو بأخرى تعاوننا في اتجاه «أوبك بلاس»، فهم جميعاً مخطئون. بل على العكس، سيعمل ذلك على توحيدنا، لأن هدفنا هو استقرار الوضع في أسواق الطاقة العالمية. ولكن كمهمة فنية، يجب تقليل حجم المخزونات في العالم إلى مستوى معقول بحيث لا تضغط هذه المخزونات على السعر.
بالمناسبة، كل ما تم إنجازه، ولقد أُنجز الكثير من العمل الإيجابي، تم القيام به ليس لمصلحة المنتجين فحسب، بل المستهلكين أيضاً، لأن كليهما مهتم بالاستقرار في السوق العالمية أكثر من اهتمامه بالسعر المرتفع. كل تلك الأمور تمت، بصراحة، تحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان. ومعظمها كان من مبادراته، ونحن دعمناها ونرى أننا فعلنا الشيء الصحيح.
كل ما يزعزع استقرار السوق، يجب مواجهته بردٍ مسؤول بالطبع، سنعمل مع المملكة العربية السعودية ومع شركائنا وأصدقائنا الآخرين في العالم العربي من أجل تحييد وتقليل محاولات زعزعة استقرار السوق إلى الصفر.
الآن، فيما يتعلق بمبادرتنا لتحقيق الاستقرار في الوضع في منطقة الخليج. نعم، كما تعلمون، منذ بعض الوقت، تقدمنا بمثل هذه المبادرة لإنشاء منظمة ما من بلدان المنطقة، إضافة إلى الدول المعنية، مثل: الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي وغيرها، بحيث نشكل منبراً لمناقشة الأزمات والمسائل الأكثر حدة. هناك من يدعم هذه المبادرة وهناك من يعتبرها سابقة لأوانها، وذلك بالمناسبة، بناءً على التناقضات الحادة بين بلدان المنطقة. في رأيي، وانطلاقاً من هذا الظرف، أي بسبب وجود هذه التناقضات الحادة، سيكون من المناسب إنشاء مثل هذا المنبر حتى يتمكن الناس على الأقل من أن يلتقوا فيما بينهم كما تعلمون، أن المهم في بعض الأحيان، ليس المفاوضات بحد ذاتها بقدر أهمية المصافحة بين المتفاوضين، فهي مهمة بالفعل.
بما أنه لدينا علاقات جيدة مع جميع دول المنطقة: مع الإيرانيين ومع العالم العربي، وعلاقات قُطرية مع المملكة العربية السعودية ومع دولة الإمارات العربية المتحدة، بالطبع، يمكننا نقل مواقف الدول بين طرف وآخر. لكنني أعرف شخصياً قادة هذه البلدان، فهم لا يحتاجون إلى المشورة والوساطة. حيث يمكن التحدث معهم فقط من باب الصداقة، وكيفية صياغة بعض الأفكار لصديق. أعلم أنهم أذكياء، فهم سيصغون ويحللون ما يقال لهم. وفي هذا السياق يمكننا لعب دور إيجابي.
* السيد الرئيس، سأنتهز قليلاً جو الصراحة الذي تحدثتم به. تتحدثون بثقة كبيرة عن أن إيران ليست متورطة في تلك الاعتداءات، ومرة أخرى نعود إلى القصة الرئيسية، كان لكم لقاء مؤخراً بالرئيس روحاني. هل حصلتم على تأكيدات من روحاني بأن طهران ليست متورطة بتلك الاعتداءات الإرهابية؟ وإذا لم تكن إيران فمن الفاعل إذن؟
- نعم، هكذا قال، لا علاقة لإيران بهذا. التقينا مؤخراً على هامش فعالية دولية، هي الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي أنشأناه مع بعض دول الاتحاد السوفياتي السابق قبل بضعة أشهر، تم توقيع اتفاقية مؤقتة بين هذا الاتحاد وإيران بشأن إقامة منطقة تجارة حرة. بالمناسبة، وقعنا ذات الاتفاقية بشأن منطقة تجارة حرة مع سنغافورة ومع فيتنام. تتطور علاقات هذه المنظمة بشكل إيجابي مع العديد من بلدان العالم. إيران أيضاً تنضم إلى هذا العمل، وقد التقينا مؤخراً على هامش أعمال هذه المنظمة في يريفان وتحدثنا عن ذلك.
قلتُ إن لدينا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية علاقات غير مسبوقة في الشراكة والصداقة أيضاً، لكن روسيا لا تُقيم صداقات مع شخص ضد شخص ما، نحن نبني علاقات ثنائية على أساس الاتجاهات الإيجابية في اتصالاتنا ولا نشكل تحالفاً لمحاربة أحد ما. هذه هي النقطة الأولى.
والثانية هي، وأعتقد أنه من الواضح بالنسبة لكم ولمستمعيكم ومشاهديكم، أن روسيا وإيران جارتان ولا يمكننا إلا أن نأخذ هذا العامل بعين الاعتبار.
والثالثة - أن إيران قوة إقليمية، وإذا كنا نريد أن نبني علاقات جيدة مع شخص ما، وأنا أنطلق من حقيقة أن جميع بلدان المنطقة تريد أن تكون لها علاقات جيدة مع بعضها بعضاً، ولا أحد يسعى إلى المواجهة، ولا لأي نوع من الاشتباكات، وإذا كنا نريد أجندة إيجابية فعلينا أن ننطلق من حقيقة أننا نعترف بالمصالح القانونية لشركائنا، وهنا أود التأكيد على هذا الأمر، وأنا الآن لست بصدد الإشارة إلى ما هو قانوني وما هو غير قانوني، ولكن لدى هذه القوة الكبيرة، أي إيران، الموجودة على الأرض منذ آلاف السنين (الإيرانيون والفرس عاشوا هنا منذ قرون) لا يمكن ألا تكون لديهم مصالحهم الخاصة، ويجب أن يعاملوا باحترام.
من الواضح ما هو قانوني وما هو غير قانوني، وأن المصالح يمكن أن تكون مشروعة، أو أن تتعدى الحدود، وهذا بالتأكيد هو موضوع للنقاش. ولكن من أجل أن يفهم بعضنا بعضاً ولكي نفهم هذه الفروق الدقيقة والخفايا والقضايا الإشكالية، فمن الضروري إجراء حوار، إذ من دون الحوار لا يمكن على الإطلاق حل ولو مشكلة واحدة.
أما بالنسبة لروسيا فسنبذل قصارى جهدنا لخلق الظروف اللازمة لمثل هذه الديناميكية الإيجابية. وأظن أن لدى روسيا علاقات جيدة مع إيران وعلاقات جيدة كذلك مع أصدقائنا العرب، لم يكن هناك مستوى عالٍ من العلاقات مع المملكة العربية السعودية في ظل الاتحاد السوفياتي ولكن مع العالم العربي كانت العلاقات ممتازة مع الجميع تقريباً. كان لدى الاتحاد السوفياتي علاقات جيدة مع العالم العربي بأسره. ولهذا نحن لا نقول إننا نعود الآن، بل عدنا بالفعل إلى ذلك المستوى من العلاقات. إذا استخدمنا علاقاتنا الجيدة مع إيران والعالم العربي ومع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فأعتقد أنه يمكننا إيجاد ما يحقق المصلحة المشتركة.
تحدثت عن عملنا الإيجابي في سوريا. نعم نحن - تركيا وإيران وروسيا - نعمل بنشاط كبير في إطار هذه المجموعة الثلاثية ونحقق النتائج، لكن لولا دعم السعودية، لكان الأمر مستحيلاً تماماً، والجميع يدرك ذلك. وما كان عملنا لينجح أيضاً لولا الدعم المناسب من دولة الإمارات العربية المتحدة. ولهذا، ورغم التناقضات الحادة، فهناك ما يجعلنا نتوحد ونتكاتف جميعاً لتحقيق الهدف المشترك. يجب إيجاد هذه الأهداف والعمل معاً على تحقيقها. وهذا سيخلق الظروف لتطبيع العلاقات في المنطقة بين البلدان.
* لم تجبني عن الشق الثاني من السؤال فخامة الرئيس، لديكم بالتأكيد وجود ما في الخليج ولديكم قدرة استخباراتية عالية وقدرة عسكرية عالية، دولة عظمى مثل روسيا لا تعرف من الذي نفذ اعتداءات «أرامكو» في السعودية؟
- تخيل، نحن لا نعرف. في اليوم التالي، سألت كلاً من رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية ووزير الدفاع. «لا، نحن لا نعرف». لن أعلق الآن على مسألة من كان يجب عليه أن يعرف هذا حتى لا أزعج أحداً، لكن ليس لدينا أي معلومات موثوق بها حول هذه المسألة.
*  كانت الأزمة السورية البداية التي مهدت لعودة روسيا إلى المنطقة، وما بين دعم نظام الأسد ومحاربة المنظمات الإرهابية على حد وصف الرئيس بوتين، تكمن التفاصيل.
- نحن ذهبنا إلى سوريا لدعم الحكومة الشرعية، تحديداً الشرعية، أريد أن أشدد على ذلك. وهذا لا يعني عدم وجود مشكلات داخلية هناك، أنا مستعد للحديث عن ذلك لاحقاً ببضع كلمات، لمزيد من التفصيل. هذا لا يعني أن القيادة الحالية لا تتحمل أي مسؤولية عن الوضع. بلى، ولكن ذلك لا يعني مطلقاً أن نسمح للمنظمات الإرهابية بالاستيلاء على أراضي سوريا، لتقيم هناك شبه دولة إرهابية. لم يكن بوسعنا السماح بأن يتدفق لاحقاً سيل من المقاتلين إلى بلدان الاتحاد السوفياتي السابق، التي لدينا معها حدود مفتوحة ونظام تنقل دون الحاجة لتأشيرة مرور. لم يكن بوسعنا السماح ببدء تسلل المسلحين من هناك إلى الأراضي الروسية. لقد خَبِرنا ذلك جيداً، ونعرف ما قد يؤدي إليه، وذلك من خلال تلك الأحداث غير البعيدة التي جرت في شمال القوقاز الروسي، شكَلت كل تلك الأمور دوافع حفزتنا على اتخاذ قرار بإسداء العون للسلطات الشرعية.
نحن لا نقدّم العون وحسب للسلطات الشرعية، بل ننطلق من أن التناقضات السياسية الداخلية يمكن ويجب أن تحسم بالوسائل السياسية حصراً. ولذلك أصررنا على هذا الأمر بشدة، وأنا مسرور جداً لأن هذا هو ما يجري الآن، مع بدء العملية السياسية تحديداً، نتيجة لتشكيل ما يسمى باللجنة الدستورية.
لقد ولدت فكرتها هنا بالضبط، حيث نحن وإياكم الآن في سوتشي، خلال مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي تمثلت فيه مختلف القوى السياسية، بما فيها القوى المعارضة والهياكل الحكومية، هنا تحديداً اتفق السوريون فيما بينهم على إنشاء لجنة دستورية تشرع بالعمل لتعديل الدستور السوري، أو إقرار دستور جديد.
لقد قطعنا طريقاً معقداً وصعباً، وطويلاً بما يكفي لتشكيل هذه اللجنة. والآن تم تشكيلها، أخيراً من جانب الحكومة أي من جانب الرئيس الأسد، ومن جانب المعارضة. آمل أن تقوم في الأيام القريبة المقبلة بخطواتها الأولى، في جنيف، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة.
والمرحلة الأولى في هذا الطريق بالطبع، هي العمل على إعداد القانون الأساسي للبلاد، أي إعداد الدستور، وذلك إما بتعديل الدستور الحالي، أو بصياغة دستور جديد. لكن، ودون أدنى شك، مع وجوب ضمان مصالح الطوائف الدينية والمجموعات العرقية كافة. فلا بد للناس أن يدركوا أنهم يعيشون في بلدهم، وأنهم يتمتعون بحماية هذا البلد وقوانينه بشكل موثوق، وهذا ينطبق على السنة والشيعة والعلويين، كما ينطبق على المسيحيين، فسوريا كانت دائماً في واقع الأمر دولة متعددة الطوائف وكان لها أن تفخر بذلك. يمكن فقط للأشخاص الذين يفتقدون للحكمة وحسن التقدير شن حملات وتنفيذ مذابح جماعية مثلما فعلت العناصر الإرهابية في سوريا.
ولكني أعود وأكرر: لن تكون عملية سهلة، ستكون صعبة ولكنها، في رأيي، ممكنة التحقيق. هل تعرفون ما الذي يجعلني أفكر على هذا النحو الإيجابي؟ اليوم، يعود الكثيرون إلى منازلهم ودورهم. أتحدث هنا عن الآلاف من الناس، يعودون من الخارج، ومن مناطق في سوريا يعودون إلى ديارهم وإلى مواطنهم الأصلية ومسقط رأسهم. هذه علامة أكيدة على أن الناس يثقون في الوضع الذي تشكّل حالياً، ويثقون في الضمانات التي تقدمها الدولة، وفضلاً عن ذلك يثقون في الدول الضامنة الموجودة هناك.
يسعدني جداً أن أشير في هذا الصدد إلى أن السوريين يتعاطون بإيجابية وبثقة كبيرة مع العسكريين الروس ومع شرطتنا العسكرية. الشرطة العسكرية التي تؤدي خدمتها هناك بشرف وكرامة، مكونة في أغلبها من أفراد من شمال القوقاز، كلهم من المسلمين، والسكان المحليين، ولدي أمثلة محددة على ذلك، يأتون إليهم طلباً للحماية. يطيب لي جداً ذكر هذا الأمر، لكن بالطبع في نهاية المطاف، لكي يصبح الوضع مستقراً على المدى الطويل، يجب أن يتفق الناس فيما بينهم. فأسوأ أنواع السلام سيظل دائماً أفضل من أي حرب جيدة.
* فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، هل تؤيد موسكو إعادة التفاوض مع إضافة قيود جديدة على برنامج الصواريخ الإيرانية، كما تطالب الولايات المتحدة أم الوفاء بالالتزامات التي تم التوصل إليها في الاتفاق السابق قبل الحديث عن اتفاق جديد؟
- هناك ما يسمى خطة العمل الشاملة المشتركة، أي اتفاقية البرنامج النووي الإيراني، بشأن القيود ذات الصلة. إيران اتخذت على عاتقها التزامات معينة. دعونا نتحدث بصراحة وإلا فلن يكون كلامنا ذا أهمية بل سيكون جافاً، من الواضح أن هناك تناقضات، وقد تطرقتم إليها، بين دول المنطقة. هناك تناقضات بين إيران وإسرائيل، وإيران والولايات المتحدة. أنا أنطلق من الحاجة إلى السعي لحل هذه التناقضات والبحث عن طرق للخروج من هذه الأوضاع المعقدة. لكن إذا انطلقنا من حقيقة وجود تناقضات بين دول المنطقة وإيران، فمن الذي يمكن أن يكون الحكم في حل مسألة: هل تفي إيران بالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة أم لا؟ أولاً، يجب أن يكون الحكم محايداً، ثانياً، يجب أن يكون مهنياً، وثالثاً، مُعترفاً به من المجتمع الدولي. يوجد مثل هذا القاضي وهو الوكالة الدولية للطاقة الذرية. فهي تصرح بشكل علني ومن دون أي خجل بأن إيران تفي تماماً بجميع التزاماتها.
هذا غير مجدٍ، ناهيك عن أنه ليس من العدل، توجيه الاتهامات لإيران بما لا تقوم به. هذا غير مجدٍ، لأنه عندما يواجه أي شخص أو أي بلد مثل هذا الظلم، فإنه يبدأ بالتصرف بشكل مختلف، وليس كما هو مكتوب على الورق. وإذا لم يتم الوفاء بالالتزامات تجاهه، فلماذا يجب أن يفي هو بالتزاماته؟ ومع ذلك، أرى أنه سيكون من الأفضل لإيران أن تلتزم بنص وروح هذا الاتفاق. لكن هذه مسألة أخرى.
بالنسبة لبرنامج الصواريخ، على الأرجح، يمكن وينبغي مناقشته. يوجد في روسيا مقولة، أعتقد أن المسلمين سوف يفهمونها أيضاً، تقول: «لا تخلط بين هبة الله والبيض المخفوق». فهذه مواضيع مختلفة. برنامج الصواريخ شيء والبرنامج النووي شيء آخر. هذا لا يعني أنه ليست هناك حاجة للحديث عن هذا الموضوع، خاصة إذا كان يسبب القلق. بالطبع، هذا ضروري، ولكن لا حاجة إلى دمج واحد مع الآخر، حتى لا يُجهض الإنجاز الذي تم تحقيقه في أول مراحله.
لذلك، أعتقد أن هذا الحوار ممكن، لكن لا ينبغي أن يؤدي إلى تدمير النتائج التي تحققت بالفعل بشأن الموضوع المهم والأول، وهو الحد من النشاط النووي لإيران نفسها.
*  كيف احتكرت الولايات المتحدة عملية السلام في الشرق الأوسط على حساب روسيا، وكيف ينظر الرئيس بوتين لما يسمى صفقة القرن؟
- إن هذا لا يعتمد علينا ولا على نشاطنا، بل يعتمد على رغبة جميع المشاركين في هذه العملية في رؤية أحد ما أو عدم رؤيته فيها.
والحق يقال، لدينا مع إسرائيل علاقات طيبة جداً، فنحو 1.5 مليون شخص من المواطنين الإسرائيليين قد خرجوا من الاتحاد السوفياتي. فهذه دولة ناطقة باللغة الروسية تقريباً، وهناك أينما دخلت إلى أي محل تجاري، ترى الجميع فيه يتحدثون باللغة الروسية، لذلك ما يحدث هناك يهمنا، ولكنْ لدينا موقف مبدئي وثابت حول التسوية الفلسطينية، فنحن نلتزم بصرامة بكل قرارات الأمم المتحدة ونرى أنه يجب أن تطبق جميعها.
أما فيما يخص «صفقة القرن» فنحن ندعم أي صفقة تؤدي إلى السلام، ولكن علينا أن نفهم ماهيتها، فتفاصيل هذه المقترحات ضمن ما يسمى بصفقة القرن لا تزال مبهمة، والولايات المتحدة لم تقدمها بعد للرأي العام، سواء العالمي أو الأميركي الداخلي أو الشرق أوسطي أو الفلسطيني، ونحن ننطلق من ضرورة تنفيذ خطة «حل الدولتين» وإقامة الدولة الفلسطينية، وقد اقترحنا حينها إجراء مفاوضات مباشرة في موسكو بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والقيادة الفلسطينية، ولكن للأسف لم تجر هذه المفاوضات، نحن نقوم بكل شيء، لقد أجرينا عدة جلسات وعدة لقاءات بين مختلف المجموعات الفلسطينية. ونعتبر أن العامل المهم في ذلك سيكون إعادة الوحدة الفلسطينية، لأن التحدث من مواقف مختلفة يضعف الموقف الفلسطيني العام. نحن نعمل على هذه المسألة. وهذا لا يعني أبداً أننا خرجنا من هذه العملية وأنها لا تهمنا. إنها تهمنا جداً، وقبل أي شيء، لأننا نعتبر أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بمثابة مفتاح لحل الكثير من مشاكل المنطقة. وهذا النزاع، وإلى حين حله، يعتبر مصدراً للراديكالية والإرهاب. ذلك لأنه عندما يشعر الناس بأنهم لا يملكون سبلاً شرعية لحماية حقوقهم سيلجأون لحمل السلاح. وفي هذا المعنى، أعتقد بأن الحل النهائي والحل طويل الأمد لهذا النزاع يهم ليس فلسطين وحدها وإنما الشعب الإسرائيلي أيضاً.
*  كيف يتعامل الرئيس بوتين مع المخاوف الدولية من عودة الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو، وهل بدأ العالم بالفعل سباق تسلح جديد رغم المواقف الإيجابية التي سبقت وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض؟
- كلنا نعرف ماذا وكيف يتحدث رئيس الولايات المتحدة، السيد ترمب، عن العلاقات الروسية الأميركية. نحن نعلم أنه خلال الحملة الانتخابية السابقة تحدث عن تأييده لتطبيع العلاقات، وللأسف لم يحدث ذلك بعد. لكننا لسنا هنا بصدد توجيه اللوم، لأننا نرى ما يحدث في الحياة السياسية الداخلية للولايات المتحدة. والأجندة السياسية الداخلية لا تسمح للرئيس الحالي باتخاذ خطوات لتحسين العلاقات الروسية الأميركية بشكل جذري. على أي حال سنعمل مع أي إدارة بقدر ما تريد هي ذاتها.
بالطبع، لكن لا يمكن ألا نكون قلقين إزاء الوضع المتعلق بمسألة الاستقرار الاستراتيجي والأمن الدوليين. وهذا شيء واضح تماماً.
في عام 2002 (لم يكن لترمب أي علاقة بذلك) انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة الدفاع الصاروخي، والتي، أود التأكيد على ذلك مرة أخرى، كانت حجر الزاوية في نظام الأمن الاستراتيجي في العالم بأكمله، لأنها كانت تحد من إمكانيات إنشاء الدفاع الصاروخي لكلا الدولتين. وأقصد هنا، ما الفائدة من ذلك؟ الفائدة في ألا يتوهم أي من الطرفين أنه قادر على الفوز والانتصار في حرب نووية. وهذا هو بيت القصيد. لقد انسحبوا من هذا الاتفاق سعياً لتأمين تفوق ومزايا استراتيجية واضحة لأنفسهم، معتقدين أنه سيكون لديهم مثل هذه المظلة، في حين أن روسيا لن يكون لديها نظيرها. وبالتالي، ستكون روسيا معرضة للخطر وضعيفة للغاية، بينما ستحصل الولايات المتحدة وأراضيها على غطاء في شكل نظام الدفاع الصاروخي (الدرع الصاروخي).
في ذلك الحين أخبرت زملاءنا الأميركيين أننا ما زلنا لا نعرف كيف سيعمل هذا النظام، ولن ننفق عشرات المليارات على ذلك، لكن سيتعين علينا الحفاظ على التوازن الاستراتيجي، وهذا يعني أننا سنعمل على تصنيع أنظمة هجومية، تكون، بالطبع، قادرة على التغلب على أي نظام دفاع صاروخي، لقد نجحنا في ذلك، والآن أصبح الأمر واضحاً بالفعل، يعمل نظام الدفاع الصاروخي ضد الصواريخ الباليستية، أي الصواريخ التي تحلق في المسار الباليستي. ونحن، بالإضافة إلى تحسيننا هذه الصواريخ عدة مرات، صنعنا أسلحة أخرى لا يملكها أحد آخر في العالم، وهي أنظمة الصواريخ التي لا تحلق في المسارات الباليستية، بل في المسارات المسطحة، ولكن بسرعة فرط صوتية. لا أحد سوانا لديه أسلحة فرط صوتية كتلك سوانا. لكنها بالطبع ستظهر لدى الجيوش الرائدة في العالم عاجلاً أم آجلاً، وهذا شيء أكيد. لكن عندما سيحدث ذلك، سوف يظهر لدينا شيء جديد. وأنا أعرف بالفعل ما الذي يعمل عليه علماؤنا ومصممونا ومهندسونا الآن. للأسف كل ذلك أدى بطريقة أو بأخرى إلى سباق تسلح معين، هذا أمر واقع. للأسف، هذا صحيح.
والآن، انسحبت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، وهذه أيضاً، في رأيي، خطوة خاطئة، كان من الممكن اتخاذها بطريقة مختلفة. في الواقع، مخاوف الولايات المتحدة، بالمناسبة، مفهومة بالنسبة لنا. وأنا أتفهم ذلك. فهناك بلدان أخرى تعمل على تطوير هذه الأنواع من الأسلحة، في حين وضعت روسيا والولايات المتحدة على نفسها قيوداً في هذا المجال. لكن مع ذلك، في رأيي، لا يزال الأمر لا يستحق خرق الاتفاق، إذ كانت هناك بدائل أخرى متاحة لتطور هذا الوضع.
الآن عملياً يتبقى لدينا الأداة الأخيرة للحد من سباق التسلح، وأقصد سباق التسلح الجاد الخطير، وهي معاهدة «ستارت 3». أي معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، التي تشمل جميع هذه الأسلحة، بمعنى الثالوث النووي بالكامل: أنظمة الصواريخ التي تُطلق من البر والبحر والجو. ينتهي سريان المعاهدة في عام 2021. ولكي يتم تمديدها، نحتاج إلى العمل الآن مباشرة. نحن قدمنا مقترحاتنا في هذا الشأن، وهي مطروحة على الطاولة أمام الإدارة الأميركية. لكن لا يوجد رد. نحن نتفهم أنهم لم يقرروا بعد ما إذا كان من الضروري تمديد هذه المعاهدة من عدمه. لكن إذا تم التخلص من هذه المعاهدة أيضاً، فلن يبقى شيء في العالم ينظم مسألة الحد من الأسلحة الهجومية، وهذا أمر سيئ. فالوضع في العالم سيصبح مختلفاً. سيكون بالتأكيد أكثر خطورة، وسيصبح العالم ذاته حينها أكثر خطورة وأقل قابلية للتنبؤ به مقارنة بالعالم الذي نعيش فيه الآن.
* هل يمكن فهم إجابة الرئيس بوتين بأن حرب التسلح قد عادت بالفعل؟ وأننا أصبحنا في حرب باردة أم على وشك، ربما؟
- لا نود أن يحدث ذلك. لكن على أي حال، سيؤثر هذا على روسيا في الحد الأدنى، لأن لدينا، كما سبق وذكرت، أنواعاً واعدة من الأسلحة التي تعتبر حصرية بالمطلق، وليس لها مثيل لدى أحد في العالم. فنحن قد قطعنا شوطاً كبيراً في طريقنا، بهذا المعنى، بالفعل. والآن نحن نفكر في الآفاق القادمة، ونعمل بهدوء.
والأهم من ذلك، ما ينفق على الدفاع. لن أذيع هنا أي سر، أو ربما سأفاجئكم، إذا قلت إن روسيا تحتل المرتبة السابعة في العالم من حيث الإنفاق العسكري، في حين تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة. بحسب علمي، الولايات المتحدة تنفق سنوياً 716 مليار دولار، وقد طلبوا هناك زيادة هذا الرقم العام المقبل إلى 750. تأتي بعدها الصين بنحو 177 مليار وكسور، ثم المملكة العربية السعودية، ولا أعرف على وجه الدقة كم المبلغ، حسب ما أتذكر يبلغ إنفاقكم 59 ملياراً، ثم بريطانيا وفرنسا واليابان، والتي يبلغ الإنفاق لدى كل منها 48.1 مليار وفقاً للبيانات المتوفرة لدينا، ثم تأتي روسيا بعد ذلك فقط في المركز السابع بـ48 مليار دولار. لكن مع ذلك، لدينا في الوقت ذاته أسلحة لا مثيل لها في العالم.
وهذه هي نتيجة ماذا؟ هي نتيجة العمل المركّز في المجالات الأكثر أهمية (علينا هنا أن نثني على خبرائنا ومتخصصينا)، وهي القدرة على تحديد هذه المجالات، وتركيز الموارد فيها، وفي المقام الأول وجود المدارس بوجه عام، والمدارس العلمية ومدارس الإنتاج والمعارف الأساسية والكفاءات.
لذلك، أقول إن سباق التسلح هو شيء سيئ، وهو لا يبشر بالخير بالنسبة للعالم، لكننا لن ننجر أو نتورط في نفقات باهظة بالنسبة لميزانيتنا.
* رغم ذلك حلف شمال الأطلسي أصبح أكثر اتساعاً. هل تشعرون بالتهديد؟ وكيف سيكون الرد الروسي؟
- بالطبع نشعر بهذا التهديد. وكنا دائماً نشعر به، وتحدثنا عن ذلك باستمرار. وكانوا يجيبوننا طوال الوقت: «لا تخافوا، فهذا ليس ضدكم، ولا وجود لأي تخوف هنا، لأن الـ(ناتو) يتحول وهو لم يعد منظمة عسكرية ولا يحمل صفة عدوانية» وما إلى ذلك، ولكن لم يغير ميثاق الـ«ناتو». فهناك مادة فيه تتحدث (لا أذكر، المادة الخامسة، أو غيرها، يمكن أن أخطئ) عن الدعم العسكري لأعضاء منظمتهم وغيرها من المسائل، إنه حلف عسكري، وبالطبع عندما تقترب البنى التحتية لحلف عسكري من حدودنا فهذا لا يولد لدينا أي سرور.
وأين تكمن الخدعة هنا؟ إنها تكمن في أن الـ«ناتو» مجرد أداة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وأظن أنه لم يعد لدى أي أحد شك في ذلك، ففي أوروبا يتحدثون عن ذلك. اسمعوا ما يقوله الرئيس الفرنسي، ولا أحتاج أن أضيف على ذلك أي شيء. وما الخدعة الأخرى التي نلاحظها؟ تدخل الدول في الـ«ناتو»، وبعدها لا يسألها أحد عندما ينشرون أنواعاً محددة من أسلحتهم فيها. وهكذا ظهرت عناصر منظومة الدفاع الصاروخي في رومانيا. وقريباً ستنشر في بولندا. وهذا قريب جداً من حدودنا. وبالطبع يشكل ذلك تهديداً بالنسبة لنا، لأنها تعتبر محاولة للحد من قدرتنا النووية الاستراتيجية. ولكن أصبح واضحاً أن هذه المحاولة ستفشل حتماً، وأظن أن ذلك أصبح واضحاً للمختصين أيضاً، فامتلاك مثل هذه المنظومات التي تحدثت عنها لتوي (ولن أذكر قدراتها الآن) لا يشكل تهديداً لنا، ومع ذلك فالأمر ليس بالجيد. لذا، نعم، نحن نشعر بأن هذا النشاط التخريبي يزعزع الأوضاع ولا شيء جيد في ذلك.



وزير المالية السعودي: أزمات العالم تؤثر على اقتصاده


مديرة صندوق النقد الدولي والجدعان خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك في واشنطن (أ.ف.ب)
مديرة صندوق النقد الدولي والجدعان خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

وزير المالية السعودي: أزمات العالم تؤثر على اقتصاده


مديرة صندوق النقد الدولي والجدعان خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك في واشنطن (أ.ف.ب)
مديرة صندوق النقد الدولي والجدعان خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك في واشنطن (أ.ف.ب)

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، رئيس اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية التابعة لصندوق النقد الدولي، إن الحرب في أوكرانيا والأزمة في غزة وعرقلة الشحن في البحر الأحمر لها تداعيات على الاقتصاد العالمي.

كلام الجدعان جاء في خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، بعد انتهاء الاجتماع الـ49 للجنة التي يترأسها وزير المالية السعودي لمدة 3 سنوات.

وأفاد الجدعان بأنه «بينما يدرك أعضاء اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية أنها ليست المنتدى لحل القضايا الجيوسياسية والأمنية، وستتم مناقشة هذه القضايا في محافل أخرى، فإن أعضاء اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية أقروا بأن هذه المواقف لها تأثيرات كبيرة على الاقتصاد العالمي»، مشدداً على أن العصر الحالي «لا ينبغي أن يكون عصر الحروب والصراعات».

ولفت إلى أن «آفاق الاقتصاد العالمي تتحسن وهو أمر إيجابي للغاية، ولكن لا تزال هناك تحديات عديدة وعلينا أن نكون يقظين ومستعدين لمواجهتها». وأوضح أن الهبوط الناعم للاقتصاد العالمي يبدو أنه يقترب، حيث أثبت النشاط الاقتصادي أنه أكثر مرونة مما كان متوقعاً في أجزاء كثيرة من العالم، على الرغم من أنه لا يزال متبايناً بين البلدان.


«الاتحاد للطيران» الإماراتية: الرحلات عادت إلى طبيعتها

طائرة «بوينغ 737 ماكس» تحمل شعار «فلاي دبي» متوقفة في منشأة إنتاج «بوينغ» في رينتون بواشنطن - 11 مارس 2019 (رويترز)
طائرة «بوينغ 737 ماكس» تحمل شعار «فلاي دبي» متوقفة في منشأة إنتاج «بوينغ» في رينتون بواشنطن - 11 مارس 2019 (رويترز)
TT

«الاتحاد للطيران» الإماراتية: الرحلات عادت إلى طبيعتها

طائرة «بوينغ 737 ماكس» تحمل شعار «فلاي دبي» متوقفة في منشأة إنتاج «بوينغ» في رينتون بواشنطن - 11 مارس 2019 (رويترز)
طائرة «بوينغ 737 ماكس» تحمل شعار «فلاي دبي» متوقفة في منشأة إنتاج «بوينغ» في رينتون بواشنطن - 11 مارس 2019 (رويترز)

قالت «الاتحاد للطيران»، ومقرها أبوظبي، لوكالة الأنباء الرسمية، اليوم (الجمعة)، إن عمليات الرحلات عادت إلى طبيعتها بعد الظروف الجوية القاسية التي شهدتها الإمارات في الأيام القليلة الماضية.

ودخلت دبي على خط الأزمة متأثرة بهطول غزير للأمطار، بعد أن سبقتها سلطنة عمان، ما أدى إلى فيضانات وسيول، ودفع إلى العمل والدراسة من بُعد، في حين ارتفعت حصيلة القتلى من جراء السيول في سلطنة عمان إلى 18 شخصاً، معظمهم أطفال.

وشهدت السلطنة والإمارات موجة من الطقس السيئ الناجم عن سحب ركامية رعدية على سواحل الخليج العربي تحركت من الغرب إلى الشرق منذ يوم السبت الماضي، مما تسبّب في هطول أمطار غزيرة.

ودعا المركز الوطني للأرصاد في الإمارات قبل أيام «إلى توخي الحيطة والحذر أثناء قيادة المركبات، والابتعاد عن مناطق جريان الأودية وتجمعات المياه»، وسجلت بعض المناطق الداخلية في البلاد ذات المناخ الصحراوي أكثر من 80 ملم من الأمطار، لتقترب من المعدل السنوي البالغ نحو 100 ملم.


السعودية تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

السعودية تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
TT

السعودية تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

السعودية تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

أعربت وزارة الخارجية السعودية، عن أسف المملكة لفشل مجلس الأمن الدولي في اعتماد مشروع قرار بقبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.

وأكدت الوزارة، أن «إعاقة قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة يسهم في تكريس تعنّت الاحتلال الإسرائيلي واستمرار انتهاكاته لقواعد القانون الدولي دون رادع، ولن يقرّب من السلام المنشود».

وجددت الخارجية السعودية مطالبة المملكة باضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه «وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيّين في قطاع غزة، ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة».


عبد الله بن زايد يبحث مع وزير الخارجية الإيراني تطورات المنطقة

الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي
الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي
TT

عبد الله بن زايد يبحث مع وزير الخارجية الإيراني تطورات المنطقة

الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي
الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي

بحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، في اتصال هاتفي مع حسين أمير عبداللهيان وزير خارجية إيران، التطورات الخطيرة الراهنة في المنطقة وتداعياتها على الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

وأكد وزير الخارجية الإماراتي أهمية التحلي بأقصى درجات ضبط النفس والعمل من أجل منع اتساع دائرة التوتر في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن تغليب الدبلوماسية والحوار هو السبيل لحلّ الخلافات وضمان أمن المنطقة وسلامة شعوبها.

كما أكد الشيخ عبد الله بن زايد أن السلام والازدهار والتنمية هو ما يجب أن تحظى به وتستحقه دول المنطقة.

كما بحث الطرفان العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الجارين والمنطقة.


خادم الحرمين يتلقى رسالة من ملك البحرين

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس) - العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى (بنا)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس) - العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى (بنا)
TT

خادم الحرمين يتلقى رسالة من ملك البحرين

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس) - العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى (بنا)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس) - العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى (بنا)

تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، رسالة خطية، من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين.

تسلم الرسالة نيابة عن الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية، الدكتور عبد الرحمن الرسي وكيل الوزارة للشؤون الدولية المتعددة، لدى استقباله في الرياض، الخميس، الشيخ علي بن عبد الرحمن آل خليفة السفير البحريني لدى السعودية.

وكيل وزارة الخارجية السعودية للشؤون الدولية المتعددة يتسلم الرسالة من السفير البحريني (واس)

واستعرض الجانبان خلال الاستقبال العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها وتطويرها في المجالات كافة، وناقشا الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.


وزير الخارجية السعودي يبحث تطورات غزة مع نظيريه الإسباني والبلجيكية

الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي (واس)
الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي (واس)
TT

وزير الخارجية السعودي يبحث تطورات غزة مع نظيريه الإسباني والبلجيكية

الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي (واس)
الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي (واس)

ناقش الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، خلال اتصالين هاتفيين، الخميس، مع نظيريه الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، والبلجيكية حاجة لحبيب، مستجدات المنطقة، وفي مقدمتها التطورات بقطاع غزة ومحيطها والجهود المبذولة بشأنها.

من جانب آخر، استقبل الأمير فيصل بن فرحان، في الرياض، فيليب إيفانوفيتش وزير خارجية الجبل الأسود، واستعرض معه سبل تعزيز وتطوير التعاون بين البلدين بمختلف المجالات، كما ناقشا المستجدات الإقليمية والدولية.

وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان يستقبل فيليب إيفانوفيتش وزير خارجية الجبل الأسود (واس)


السعودية وباكستان لتعزيز العلاقات الأمنية والدفاعية

جانب من وصول مساعد وزير الدفاع السعودي إلى باكستان (وزارة الدفاع الباكستانية)
جانب من وصول مساعد وزير الدفاع السعودي إلى باكستان (وزارة الدفاع الباكستانية)
TT

السعودية وباكستان لتعزيز العلاقات الأمنية والدفاعية

جانب من وصول مساعد وزير الدفاع السعودي إلى باكستان (وزارة الدفاع الباكستانية)
جانب من وصول مساعد وزير الدفاع السعودي إلى باكستان (وزارة الدفاع الباكستانية)

قالت وزارة الدفاع الباكستانية، الأربعاء، في بيان، إن مساعد وزير الدفاع السعودي، طلال العتيبي، وصل إلى باكستان، في زيارة تستغرق يومين؛ لوضع اللمسات النهائية على المشاريع الثنائية المتعلقة بالدفاع.

تأتي زيارة العتيبي في أعقاب زيارة بدأت الاثنين، واستمرت يومين، لوفد سعودي رفيع المستوى إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد، برئاسة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، ومشاركة وزراء من القطاعات الرئيسية؛ بما في ذلك الاستثمار، والمياه والزراعة، والبيئة، والصناعة، والموارد المعدنية، والطاقة، وقطاعات أخرى، التقى خلالها الوفد كبار المسؤولين الباكستانيين.

وقال السفير السعودي في باكستان، نواف المالكي، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الزيارة تأتي «امتداداً للعلاقات الدائمة مع دولة باكستان الشقيقة وهي تأكيد لعمق العلاقات بين البلدين وتطورها بشكل مستمر، ولتعزيز التعاون الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري، ودعم المستثمرين من البلدين لتوسيع أعمالهم التجارية في كل القطاعات».

وتابع أن زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، والوفد المرافق له، «جاءت لاستعراض سبل تعزيز علاقات التعاون المتينة في عدد من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي بين البلدين، بما يسهم في الأمن والسلم الدوليين».

استقبل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الشهر الماضي قائد الجيش الباكستاني (واس)

وزادت وتيرة المشاورات الدفاعية بين السعودية وباكستان مؤخّراً، وتُعد زيارة مساعد وزير الدفاع السعودي إلى باكستان، والمباحثات المنتظر عقدها بين الجانبين، هي المباحثات الرابعة من نوعها خلال أقل من شهر، حيث استقبل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في 20 مارس (آذار) الماضي، قائد الجيش الباكستاني، الفريق أول عاصم منير، خلال زيارة الأخير للسعودية، قبل أن يبدأ الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، زيارةً رسميّة إلى باكستان في 23 من الشهر نفسه.

وخلال تلك الزيارة، أجرى وزير الدفاع السعودي مباحثات مع المسؤولين الباكستانيين، ومنهم قائد الجيش الباكستاني، واستعرض الجانبان «العلاقات الأخوية الراسخة والشراكة الاستراتيجية الدفاعية وفرص تطويرها»، كما منح الرئيس الباكستاني وسام «نيشان باكستان» للضيف السعودي؛ في إشارة للعلاقات التاريخية بين البلدين.

الوفد السعودي التقى الثلاثاء الفريق أول عاصم منير رئيس أركان الجيش الباكستاني (واس)

وجاء ثالث المباحثات، خلال أقل من شهر، في زيارة الوفد السعودي رفيع المستوى إلى باكستان، حيث التقى الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، الثلاثاء، الفريق أول عاصم منير رئيس أركان الجيش الباكستاني في إسلام آباد، وناقشا التعاون الأمني والاستراتيجي بين البلدين، كما استعرض الجانبان سبل تعزيز علاقات التعاون المتينة في عدد من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي بين البلدين، بما يسهم في الأمن والسلم الدوليين، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية «واس».

وتتمتع السعودية وباكستان بعلاقات عسكرية وثيقة على أكثر من صعيد، كما نفذ الجانبان بانتظام مشاريع دفاعية مشتركة، وأجريا سويّاً مناورات دفاعية وتدريبات عسكرية مشتركة، ووفقاً لوسائل إعلام باكستانية، فمن المتوقع أن يجد المجال الأمني والدفاعي نصيبه من الزخم، خلال المرحلة الجارية التي تشهد فيها العلاقات بين الجانبين ازدهاراً في كل مجالات التعاون.


الخليج يحصُر أضرار أعنف منخفض جوّي منذ نصف قرن ويعوِّض المتضرّرين

فرق البحث تكثّف عملياتها للبحث عن مفقودين (اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة)
فرق البحث تكثّف عملياتها للبحث عن مفقودين (اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة)
TT

الخليج يحصُر أضرار أعنف منخفض جوّي منذ نصف قرن ويعوِّض المتضرّرين

فرق البحث تكثّف عملياتها للبحث عن مفقودين (اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة)
فرق البحث تكثّف عملياتها للبحث عن مفقودين (اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة)

أسدلت دول خليجية عدّة الستار على منخفض «المطير» الجوّي الذي شكّل حدثاً استثنائياً في تاريخ المنطقة المناخي، إذ لم تشهد مثيلاً له منذ نحو نصف قرن، وخلَّف خسائر وأضراراً بشرية ومادّية كبيرة خلال اليومين الماضيين.

وبينما أعلنت كلٌّ من سلطنة عُمان، والإمارات، والبحرين، انحسار الظروف المناخية، وانتهاء المنخفض الجوّي، بدأت هذه الدول بفتح الطرق ومسح الأضرار في البنى التحتية والمنشآت العامة والخاصة، وتقديم الدعم اللازم إلى جميع المتضرّرين.

تُواصل دول خليجية مسح الأضرار وتعويض المتضرّرين (وكالة الأنباء العمانية)

وأعلنت «اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة» في عُمان، الخميس، إنهاء تفعيل المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة، والقطاعات، واللجان الفرعية بالمحافظات التي تعرّضت لـ«منخفض المطير»، مشيرةً إلى مواصلة فرق الإنقاذ البحث عن مفقودين بعدما بلغ عدد الضحايا 19 شخصاً، معظمهم من الطلاب.

ومسحت اللجان المشكَّلة في المحافظات أضراراً لحقت بالبنية التحتية والمنشآت العامة والخاصة، فيما تُواصل بلدية محافظة جنوب الباطنة مساعيها لفتح الطرق في جميع الولايات، إلى جانب إزالة مخلّفات الأمطار والأتربة والأشجار، وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها.

تسبَّب المنخفض في سقوط ضحايا (وكالة الأنباء العمانية)

وسجّلت الحالة الجوّية الممطرة في عُمان، والتي صحبتها سيولٌ وعواصف رعدية، أضراراً جسيمة في الممتلكات العامة والخاصة، إذ تراوحت كميات الأمطار بين 302 ملم سجّلتها ولاية محضة، وهي أعلى كمية رُصدت خلال هذ المنخفض، تلتها ولاية ينقل بـ243 ملم، ومن ثَم ولاية لوى بـ240 ملم. كذلك سجّلت ولاية شناص 236 ملم، وولاية إبراء 206 ملم.

دراسة سعودية لرصد «التغيُّر المناخي»

في هذا السياق، أعلن المركز الإقليمي للتغيُّر المناخي في السعودية البدء بدراسة مناخية شاملة للمنخفض الجوّي الذي أثّر في دول مجلس التعاون الخليجي، ومسبّباته، ومعدّلات الأمطار المتطرّفة الناجمة عنه. وأوضح، في بيان، أنه «سيدرس أيضاً دور التغيُّر المناخي، بالتنسيق مع الدول المتأثّرة».

ويتعامل المركز التابع للمركز الوطني السعودي للأرصاد مع التحدّيات المتنامية التي تُواجهها شبه الجزيرة العربية على مستوى التغيُّر المناخي، ويسهم في تطوير المعلومات لتوفير دراسات مناخية على الأصعدة الوطنية والإقليمية والعالمية.

وأوضح المتحدّث الرسمي باسمه حسين القحطاني لـ«الشرق الأوسط» أنّ الأمطار الأخيرة التي شهدتها مدن سعودية وخليجية عدّة، أعلى من المعدّلات المعتادة، مما يتطلّب مزيداً من البحوث لدراسة هذه الحالة، مشيراً إلى إعلان المركز رَصْد عدد من المؤشرات التي ترجِّح تغيّرات مناخية واضحة في المنطقة.

مناخ «أكثر حدّة» في السنوات المقبلة

وأكد القحطاني أنّ مؤشّرات «التغيُّر المناخي» بدت واضحة في مدن سعودية عدّة مثل النماص (الجنوب) التي شهدت هذا العام تساقط البَرَد بكميات أعلى من المعتاد، إضافةً إلى مدن أخرى شهدت الحالة عينها في العام الماضي، مثل الطائف، وبريدة، وخميس مشيط؛ مشيراً إلى إعلان المركز مؤخراً اقتراب منطقة جازان (الجنوب) من المناخ الاستوائي جراء تسجيلها أمطاراً مستمرّة طوال العام، و«هذه الحالة لم تُرصَد من قبل في المنطقة، مما يشير الى تأثير التغيُّر المناخي عليها»، وفق قوله.

كذلك أكد أنّ جميع الدراسات المناخية التي قدّمها المركز الوطني للأرصاد تشير إلى أنّ السعودية ستشهد ظواهر مناخية أكثر حدّة في السنوات المقبلة.

تحذيرات مستمرّة من الفيضانات

في سياق متّصل، نشر علماء في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، العام الماضي، تقريراً عن المناخ المستقبلي، قدّم تحليلاً شاملاً لتغيُّر المناخ وتبعاته على شبه الجزيرة العربية.

وأشار التقرير إلى أنه من الممكن أن يؤدّي التغيُّر المناخي إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة شدّة حالات الجفاف وتواترها، بحيث تؤثّر في الإنتاجَيْن الزراعي والغذائي، ولكن يُتوقَّع أيضاً أن تؤدّي إلى زيادة الفيضانات المفاجِئة مثل تلك التي شهدتها المنطقة هذا الأسبوع.

وعزا العلماء أسباب حدوث الفيضانات أيضاً إلى ارتفاع منسوب مياه البحر التي تُشكّل تهديداً للمدن بأسرها، وليست الساحلية فحسب. وعلى سبيل المثال، كانت الرياض من بين المدن المتضرّرة من الفيضانات الأخيرة، حيث شهدت أكثر من 10 منها خلال الأعوام الثلاثين الماضية.

إلى ذلك، توقّعت النماذج الواردة في التقرير زيادة الحدّ الأقصى السنوي لهطول الأمطار بنسبة 33 في المائة قبل نهاية القرن، في ظلّ سيناريو ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة.

كما أشار التقرير إلى أنّ البنية التحتية في مناطق عدّة حول العالم غير مستعدّة لمثل هذه الظروف المناخية الشديدة، كما هي الحال في شبه الجزيرة العربية؛ وستكون لذلك تبعات كبيرة ليس على مستوى الخسائر البشرية فحسب، بل أيضاً على الصعيد الاقتصادي؛ من تعطُّل الطرق والخدمات، وإلغاء الرحلات الجوية وغيرهما.

وقال د.هيلكي بيك، الأستاذ المساعد في «كاوست»، والمؤلّف المُشارك في هذا التقرير، في بيان نشرته الجامعة: «تعاني منطقة الخليج العربي، على نحو متكرّر، هطول أمطار غزيرة لمدّة قصيرة، مما يؤدّي عادةً إلى تشكُّل فيضانات مفاجِئة تجري بسرعة عبر الأودية في اتجاه البحر أو المحيط»، مضيفاً أنّ التوسُّع العمراني بقيادة النمو السكاني المُتسارع في هذه المنطقة أدّى إلى تغيير مسارات تدفُّق المياه الطبيعية، مما يعوق أحياناً مرور مياه الفيضانات بكفاءة، ومن ثَم يتسبّب في خسائر في الأرواح، وأضرار في البنية التحتية والممتلكات، وإغراق أنظمة الصرف الصحي واحتمال تفشّي الأمراض.

الإمارات... توجيه بتقديم الدعم

بدورها، أعلنت الإمارات انحسار الظروف المناخية التي صاحبت «منخفض المطير»، وأحصت الأضرار التي سبّبها في البنية التحتية. فوجَّه رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد، بدراسة حالة البنية التحتية في مختلف المناطق، وحَصْر الأضرار جراء الأمطار الغزيرة القياسية التي تُعد الأعلى منذ بدء تسجيل البيانات المناخية في عام 1949.

ووجَّه أيضاً بتقديم الدعم اللازم إلى جميع الأُسر المتضرّرة، ونقلها إلى مواقع آمنة بالتعاون مع الجهات المحلّية.

العمليات مستمرّة للبحث عن مفقودين (اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة)

كانت البلاد قد شهدت إغلاق طرق رئيسية بسبب تجمّعات المياه، بالإضافة إلى تسرُّب واسع في عدد من المباني التجارية والسكنية. وتزامناً، سعت جميع الجهات الحكومية إلى المعالجة الفورية لتلك الأضرار، مع توجّهات للعمل على تفادي حدوثها مستقبلاً.

في السياق عينه، أعلنت مطارات دبي إعادة فتح إجراءات السفر للمسافرين المغادرين من المبنى رقم 3 للرحلات التابعة لكلٍّ من شركتَي «طيران الإمارات» و«فلاي دبي».

سجّلت عُمان أرقاماً قياسية في حجم الأمطار (وكالة الأنباء العمانية)

وكانت وزارة الداخلية الإماراتية قد أعلنت انتهاء المنخفض الذي تأثّرت به مختلف مناطق البلاد، بعد انحسار الأمطار وتحسُّن الأحوال الجوّية تدريجياً.

وشهدت الإمارات هطول أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث خلال الأيام الماضية منذ بدء تسجيل البيانات المناخية عام 1949، بينما أكد المركز الوطني للأرصاد أنّ الكميات القياسية للأمطار خلال يومَي الاثنين والثلاثاء الماضيين تُعدّ حدثاً استثنائياً في التاريخ المناخي للبلاد.

البحرين... تحرُّك فوري

وفي البحرين، دعا ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد، وزارات شؤون البلديات، والزراعة، والأشغال، إلى حصر الأضرار الناتجة عن تجمع مياه الأمطار وتعويض المتضرّرين، وحَصْر المناطق التي شهدت تجمّعاً للأمطار وإخضاعها لبرامج التطوير على صعيد البنية التحتية وشبكات التصريف، وضمان أن تكون بالمعايير والكفاءة اللازمة للاستجابة لمختلف الظروف.

تكثيف الجهود لإزالة الصخور وفتح الطرق في عمان (العمانية)

اليمن... لتكثيف عمل الطوارئ

وفي إطار مواجهة تداعيات المنخفض الجوّي، اطّلع رئيس الوزراء اليمني د.أحمد عوض بن مبارك، من قيادة السلطة المحلّية بمحافظة حضرموت، على تقرير أوّلي حول الأضرار وتأثُّر جميع مديريات المحافظة بها، حيث توفّي مواطن. كذلك شملت الممتلكات والأراضي الزراعية والطرق والكهرباء والمياه.

فرق الإنقاذ العمانية تُواصل فتح الطرق في المناطق المتضرّرة (وكالة الأنباء العمانية)

ودعا بن مبارك إلى تكثيف عمل لجنة الطوارئ بالمحافظة، وفرق الطوارئ والإنقاذ بالمديريات، وغرف العمليات، بما يسهم في حفظ الأرواح والممتلكات، مؤكداً على دعم الحكومة الكامل لجهود السلطة المحلّية في إجراءات الحدّ من الأضرار، وأهمية العمل على تصريف سيول الأمطار، وعودة الخدمات، وإصلاح الطرق.

بدورها، أطلقت هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية، فرع حضرموت، تحذيرات عاجلة للمواطنين في مساكن قريبة من الجبال والشعاب الجبلية في مدينة المكلا، لاحتمال حدوث انهيارات صخرية على مجاري تدفُّق مياه السيول والأمطار.


قطر تجري تقييماً شاملاً لوساطتها بعد «توظيفها لمصالح سياسية»

رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني (متداولة)
رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني (متداولة)
TT

قطر تجري تقييماً شاملاً لوساطتها بعد «توظيفها لمصالح سياسية»

رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني (متداولة)
رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني (متداولة)

قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اليوم (الأربعاء)، إن هناك ما سمّاه توظيفاً للوساطة التي تقوم بها بلاده بين إسرائيل وحركة «حماس»، «لمصالح سياسية ضيقة»، وإن هذا دعا قطر إلى عملية تقييم شامل لدور الوساطة هذا.

وذكر رئيس الوزراء القطري أن مرحلة تقييم الوساطة الحالية تشمل تقييم كيفية انخراط الأطراف فيها «لأن هناك استغلالاً وإساءة مرفوضة»، وفق ما نقلته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأضاف: «هناك مزايدات سياسية من بعض السياسيين من أجل حملاتهم الانتخابية من خلال الإساءة لدور قطر».

وبينما أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التزام قطر بدورها، فقد قال إن «هناك حدوداً لهذا الدور والقدرة التي نستطيع أن نسهم بها في هذه المفاوضات بشكل بنَّاء».


فيصل بن فرحان وبوريل يبحثان التصعيد في المنطقة

الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)
الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)
TT

فيصل بن فرحان وبوريل يبحثان التصعيد في المنطقة

الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)
الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، الأربعاء، مع جوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، التصعيد الأخير في المنطقة، وأهمية التنسيق المشترك وبذل الجهود لخفضه.

واستعرض الجانبان خلال اتصال هاتفي تلقاه الأمير فيصل من بوريل، تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومحيطها.