في ساعة مبكرة من صباح أمس الثلاثاء، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو لمؤيديه في مونتريال: «لقد فعلتموها أصدقائي. تهانينا»، في حين كان منافسوه الرئيسيون يقرون بالهزيمة بعد إعلان نتيجة الانتخابات التشريعية الكندية وفوز حزبه الليبرالي بعد معركة انتخابية شهدت منافسة شديدة، لكن سلطته ستتشكل من حكومة أقلية تحتاج دعما في البرلمان من حزب أصغر يميل إلى اليسار. وقال ترودو أمام مناصريه الذين تجمعوا في وسط مونتريال «هذا المساء، رفض الكنديون الانقسام (...) رفضوا خفضا (في الضرائب) والتقشف وصوّتوا لصالح برنامج تقدّمي وخطوة قوية ضد التغيّر المناخي». وتزامنا، أقرّ خصمه المحافظ أندرو شير بالخسارة وهنّأ رئيس الوزراء لكنه اعتبر أن «قيادته متضررة ووقته في الحكومة سينتهي قريباً» مضيفا: «عندما تأتي هذه اللحظة، سيكون المحافظون مستعدين». ويقدّر الخبراء معدّل عمر حكومات الأقلية في كندا بين 18 و24 شهراً.
وقال ميشال ميسرس المقيم في مونتريال إنه اقترع للمعسكر الليبرالي لكن عن غير قناعة.
وأوضح «فضّلت أن أقترع لتجنّب قيام حكومة أقلية»، مؤكدا أنه يميل لليسار، موضحا «لا أحبّذ تولي المحافظين السلطة». في المقابل قال موراي لاتزر المقيم في ريجينا، معقل شير، إنه اقترع للمحافظين. وأوضح «لا أريد أن يهيمن الليبراليون لأربع سنوات إضافية».
في حال تشكيل حكومة أقلية، ينبغي على رئيس الوزراء إن كان ليبرالياً أو محافظاً، أن يعتمد على دعم أصغر الأحزاب للحصول على أكثرية في مجلس العموم.
وكانت استطلاعات رأي قبل الانتخابات أظهرت منافسة شرسة بين ترودو ومنافسه الرئيسي زعيم المحافظين أندرو شير. وفي إشارة إلى ترودو، قال شير في مدينة ريجينا: «الليلة أوصلنا إليه إشعارا... زعامته تضررت وحكومته ستنتهي قريبا. وحينئذ سنكون مستعدين وسنفوز». وأضاف شير (40 عاما) الذي فاز حزبه بعدد 122 مقعدا «نحن الحكومة المنتظرة».
وتراجع التأييد الشعبي لترودو الذي تولى السلطة عام 2015 بعد ظهوره في صور قديمة بوجه أسود وبسبب تعامله مع قضية فساد لإحدى الشركات، وسيكون عليه الآن الاعتماد على الحزب الديمقراطي الجديد لتمرير التشريعات الرئيسية. ووفقا لهيئة الانتخابات الاتحادية الكندية، حصل الحزب الليبرالي على 156 من إجمالي 338 مقعدا في البرلمان، وهذا أقل بكثير من العدد الذي احتاجه الليبراليون لتشكيل ثاني حكومة أغلبية على التوالي وهو عدد 170 مقعدا على الأقل. وعلى الرغم من فوز الحزب الديمقراطي الجديد بعدد 24 مقعدا فقط، وهو عدد أقل بكثير من 44 مقعدا التي فاز بها في انتخابات عام 2015 فإنه ربما يمارس نفوذا كبيرا في حكومة ترودو المقبلة. وقال رئيسه جاجميت سينغ إنه تحدث مع ترودو وأبلغه بأن حزبه «سيبذل قصارى جهده لضمان تحقيق أولويات الكنديين». وحلّ في المرتبة الثالثة في الانتخابات، بحسب التقديرات، انفصاليو كيبيك بحصولهم على 33 مقعداً. ولا يقدّم هذا الحزب مرشحين إلا في المقاطعة الناطقة بالفرنسية التي تمثّل لوحدها قرابة ربع النواب (78 مقعداً) في البرلمان الكندي، حيث يمكن أن يضع حزب الكتلة عقبات أمام الليبراليين. وأشاد زعيم حزب «كتلة كيبيك» إيف فرنسوا بلانشي بالنتيجة الجيدة التي حققها. ويُتوقع أن يكون قد سجّل نتيجة ثلاث مرات أعلى من النتيجة التي حققها عام 2015 وأن يتعادل مع الليبراليين. وأكد بلانشي أنه منفتح على تعاون محدود مع حكومة ترودو الجديدة شرط الحفاظ على مصالح كيبيك. وقال أمام مناصرين له: «باستطاعة الكتلة التعاون، بجدارة، مع أي حكومة. إذا كان الاقتراح جيّدا لكيبيك، فيمكنكم الاعتماد علينا». يليهم الحزب الديمقراطي الجديد (يسار) الذي حصل على 20 مقعداً. ونشرت هذه التقديرات فور إغلاق مكاتب الاقتراع في عموم أنحاء البلاد التي تغطّي ست مناطق زمنية مختلفة.
وقبل إعلان نتائج الفرز الرسمي، قالت إليزابيث ماي، زعيمة حزب الخضر، لصحيفة «غلوبال نيوز» الكندية إنها تأمل أن يلعب حزبها دورا مهما في حكومة الأقلية. وأضافت: «في الواقع علينا أن نفعل ما هو مطلوب وآمل أن يكون لدينا عدد كاف من المقاعد لتتمكن أي حكومة يتم تشكيلها من القيام بما هو مطلوب».
واعتباراً من الثلاثاء، باستطاعة الزعيم الليبرالي بدء محادثات حساسة بهدف التوصل إلى اتفاقات أثناء عمليات التصويت في مجلس العموم. وقال المحلل السياسي في جامعة كيبيك في مونتريال هيوغو سير: «على الأرجح سيكون التقارب بين الليبراليين والحزب الديمقراطي الجديد أسهل من (تقارب) مع كتلة كيبيك». وأضاف في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية «إذا قام الحزب الليبرالي بالتنازلات التي ينتظرها الحزب الديمقراطي الجديد، فيمكن أن يكون (الائتلاف) متيناً، وباستطاعتنا تصور أنه سيستمرّ 18 إلى 24 شهراً على الأقل». وتدارك «لكن من المؤكد أنه سيترتب على الحزب الليبرالي أن يكون أكثر اعتدالاً». وينبغي على ترودو بعدها تشكيل حكومة جديدة وإعداد برنامجه التشريعي، ثمّ إخضاعه لتصويت البرلمان الجديد، الذي سيكون بمثابة تصويت ثقة بحكومة الأقلية.