مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

أعمى البصيرة يتحدث

هناك تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية، يؤكد مقتل أكثر من 1,2 مليون شخص سنوياً، بسبب حوادث السيارات في جميع أنحاء العالم، أي قتيل كل 25 ثانية.
لهذا استُحدثت الغرامات المالية للمخالفين، غير أن هناك عقوبات مبتكرة أعجبتني، وأتمنى أن نتأملها على سبيل التجربة، ففي إحدى الولايات الهندية مثلاً، يعاقبون سائقي السيارات المخالفين بإجبارهم على العمل كرجال مرور خلال مدة معينة، لجعلهم يشعرون بالصعوبة التي يواجهها رجال المرور لتنظيم الفوضى في الشوارع.
والطريقة التي دخلت مزاجي وأعجبتني أكثر، هي الطريقة الرائعة التي تفتقت عنها قريحة حاكم مدينة في ليتوانيا، فهو عندما يشاهد سائقاً أوقف سيارته بشكل خاطئ، سرعان ما يمتطي الحاكم مدرعة ثقيلة ويهرس السيارة هرساً أمام المشاهدين.
ونماذج المخالفات كثيرة وبعضها قد لا يخطر على البال، مثل تلك المرأة الأميركية التي أوقفوها وغرّموها لا بسبب سرعتها ولكن بسبب بطئها الشديد في القيادة، ومثل هذه المرأة الكثير من السائقين وهم الذين يرفعون ضغطي، وتمنيت لو أصدم كل واحد منهم من الخلف، ولولا خوفي من الله ثم من الشرطة لفعلت ذلك من دون أي تردد.
والمخالفات ليست مقتصرة على المواطنين العاديين فقط، ولكن قد يقع فيها أيضاً علية القوم، مثلما سجلت إدارة السير بالأردن 67 مخالفة مرورية على وزراء في الحكومة بمن فيهم رئيس الوزراء نفسه.
ولا يخلو الموضوع أيضاً من أخطاء رجال المرور، مثل ذلك الخطأ الذي حصل في السعودية بحق رجل كفيف وصل إليه إشعار بتسديده مخالفة مرورية، وانتبهوا بعد ذلك إلى أن الرجل لا يمكن أن يقود سيارة، كما أنه لا يمتلك سيارة أصلاً، ومن حسن الطالع أو سوئه أن اسمه مثل اسمي «مشعل»، ولا نختلف إلاّ باللقب، أما بالعمى فكلانا أعمى، هو أعمى بصر وأنا أعمى بصيرة.
وفي حادثة غريبة من نوعها، حصل سائق روسي على 300 مخالفة سير في غضون 6 أشهر، تقدَّر قيمتها بنحو 23 ألف دولار.
أما المخالفة التي لا تُغتفر فقد ارتكبتها في مكة المكرمة امرأة اسمها خلود، إذ عندما تأكدت من شخير زوجها النائم أخذت مفاتيح سيارته «الكرولا»، وذهبت تفحّط بها «خمسات» في أحد الشوارع، وأوقفوها بعد جهد جهيد قبل أن تقع كارثة.
وما أبعدها عن تلك المرأة من جنوب أفريقيا واسمها هايزل سوما وعمرها 85 عاماً، عندما كرّمها وزير النقل لأنها طوال قيادتها لمدة 62 سنة، لم ترتكب مخالفة واحدة.
بقيت كلمة أخيرة أقولها: تعلموا منها يا غجر.