طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

ولماذا الجدل على صورة عادل إمام

يمتلئ الـ«سوشيال ميديا» بالعديد من التجاوزات، وعلينا أن نتعايش معها، حتى لا نبدد طاقتنا فيما لا طائل من ورائه، ما استوقفني مؤخراً تكرار نشر صورة لعادل إمام أثناء استكماله تصوير مسلسل «فالنتينو»، الذي تأجل عرضه لرمضان 2020.
ما يكتبونه بعد نشر الصورة، أن ملامح عادل تثير الجدل؟ طبعاً يقصدون أن الزمن ترك بصمته، وهل يوجد إنسان قادر على قهر أثر السنين، كلنا ننتظر تلك البصمة ونتصالح معها، فلا يمكن لأحد الهروب منها، ربما باستثناءات محدودة جداً، مثل عمرو دياب الذي يعتبر من الحالات القليلة، الذي نكتشف أنه كلما مر عام من عمره يخصم من تاريخ ميلاده عامين!
عمرو لا أظنه يجري أي عمليات تجميل أو يلجأ لحقن «البوتوكس» وغيرها، ولكنه يحافظ على لياقته البدنية، ولديه على الأقل ساعتان يقضيهما يومياً في «الجيم»، عمرو هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، أن للزمن قانونه، التجاعيد والترهل ووجود كرش أو لغد لم يعد يثير اندهاش أحد.
على منصات التواصل الاجتماعي لا تزال الدهشة قائمة، تجد مثلاً من يقول لك انظر ماذا فعل الزمن بتلك النجمة التي كانت ملكة متوجة للجمال في زمانها.
لا أرى أبداً أي مشكلة أن يواجه الفنان الجمهور، في كل مراحله العمرية، ولا أتحمس على الإطلاق لفكرة إخفاء الملامح، التي صارت تُشكل مأزقاً لدى البعض، شادية مثلاً لم تكن ترحب أبداً آخر ثلاثين عاماً من عمرها بتصويرها، هند رستم ابتعدت في نفس المرحلة العمرية، وآخر حوار أجراه معها الإعلامي محمود سعد حرصت على أن تظل هناك مسافة بينها وبين الكاميرا. قالوا عن ليلى مراد إنها قررت أن تبتعد عن السينما حتى تظل محتفظة بملامحها على الشاشة، لم يكن هذا صحيحاً، تكتشف عندما تقرأ شذرات من مذكراتها، أنها كانت تتمنى العودة للتمثيل، ولكنهم مع الأسف في الوسط الفني لم يمكنوها من الوقوف مجدداً أمام الكاميرا، منذ منتصف خمسينات القرن الماضي، وكانت فقط في الخامسة والثلاثين من عمرها.
لدينا مثلاً نادية لطفي في السنوات الأخيرة صارت موجودة في المستشفى العسكري بالمعادي، تتلقى العلاج، ولا تتوقف عن العطاء الاجتماعي، وتحرص مهما كانت حالتها الصحية على زيارة المرضى في المستشفى من المدنيين والعسكريين، وأيضاً تشارك زملاءها في كل الاحتفالات، وترحب بوجود الكاميرات الفوتوغرافية والتلفزيونية.
عادل إمام لا يلجأ أبداً لاستخدام مشرط جراح لإزالة تجعيدة أو حتى لتخفيف أثر السنين، يقف على شاطئ الثمانين، حريص على الوجود في الدائرة الفنية، مؤكد حالته الجسدية لا تسمح له سوى بعمل واحد فقط في العام، ولم يعد مثلاً قادراً على الوقوف على خشبة المسرح، كما أنه ابتعد عن السينما نحو 10 سنوات، وصارت طاقته موجهة فقط للتلفزيون، ولم يعد مثل الماضي يحتل كل المساحة الزمنية على الشاشة، بل صار يسمح بمساحات درامية موازية للأدوار الرئيسية المشاركة له.
لا أتصور أن عادل إمام سوف يطلب مثل فاتن حمامة في آخر أعمالها الفنية، استخدام مرشح أثناء التصوير لتخفيف التجاعيد، هو لا يخشى مواجهة الناس، والناس تتابعه بشغف، منذ انطلاقه في مطلع العشرينات من عمره وهو يردد في مسرحية «أنا وهو وهي» الإفيه الشهير «بلد شهادات صحيح»، حتى أصبح بمجهوده وموهبته وحب الجماهير العربية صاحب أهم شهادة فنية!