زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

لوحة الملك مرنبتاح

هذه اللوحة يطلق عليها اسم «لوحة النصر»، ويطلق عليها البعض اسم «لوحة إسرائيل»، وقد عرفت بالاسم الآخر وذلك لوجود اسم «إسرائيل» عليها، رغم أن هناك بعض العلماء الذين يعترضون على وجود هذا الاسم على اللوحة، ولكن هذه القراءة جاءت من خلال كثير من علماء اللغة المصرية القديمة. وهذه اللوحة من الجرانيت الأسود، والنص المنقوش على اللوحة للملك مرنبتاح ابن الملك رمسيس الثاني من ملوك الأسرة التاسعة عشرة في الدولة الحديثة.
وجاء ضمن النص أسماء القبائل والإمارات التي قضى عليها الملك وأخضعها لمصر، ومنه الفقرة التالية: «وأقفر يزريل ولم يعد لهم بذور». وقد ترجم البعض «يزريل» بكلمة «إسرائيل»، ويؤكدون ذلك لوجود التسمية ضمن أسماء القبائل والإمارات الأخرى التي أخضعها الملك، مثل خاتي وكنعان وأشكلون ووخارو، وكلها تشير إلى منطقة سوريا وفلسطين. وهناك احتمال كبير في رأيي؛ هو أن كلمة «يزريل» التي ذكرت على لوحة مرنبتاح لا تخص ترجمتها «إسرائيل»، ولو فرضنا أنها إشارة إلى بني إسرائيل، فستكون هي المرة الأولى التي تذكر فيها «إسرائيل» في المصادر المصرية القديمة، ولكنها ذكرت شعباً بلا مدينة.
وذكرها قد جعل البعض يعتقد أن مرنبتاح هو «فرعون الخروج»، ولكني أعتقد أن ذكرها لا يكون دليلاً على الإطلاق بأن الملك مرنبتاح الذي حكم مصر منذ نحو 3 آلاف عام هو «فرعون الخروج»، فمثل هذه النصوص أصبحت شائعة في عصر الدولة الحديثة؛ عصر التوسع والإمبراطورية التي أخضعت الشرق الأدنى القديم لسلطتها، فأصبح الملوك يتفاخرون في آثارهم بإخضاع كل الشعوب التي يعرفونها بالاسم تحت سلطانهم، وذلك على جدران المعابد واللوحات التذكارية.
وقد حاول العلماء أن ينقبوا في شرق الدلتا بحثاً عن أي أدلة على عملية خروج بني إسرائيل، وللأسف الشديد لم يتوصلوا إلى شيء، رغم معرفتنا بأن مدينة رمسيس الثاني التي تسمى «بر - رعمسو» كانت موجودة في منطقة قنتير بشرق الدلتا. أما الدليل القوي على أن مرنبتاح ليس «فرعون موسى» وأن «فرعون الخروج» لا بد من أن يكون قبل مرنبتاح، فهو وجود أبيات شعرية داخل اللوحة تمجّد الملك مرنبتاح كتبها أحد الشعراء، ويقول فيها: «إننا نعيش في عصر سلام مع الحيثيين، وإن شعب إسرائيل قد أبيدوا وانتهت بذرتهم»، ونحن نعرف أن التمجيد لا يحدث لملك ميت بل لملك حي، ونعرف أن «فرعون موسي» قد غرق في البحر، لذلك فإن «فرعون موسي» لا بد من أن يكون قبل مرنبتاح. ولا يوجد لدينا دليل لغوي أو أثري يشير إلى ذلك الفرعون؛ أي إن كل ما يقال اجتهادات شخصية.